أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن المملكة هي الدولة التي أثبتت النجاحات الباهرة في مكافحة الإرهاب ومحاربته منذ ما يقارب العقدين من الزمان، في استباق متميز للقضاء على كل تحرك إرهابي في مهده. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها امس بالمسجد الحرام: من هنا فإن دعوتها ومساعيها تلقى هذا التجاوب الكبير من زعماء العالم الإسلامي وقادته، لافتاً إلى أنه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عهد عواصف الحزم، ورايات الأمل، تأتي عاصفة حزم من نوع آخر، فبعد التحالف الأنموذج الناجح يأتي تحالف كبير مبارك، تحالف يجسد المبادرة الأولى من نوعها في التاريخ الحديث التي يجتمع فيها هذا العدد الكبير من الدول الإسلامية.. تحالف إسلامي مبارك ينقل الدول الإسلامية من ردة الفعل إلى صناعة الفعل والمبادرة به، والاستباق لما يستدعي الاستباق، حزم، وأمل، وانعتاق من التبعية، تحالف يعزز اللحمة الإسلامية، ويفضح القوى الانتهازية والشريرة التي تريد النيل من المصلحة الإسلامية العليا من أجل مصالحها الضيقة.. تحالف يحسم - بإذن الله - العبث بالمنطقة وبديار الإسلام.. تحالف من أجل عزة هذا الدين، وكرامة الأمة، والعيش الكريم، والاستقرار، والنهوض والتنمية، مما يجسد قدرة أهل الإسلام وعزيمتهم فيحل المشكلات بمفهومهم الإسلامي الصحيح، والدفاع عن دينهم وديارهم بأنفسهم.
وأكد فضيلته أن هذه الأمة فيها الخير إلى يوم القيامة، وسيظفر دين الإسلام بكل انتصار مهما احلولكت الظلم، وادلهمت الخطوب، وإن من بوادر الخير وبشائر السعد ما وفق الله له هذه الدولة المباركة من مساع مشكورة ومبادرات مذكورة في تاريخ هذه الدولة السعودية المباركة، تقديم العمل قبل القول، تاريخ وانجازات تؤكد مكانة المملكة وأهميتها، ودورها في صياغة الواقع الإسلامي الفكري والسياسي والأمني والتخطيطي، والمشاركة الفاعلة في العالم كله بمتغيراته ومتطلباته.
وقال: إن هذه الدولة المباركة هي من تحتضن في أرضها منظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ومجلس التعاون الخليجي، مضموما إلى ذلك جهودها وأعمالها المعهودة والمعروفة في الإغاثة والتنمية للمجتمعات الإسلامية، وهو في ذات الوقت استمرار للدور الريادي الذي تضطلع به في خدمة الحرمين الشريفين، ورعايتهما، وحماية المقدسات الإسلامية بإذن الله وعونه.
وأكد أن هذا التحالف المبارك الذي يتطلع إليه كل مسلم، ويعيش في وجدانه، وهو يرى أمته بقادتها وساستها وقد صارت أمة واحدة، وهدفها صار واحدا، رسمت جادتها، وثبتت خطاها به يظهر الوجه الصحيح القوي للإسلام - بإذن الله - وتظهر الأمة المسلمة التي تنشد العيش بسلام ووئام مع نفسها ومع الآخرين.. تحالف مبارك يسير نحو الوحدة الإسلامية المنشودة مع احترام للاختلاف المذهبي السائغ، وعدم التدخل في شؤون الدول، والبعد عن إثارة الفتن والنعرات تجمع نبيل غايته جمع الكلمة، والعيش الكريم، وبسط الأمن، ومحاصرة الإرهابيين والمتطرفين غلاة وجفاة، واحترام المواثيق والاتفاقيات الدولية والثنائية، في توحيد صفوف الأمة أمام الخطر المحدق بها وبمصالحها.
وأفاد الشيخ ابن حميد بأن هذا التحالف يؤكد موقف الدول الإسلامية الموحد في تجريم الإرهاب ومحاربته ومحاصرته وتجفيف منابعه ومصادره، مما يؤكد أن الإرهابيين وعملياتهم الإرهابية لا علاقة لها بدين الإسلام، بل إن داعش وهي أم الإرهاب وأحدث صوره ليست دولة وليست إسلامية، بل هي مجموعة عصابات تجمعت من آفاق شتى يقف وراءها من يمولها ويسلحها ويدعمها، لافتاً إلى أن هذا الإرهاب - وإن وجد فيه من ينتمي لأهل السنة- فإنه ليس مقصوراً عليهم، بل هناك أكثر من ثلاثين منظمة إرهابية من المذاهب والطوائف الأخرى، كلها تقتل على الهوية، وتسهم في تشريد الشعوب، وتمزيق الدول وتشتت الأسر، وتخدم الفوضى الخلاقة، مشيراً إلى أن هذا التحالف هو الذي سوف يحمي - بإذن الله - من شرور هذه الجماعات والمنظمات الإرهابية، أيا كان مذهبها وانتماؤها أو تسميتها، والتي تعيث في الأرض فساداً، وفي الأمة تمزيقا، وفي الإسلام تشويها، كما يكشف هذا التحالف حقيقة من يدعمون الإرهاب ويساندونه ويغذونه فكريا وسياسيا ومالياً، داعياً الله «عز وجل» أن يبارك في الجهود، ويسدد الخطا، ويجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى والسنة.
الشيخ صالح بن حميد يلقي خطبة الجمعة أمس