دربي العاصمة بين الهلال والنصر المقام، مساء اليوم، في إطار الأسبوع المؤجل السابع من دوري جميل هو معركة التحدي والهيبة والثأر وكسر العظم..إنه لقاء عاصف شديد الخصوصية مُعلن وتفوح منه رائحة خوف عميق.. يُعمق إثبات الجدارة للفائز.. بل هو انقلاب واسع على التوازنات.. ونسف الاستقرار.. وتأجيج الكراهيات بين قطبي المدينة الواحدة في كل بلاد العالم.. ومثل هذه المواجهة بين العالمي والزعيم ذات الوزن والحجم والعيار والمقياس الثقيل..لا تخضع لحسابات ومعايير إدارية وفنية موحدة..ولا تتقيّد بموازين المراكز والقوة والضعف كونها مباراة تصفية وتسديد حسابات حساسة تؤثر نتائجها على موازين القوى وترتيب الفرق بالدوري .
ولأن الفريقين تائهان بين المغامرة والمقامرة..هنا خوف مشترك ينتاب لاعبي الفريقين من ناحية..وهناك خطط وخرائط قلقلة ومتوجسة بين المدربين من ناحية أخرى..إنها حرب مفتوحة بلا حدود تتكئ على علاقات هشة وحساسيات قديمة ومستجدة، ويبقى الانتصار أفضل مستشار.. وإذا تعمقنا أكثر نقول: يلتقي ويتفق قادة الحروب العظماء وفطاحل التدريب العالميين معاً أن الذهاب إلى الحرب أو الدربي أسهل بكثير من العودة منه..هكذا يقول التاريخ والتجارب لأن الطلقة الأولى أو تسجيل هدف السبق المبكر يحتاج إلى شجاعة أو تهور..بينما تحتاج الطلقة الأخيرة أو الهدف الترجيحي القاتل في الرمق الأخير إلى واقعية تساعد وتجسد الخيبات ومرارات التسويات..وتقلب المعادلات .
الدربي بالمنظور الفني والوضع الحالي يرجح كفة الزعيم لأنه الأكثر استقراراً وتوازناً..والافضل تفوقاً في النتائج والمستوى سيعمل بكل مايملك من أسلحة وقوة للفوز والمحافظة على مركزه المتقدم من جهة وسيحاول أن يثأر من النصر ويدفعه أكثر إلى الأعماق من جهة أخرى.. لكن إذا أخذنا الموضوع بالمنظور النفسي نجد أن كفة النصر هي الأرجح لأنه سيلعب دون ضغوط فلم يعد هناك شيء يخاف عليه بعد أن هبط إلى ترتيب الوسط..إنه ينتظر هذه الفرصة للثأر والانتقام..ويجدها مناسبة لتصفية الحسابات وتعطيل الزعيم نحو الصدارة..خاصة وأن مرارة الخسارة تضاعف متعة وفرح الفائز..لكن جماهير الفريقين لا تقبل بكل هذه الفلسفات والفرضيات. .ولا تقبل إلا بالفوز وأن بينهما (ماصنعه الحداد) كما يقول المثل الشعبي .
وأنا أقول:أن الفريق الذي يعرف أكثر إمكانات خصمه..ومكمن خطورته ومرتكزاته..ونقاط قوته وضعفه..ويحسن استغلال هذه العوامل بإمكانه أن يتغلب ويتفوق ويفوز..وخسارة النصر أمام الهلال سيغلق آخر أبواب الأمل بسلام أمام النصر حول القمة !.. أما خسارة الهلال أمام النصر فهي رد اعتبار وتعزيز من فرص الأهلي وجاره الاتحاد للتسلق وتعميق الصدارة..ومن ينجح في امتلاك مفاتيح اللعب..وفك لوغاريتمات السيادة الميدانية..والأكثر استثماراً للفرص المتاحة..والأقل وقوعاً في الأخطاء سيكون الأقرب للفوز .
ونقول أخيراً: مباراة دربي النصر والهلال مختلفة في طبيعتها وأهدافها وغموضها ومفاجآتها..لذلك ليس غريباً أن نرى ارتباكاً وقلقاً وخوفاً وأخطاءً من كلا الفريقين..والفريق الذي يغالي بعضلاته يكون واهماً..وربما تتعثر حساباته فيصاب بصدمة..وينقلب على أعقابه..نحن نريد لدربي العاصمة أن يخرج هادئاً وراقياً ونظيفاً..بعيداً عن سوء الظن والتخوين..نريد بناء جسور وئام ومحبة لا جسور حقد وضغينة..وقطيعة وكراهية..وتبادل الاتهامات، نريد أن يجمع الطرفين اللقاء، وليس الطلاق..نريد سماع أصوات هتافات المحبه والأخوة..لا صيحات التحدي والانتقام والتهديد والوعيد..وبالتوفيق للفريقين ... وإلى اللقاء .