لم تعد الحماقة والسذاجة مقتصرة على العمليات الإرهابية التي ينفذها حمقى الأجساد المفخخة بين فينة وأخرى، بل لها وجه آخر يتجلى بوضوح فيما يعقبها من حفلات (تويترية) صاخبة، تتشكل في عدد هائل من التغريدات التي ينشرها أرباب المزايدات من أبناء الوطن، أو المحسوبين على الوطن كما يحلو للجميع تسميتهم، وعلى وجه التحديد لا التعميم أولئك الذين اتخذوا من (تويتر) منصة لبث سمومهم وسوء نواياهم، فباتت تعليقاتهم على الأحداث مفخخة بأحقاد مبطنة، وملغمة بأفكار مُشَكِكَة في كل شيء، ظنا منهم أن عباراتهم ستمر دون تمحيص وتدقيق وتعليق، إذا نشروها فوجدت عاليها عسلا وحرصا على الوطن وادعاء المواطنة، بينما باطنها السم الزعاف، تنم عنه تلك الكلمات والألفاظ والعبارات، المصاغة بحرفية الباحثين عن ضجيج أكبر، وصخب مجتمعي أضخم، والحادث الإرهابي الأخير الذي وقع قبل أيام معدودة في (محاسن الأحساء) وكل الأحداث التي وقعت من قبله أسقطت أقنعة العديد من هؤلاء المزايدين على الوطن وأمنه، المقللين من شأن تلك الجهود الكبيرة المبذولة لاستقراره وأمانه، وكأنهم ينتظرون مثل هذه الأزمات ليرموا بثقلهم في جانب التشكيك والتزييف والتدليس!!!
مثل هذه المواقف تدفعنا للسؤال عن الأجندة التي يحملها هؤلاء، وعن الهدف الذي يبتغون الوصول إليه، حين يطرحون وفي أوقات حساسة مقولات لا تزيد النار إلا حطبا، ولا الطين إلا بِلّة، بينما يتوارون عن التعليق أو الشجب أو الاستنكار أو حتى التغريد في أوقات أخرى، قد تكون هي الأحوج إليهم فيها، والأشد عوزا لمواقفهم وتغريداتهم أو شجبهم واستنكارهم، الأمر الذي يؤكد قصدية ما يطرحونه، في أوقات لا تناسب طرحهم وبلبلتهم، وحتى لا أضيّق دائرة حديثي فلن أعمد إلى إعطاء أمثلة محددة أو أسماء بعينها، بل سأترك الفضاء مفتوحا على مصراعيه، وللقارىء الكريم حق العودة إلى منصات تويتر للوقوف على حقيقة تلك التغريدات المثيرة للجدل والمحركة للرأي العام في أوقات نحتاج فيها إلى العقلانية والتريث وحسن الظن في الوطن وجهوده الأمنية الكبيرة، فما أن يمر بنا حادث إرهابي فاجع، أو فعلة داعشية شنيعة حتى بدأ هؤلاء في الضرب دون هوادة على أوتار حساسة يلمزون ويغمزون ويطنطنون، وتويتر منصة مفتوحة تؤكد قائمة المتصيدين في الماء العكر، الذين يطلون برؤوسهم المليئة بالشك في أشد الأوقات حرجا، ليدلوا بتصريحات التخوين والتشكيك والاتهامات، فيفلسفون بسذاجة و(سماجة) غير مدركين أنهم يقدمون خدمة عظيمة للإرهابيين ومن في حكمهم!! وهاكم الخدمة التي يقدمونها على طبق من ذهب للإرهاب وأهله!
يتمثل هذا الهدف في اتساق وتوافق هذه التغريدات التي يبثها كل من يدّعي المواطنة والحرص على الوطن مع روح الهدف الذي بنى الإرهاب مشروعه التدميري عليه، ذلك المشروع المؤسس على زعزعة أمننا، والخروج على ولي الأمر، والقائم على ضرب الوحدة الوطنية، وتفريق الصفوف، وزراعة الفتن والنزاعات، لتأتي تغريدات هذه الفئة لتكون داعما حقيقيا لتلك الأهداف بصورة أو بأخرى، فالإرهاب إن كان سلاحا، هو كلمة أيضا، كلمة أريد بها باطل، ووضعت في غير موضعها بهدف ضخ طاقة الحقد، وتحريك رماد الكره والضغينة، والمواطنة الصالحة التي يدعيها البعض ولا يعمل بأخلاقياتها على أرض الواقع إنما تكون بوقوفك مع الوطن في أزماته، وأن تختار الوقت المناسب لنقده، والوقت المناسب لمآزرته ودعمه، أما أن نذر الرماد في العيون، ونخلط الحقيقة بالظنون، ونستثمر الضربات الموجعة للوطن لنجعلها أكثر إيلاما فليست من المواطنة في شيء!!!.