تفشى في هذا الوقت الكثير من السلبيات بين بعض أفراد المجتمع السعودي تحديدا، وحين أقول وأحدد المجتمع السعودي فهم الشريحة التي تعنيني بالحديث دون أي فئة بشرية أخرى. ومن السلبيات التي لمستها بتزايد في الآونة الأخيرة دون تحديد الجنس سواء كان أنثى أو ذكرا، فالمقصود الفعل الذي بات طافحا على السطح (الخيانة). طبعا أسهبت في المقدمة التي لا بد منها في مثل هذه المواضيع الحساسة، ولأنني من أفراد هذا الشعب الذي أنا بصدد الحديث عنه، فلا بد أن أنظر إلى الوضع برمته بعين الإنصاف؛ حتى لا يجير حديثي بأنه من باب التجني، ويعلم الله أن الحديث إليكم هو من القلب إلى القلب -بإذن الله-.
من أهم السلبيات التي وجدتها هي: تزايد الخيانة، سواء بين الأصدقاء أو حتى بين الأزواج، فنحن نتحدث عن الفعل بمجمله دون النظر إلى الفئة التي هي مستهدفة بفعل الخيانة، ولنأخذ على سبيل المثال الخيانة بين الأصدقاء وكيف تكون سلبياتها بين الأنفس.. فقد قال الشاعر:
احذر عدوك مرة *** واحذر صديقك ألف مرة
من أين أتي بهذه القناعة التي لامست الذات البشرية، ودعونا نفندها جزئية جزئية، فحين تكون في مواجهة مع عدو، ما يعلمه العدو من المعطيات هو ما تسمح به خارطة الأوضاع أو حتى المواقف بين الطرفين، وعلى ذلك يكون بناء الإستراتيجية من هذا المنطلق، بالرغم إننا هنا لا نأخذها قاعدة حربية، لكنها متطلبات الحديث فقط، فعدوك لا يعلم عنك إلا ما يشاهده بعينه أو ينقل إليه من الآخر وهنا نقطة في صالح الفرد على الجبهة الأخرى، وهي عدم إدراك المضامين الفردية التي قد يتمتع بها، فتكون الصورة الحذر من جانب معين كشف للعدو وهنا تسهل المواجهة؛ لأن الضرر يكاد يكون محصورا باتجاه معين. أما الصديق الذي هو الفرد الذي قاسمك الشطر الأكبر من الأيام والسنوات فأدرك فيك الكثير من الثغرات سواء نفسية أو تكنيكية والخطر هنا يكاد يكون قاتلا لأن التحرك في دهاليز الخيانة يكون أسرع، وفي المقتل تماما، لأن الباب مكشوف على مصراعيه لهذا الصديق الذي سوف يباغتك بسرعة البرق ويريق دماء الصداقة على عتبة الخيانة التي قد تقتضيها المصلحة الخاصة من قبل تفكير عقيم، وبالتالي تكون الضربة موجعة إن لم تكن قاتلة؛ لأنها أتت من المصدر ذاته الذي كان مشرع الترسانة أو الثغرات للجانب المقابل وهو الصديق الذي سوف يأخذك على حين غرة. ومن هنا كان التحذير من الشاعر الذي أطلقها حكمة عظيمة في نسق التعامل البشري فيما بينهم، المقتل كما قلت سيكون مفتوحا على مصراعيه، مما يؤدى إلى قتل كل المشاعر الجميلة تجاه الآخر الذي كان يعتبر الصديق الصدوق، مع أني مقتنعة تماما أن الصداقة في هذا الوقت من أندر الأشياء الحميمة في الوجود، وأيا كان موقف الخيانة هنا سواء كانت بعمد أو غير عمد فإن الفعل قد حدث وبالتالي حدثت خلخلة في البناء النفسي بين الأفراد؛ بسبب هذا الفعل الذي كما قلت أجده قد تفشى بين الأفراد. ونسحب هذا الألم على الحياة الزوجية، حين تحدث من أحد الطرفين، بالرغم من علمي اليقين بأن الخيانة في الناحية الزوجية تحديدا لا تحدث في غالبيتها إلا من الرجل، وهنا ليس المستهدف الرجل أو المرأة بقدر استهداف الفعل ذاته، الذي يمزق الفرد منا إلى مئات الأجزاء؛ نظير لحظات أعدها من أتفه ما يكون في القاموس البشري.
أعود وأقول إن هذه الجرثومة التي استشرت في الآونة الأخيرة لا بد لها من مكافحة، حتى تقتل في مهدها؛ لأنها تعد من الأسلحة القاتلة بشريا، وليس السلاح المألوف، فبالسلاح المألوف الفرد يموت مرة واحدة وانتهى الأمر، لكن الخيانة تقتله ألف مرة كلما تذكر شيئا ما أو حتى تذكر الخائن، فدعونا نعيش دون جراثيم وطفيليات ولا بكتيريا..وبس.