DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

غُرف المعلمات ( 2-2)

غُرف المعلمات ( 2-2)

غُرف المعلمات ( 2-2)
أخبار متعلقة
 
( الغرفة الثالثة ) هي غرفة معلمات مدرسة الحلوة الثانوية التابعة لمحافظة حوطة بني تميم، حيث كنتُ أدرس هناك كمعلمة مغتربة قبل عشرين سنة، وقد كنت منهمكة في تصحيح دفاتر التعبير فاقتربت مني الزميلة فاطمة وشرحت لي بعض تصرفات زوجها الرعناء معها وكيف أنه كان يقسو عليها ثم طلبت مني مساعدتها في شراء زجاجة رضاعة لطفلتها من نوع بيجون وكانت تباع في الصيدليات فقط وهو يمنعها على حدّ تعبيرها من دخول الصيدليات خشية مخالطتها للرجال أو مزاحمتها لهن .. احترمتُ وجهة نظره رغم عدم قناعتي التامة بها وإحساسي بأنه ليس من الواجب على المرأة الحرة أن تختفي عن أنظار أي رجل نزق وتراعي ظروف مرضه النفسي أو الشهواني بالنساء طالما هي محتفظة بضوابط الحشمة والستر ... وصادف يومها إصابة صغيري حسن بنوبة سعال شديدة اضطررت على اثرها الذهاب إلى الصيدلية الواقعة في نفس المجمّع السكني الذي كنت أقيم في إحدى بناياته مع مجموعة من المعلمات، وبينما كنتُ أتفقد الدواء بين مجموعة من أدوية علاج السعال على الرفّ إذ سمعت صوتاً مخيفاً يزمجر خلفي طالباً مني مغادرة المكان بسرعة .. نظرتُ إليه بذهول فلم يكن رجل أمن ولم يكن رجل دين ، بل كان رجلاً عابراً يمارس سلطته الذكورية ويتستر برداء الدين في مكان عام لم يمنع فيه دخول النساء .. كنت عاجزة عن زيارة الطبيب وعاجزة عن ترك السعال يفتك برئة صغيري الذي كانت نظراته تستجدي الراحة والسكون. وبمجرد أن لملمت عباءتي وغادرت استوقفت خطواتي نداءات الصيدلي من نافذة جانبية قائلاً : لقد غادر الرجل المتشدد، حينها عدتُ واشتريت دواء حسن وزجاجة الرضاعة لابنة صديقتي المعلمة، وخرجت وخلفي سيل من اعتذارات الصيدلي الذي رثى لحاجتي وتأسى لألمي ... الخلاصة : المعلمة المغتربة إنسانة مكافحة من أجل لقمة العيش الهانئة ومن أجل مستوى معيشي رفيع يضمن الدعة لأسرتها وأطفالها وحياتها الخاصة وواجب كل مسؤول تذليل الصعوبات وإزالة العراقيل التي تكفل لها إتمام مسيرتها في أي مدينة أو قرية من هذا الوطن دون رجل قد لا يتوافر وجوده كل حين .. ( الغرفة الرابعة ) لم تعترض منى على المناوبة حتى تهددها القائدة بوضع اسمها في لائحة مثيرات الشغب والمتمردات على تنفيذ العمل ولكنها اشتكت فقط من هاجس تأخيرها لأكثر من ساعة بعد نهاية الدوام الرسمي وتعرضها للإهانة من ولي أمر الطالبة المتأخرة الذي كان يتعمد التأخير كل يوم ويستلم ابنته ببرود ساخراً من المعلمات المناوبات ومشيراً إليهن بكل تهكم " حللوا رواتبكن. " وقصة التأخير التابعة للمناوبة والإلزامية على المعلمة وحدها دون الطاقم الإداري المتكامل جرّت الكثير من المعلمات إلى ويلات لا تحمد عقباها فمريم معلمة التربية الأسرية تتأخر إلى حدود الساعة الثانية والنصف ظهراً حتى لو غادرت الطالبة المتأخرة قبل هذا الموعد لأن زوجها مرتبط بدوامه الرسمي وهي مضطرة لانتظاره والعودة إلى أطفالها عند الثالثة تماما. ومرام معلمة العلوم يمطرها زوجها بوابل الشتائم مقابل بقائه مدة منتظراً موعد خروجها الذي يمتد حتى آخر طالبة يتنبه أهلها غير المؤهلين لرعايتها لطول تأخرها ويسعون لجلبها من المدرسة. أما حصة معلمة الدراسات الإسلامية فهي مضطرة للبقاء حتى يتفرغ أحد إخوتها لمهمة إيصالها لولديها المعاقين والقابعين في غرفتهما تحت رعاية العاملة بعد وفاة والدهما في حادث مروع على طريق الدمام ... كان اعتراض منى مجرد صرخة في وجه قرار يحتاج إلى دراسة وتدقيق وإعادة نظر بصورة تضمن للمعلمة ذات الظروف الخاصة الراحة وتستثنيها من أي مهمة لا تتواءم مع ظروفها الحياتية أو أوضاعها الخاصة كي تمارس عملها براحة وتكون آمنة في مجتمعها الوظيفي الحافل بالإنجاز .. ولايزال التعليم بخير بوجود قيادات إدارية فذة في مدارس مختلفة تقدّر أوضاع الحالات الإنسانية الصعبة وتتعامل معها بمرونة وسعة صدر ... انتهى اليوم بتوقيع منى على تنبيه في سجل المديرة بعدم الاعتراض على المناوبة نهائياً. الخلاصة : وزير التعليم الموقر الدكتور عزام الدخيل : لقد غادرت البشت لتحطيم حواجز الطبقية القيادية ووعدتَ بأن يكون همك الأول المعلم ومطالبه وضمان راحته واستقراره والمناوبة زيادة في ساعات العمل تستحق المعلمة فيها بدلاً مادياً أو تعويض ساعات التأخير بإجازات وحوافز، فرفقاً أيها الوزير ( المتميز ) بالقوارير .. ( الغرفة الخامسة ) لم تكن الأستاذة فريدة قائدة المدرسة تعرف حجم محبة المعلمات لها ولم تكن تتصور أن غيابها الطويل نتيجة كسر في الذراع سيبرز حجم هذا الحب ويكشف عمقه أمامها فقد كانت معتادة على الصعود للطابق الأعلى كل صباح وتفقّد غرفة المعلمات والسلام عليهن واحدة تلو الأخرى ... كانت معتادة على سؤالهن عن أحوالهن وتتبع أخبار أسرهن والتأكد من إحساسهن بالراحة وتقبّل الجدول الدراسي بقناعة ورضا .. فلم تكن تلزمهن بالعمل بدعوى الواجب الوظيفي أو حسب الراتب الحكومي أو بناء على شرف المهنة وأمانة العمل بل كانت تعقّب في الإذاعة الصباحية على مكانة المعلم باعتباره مكملاً لرسالة الأنبياء في التبليغ واحتساب الأجر، وتعدهن ببشائر خيرات سيكافئهن الله عليها في أولادهن وأسرهن مقابل الإخلاص في كل دقيقة تمر على الطالبة والإيمان بكرامة هذا العمل وقيمته .. كانت تواجه التذمّر بابتسامة وتردّ على الرفض بالضغط على اليد والاحتواء بالنظرة الإيجابية الفاعلة ليتحوّل الرفض إلى قبول وينقلب العبوس إلى ابتسامة ويجيش الخاطر بالحب والتفاؤل. ولهذا تفاجأت حين دخلت إلى غرفة المعلمات بالجميع يقف صفاً واحداً ويصفق بحرارة ويهتف بصوت واحد : يا شمساً للعلمِ مجيدة يا من في الأوصاف فريدة ومع كل هتاف ومفردة وضربة كف تسدل الذكريات أستارها وتشاهد فريدة مواقف شتى تبدأ من المعلمة ريهام التي هددها زوجها أمام بوابة المدرسة بقتلها فتدخلت القائدة بمنعه وتهديده حتى لاذ بالفرار .. مروراً بالمعلمة صفية التي كان طفلها مريضاً بالربو وكانت تتأخر كل يوم بمعدل نصف ساعة لعلاجه بالبخار وحين تصل إلى سجل التوقيع تربت القائدة على كتفها قائلة : ألف سلامة على قلب صغيرنا عبدالمحسن وطهور إن شاء الله. وانتهاء بالعاملة أم جابر التي أصابت زوجها جلطة دماغية أقعدته عاجزاً عن الحركة فكانت تغادر المدرسة في وقت مبكّر بعد أن تدس القائدة في حقيبتها مبلغاً مادياً يعينها على متطلبات الحياة .. كانت فريدة في قيادتها وفريدة في أسلوبها وفريدة في أخلاقها ومثلها لا يتكرر ويستحق أن يكون إكليلاً على رأس كل طالبة . الخلاصة : تكريم القيادات الإدارية الفاعلة بعد استبيان موضوعي يبين حجم الصلة والقرب بين الرئيس والمرؤوس ومدى اهتمام ورعاية كل منهما للآخر، ومثل هذا العمل يحفز الكثير من القيادات الإدارية على التواضع وخفض الجناح للعمل بروح الفريق الواحد الذي تغيب فيه المسميات والألقاب ويرتفع دور العطاء .