أعتقد أن أبناءنا بحاجة ماسّة للتواجد في الشارع والاستفادة من مدارسه المتنوعة، فالشارع كالمصل الواقي الذي لا بد منه رغم خطورته وقاية مما هو أكبر، فمن خلاله نزيد وعي الأبناء بالواقع الذي سيخرجون إليه شئنا أم أبينا، وبالتالي ننمي ثقتهم بأنفسهم ولا نجعلهم ألعوبة بأيدي المحترفين عند خروجهم الإجباري!
في بعض العائلات هناك حرص مبالغ فيه على ألا يتجاوز أبناءها عتبة الباب، وعندما يتوجه الصغير إلى المدرسة تحصل الصدمة الكبرى، بمشاهدته وسماعه لأمور لم يكن متعوداً عليها، وقد يكون تأثره كبيراً لا سمح الله!
أيضاً من الذي يصدق أن الابن عندما نبقيه داخل أسوار البيت -أو حتى جدران غرفته- فإنه يعيش لوحده؟!
لقد أصبح هذا التوقع أمراً من الأوهام في هذا الوقت، فإن لم يكن التلفاز هو الصاحب الساحب، فإنه جهازه الصغير الذي لا تكاد تخلو منه يد طفل وسيلته للانتقال بين شوارع العالم ليرى أقبح وأخطر مما قد يراه في الشارع الذي أمام بيته!
هذا ليس تبريراً لتلك الأم التي تنام عن رعاية أولادها وتتركهم للشوارع يهيمون على وجوههم، وكل فترة نسمع بكارثة! ولا أيضاً لذلك الأب الذي ينجب أولاداً للشوارع، بينما هو مع الأصدقاء وكأن ليس له أولاد مسؤول عن رعايتهم!
المقصود من المقال تحديداً أن يكون للطفل احتكاك بالشارع، تحت نظر والديه وفي وقت محدد ومع عينة مختارة من أبناء الجيران!
فليست الحياة إما سماح كامل أو منع كامل!
وأيضاً علاقة الطفل بالشارع تستدعي أكثر من فكرة تربوية:
الأولى: ضرورة الحرص على الحاق الابن بالبرامج والأنشطة التي تقام في المجتمع على قلّتها (سواء حلقات تحفيظ القرآن الكريم أو الأندية الرياضية ولا أعلم غيرها) أو حتى حضور مجالس الأب، فالأنشطة الجماعية من أقوى وسائل تدعيم الذات!
ثانياً: ضرورة وجود غرفة لألعاب الأطفال في البيوت لكي لا يكون الشارع خياراً دائماً، مع الحرص على اختيار الألعاب الجاذبة والسهلة والمفيدة، لعلها تبعد أطفالنا عن الأجهزة الالكترونية التي تأخذ منهم أكثر مما تعطيهم ولو سمي بعضها ألعاب ذكاء!
باختصار: لا تبعدوا أبناءكم عن الشارع تماماً، مع الحرص على أن تكون هذه العلاقة تحت رقابتكم!.