DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الشيخ عبدالله الاحمد يتحدث للمحرر

محكم بوزارة العدل: أنجزت أطول مناسخة يزيد طولها على أحد عشر متراً

الشيخ عبدالله الاحمد يتحدث للمحرر
الشيخ عبدالله الاحمد يتحدث للمحرر
أخبار متعلقة
 
علم الفرائض من أجل علوم الشريعة الإسلامية قدراً، وأعلاها مكانةً، وألصقها بحياة الناس وحاجتهم، وهو علم يعتمد على الحساب، والناس في حاجة ماسة إليه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه في آخر الزمان يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما، والواقع والمشاهد أن من يتقن علم الفرائض ويعرف مداخله ومخارجه، ويتصدى لمسائله العظام قلة في مجتمعنا؛ ومن هؤلاء القلة فضيلة الشيخ المحكم المعتمد بوزارة العدل ضمن القائمة الرابعة للمحكمين بالمملكة؛ مجال قسمة المواريث والتركات الشيخ/عبدالله بن إبراهيم الأحمد، والذي يسعدنا ويشرفنا أن نلتقي به عبر جريدتنا الغراء، تشرفنا بزيارة الشيخ في منزله؛ وكلمات الترحيب والتهليل ورائحة العود الزكية تفوح في أرجاء المنزل. بادَرْنا الشيخ بسؤاله عن سيرته الذاتية: عبدالله بن إبراهيم الأحمد، ولدت بمحافظة الأحساء في عام 1387هـ، متزوج وأب لـ 7 أولاد، تخرجت من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع كلية الشريعة بمحافظة الأحساء في عام 1411هــ، أعمل مديراً في إحدى مدارس المحافظة، ومحكماً معتمداً بوزارة العدل مجال قسمة المواريث، ضمن القائمة الرابعة للمحكمين بالمملكة. الشيخ عبدالله: ما الدافع وراء تخصصكم وحبكم لعلم المواريث؟ سؤال جيد، يرجع ذلك -وفقكم الله- لعدة أسباب: 1. ميولي لمادة الحساب والرياضيات منذ صغري؛ وقد ورثته من والدي -رحمه الله- وعرف عنه حسابه للملايين دون استعمال الآلة الحاسبة ، وقد درست بالقسم العلمي في الثانوية العامة، 2. تأثري كثيراً بأخوالي فقد كان لهم السبق في توجيهي وتعليمي؛ وعلى وجه الخصوص في الحساب والرياضيات، 3. مجالستي لابن خالي لأمي الشيخ: شمسان بن عبداللطيف الأحمد -يرحمه الله- فقد كان مرجعا في علم الفرائض وقد حببني فيه، 4. تأثري كثيراً بشيخي الفاضل الفرضي النحوي وليد بن عبداللطيف العرفج؛ المعيد بكلية الشريعة بالأحساء سابقاً، فقد درسني بالمستوى الأول بالكلية فأسلوبه كان جميلاً ومشوقاً، 5. بعد تخرجي من كلية الشريعة عام 1411هـ ازداد حبي لهذا العلم، فعقدت العزم على طلبه من مضانه، وأن أعد نفسي لأكون من يفصل مسائل الفرائض ويقسمها، وقد تحقق ذلك بفضل الله وكرمه، ¿ الشيخ عبدالله: كيف ومتى كانت بدايتكم مع علم الفرائض؟ وعلى يد من تتلمذتم؟ - كما أسلفت آنفاً "بعد تخرجي من كلية الشريعة عام 1411هـ؛ ازداد حبي واهتمامي بطلب علم الفرائض؛ فعقدت العزم على أن أتقن مسائله، وأطلب العلم في مضانه، فمسقط رأسي الأحساء قلعة علمٍ؛ تضم علماءً أفذاذاً في الفقه والفرائض والنحو والعروض والفلك وغيرها من العلوم، ففي عام 1416هـ إلتحقت بحلقة فضيلة الشيخ الجليل شيخي /أحمد الدوغان -رحمه الله- فدرست عنده كتاب "التحفة الخيرية على الفوائد الشنشورية" للباجوري فكان الشيخ آية في الأدب والعلم، فتعلمت منه دقائق مسائل الفرائض، وأتقنت حفظ متن الرحبية (176 بيتاً)، وهو متن مشهور في علم الفرائض للشيخ الجليل محمد الرحبي -رحمه الله- عن ظهر قلب، مع شرحها وبيانها عند الشيخ، لاحظ الشيخ اهتمامي بالجانب النظري؛ فاقترح عليَ الشيخ -رحمه الله- أن أكمل الجانب العملي عند فضيلة الفرضي الشيخ المتقن عبدالله العمير المشهور (بأبي عيسى)؛ فقال لي (أنت يابني حريص متقن، التحق بالشيخ أبي عيسى)، عملت بوصية الشيخ فصليت مع الشيخ عبدالله -شافاه الله وعافاه- صلاة العصر في مسجده؛ فبادرني بالسؤال من أنت؟ وماذا تريد؟ فعرفته بنفسي فرحب بي، وقلت ياشيخ جئتك طالباً لعلم الفرائض؛ فتمنع الشيخ ابتداءً، فبعد إلحاحي وافق شريطة أن أجتاز الاختبار؛ فوافقت دون قيد أوشرط فكان الاختبار في جدول الضرب فاجتزت الاختبار مع مرتبة الشرف الأولى، فأعجب الشيخ بسرعة البديهة والإجابة، فقال لي يابني الأسبوع القادم -بإذن الله- تحضر معك كتاب الشنشورية لنبدأ الدرس، ففرحت فرحاً شديداً لا يعلمه إلا الله، فبدأت مع الشيخ رحلة مليئةً بالعلم والمعرفة فالشيخ عبدالله بوعيسى -شافاه الله- ضليع في علم الفرائض خصوصاً الجانب العملي منه، فاستفدت منه أيما استفادة خصوصاً عمل المناسخات (والمناسخة في اصطلاح الفرضيين: هي أن يموت الشخص، فلا تقسم تركته حتى يموت ورثته، أوبعضهم، سميت بذلك لأن الأيدي تناسخت المال وتناقلته) وهي من أصعب أبواب الفرائض فالشيخ -حفظه الله- يتقنها إتقاناً عجيباً، ويتقن قسمة القراريط، (والقيراط عند الفرضيين: هو جزء من الواحد الصحيح، واختلف في مقداره فقيل هو واحد من أربعة وعشرين، وقيل غير ذلك) وهو ما لا يقبل القسمة الحسابية بسهولة كالعقارات من منازل ومزارع وغيرها، وتعلمت من الشيخ الطريقة المثلى المطلوبة لدى المحكمة لقسمة المسائل، وبعد وقت يسير أتقنت -ولله الحمد- مسائل المناسخات، فأحضرت للشيخ مناسخة افترضتها؛ فيها تعدد الأموات طولها أكثر من متر، فلم يصدق الشيخ ما رآه فقام بمراجعتها وتدقيقها فوجدها صحيحة فسر كثيراً، لكنه لم يصدق فسألني يا بني هل ساعدك أحد على حلها قلت لا، فقال إذاً أوقع عليها فكتب الشيخ على المناسخة «بعد المراجعة وجدتها صحيحة من الأخ عبدالله الأحمد، وبارك الله فيه ووفقه لجميع العلوم وأنا الفقير إلى عفو الله ومغفرته الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عيسى العمير، غفر الله لي ولوالدي ولجميع المسلمين» فسر الشيخ بي وقربني إليه في الدرس فمن يأتي بمسألة من الطلاب أقوم بمراجعتها ومن ثم أخطر الشيخ بصحتها من عدمه، بعد فترة من دراستي عند شيخي الفرضي أبوعيسى؛ رأيت في المنام الشيخ يعطيني نوراً؛ قصصت الرؤيا عليه فرح بهذه الرؤيا واستبشر خيراً. ¿ الشيخ عبدالله: هلا حدثتنا عن مواقفك الطريفة مع شيخك الشيخ عبدالله بوعيسى أثناء الطلب ؟ شيخي بوعيسى -حفظه الله- صدره واسع محب لطلابه يمازحهم، قال لي مرة يا عبدالله: أنصحك بحفظ متن الرحبية (متن في الفرائض) فإن حفظ المتون يا بني يشد المتون، أذكر مرة قلت له يا شيخ: عندي طريقة أخرى لحل مسألة المناسخة فقال الشيخ: إذا أتيت بها والحل صحيح فسأعطيك مليون ريال، فأتيت بالطريقة الجديدة وقد كانت صحيحة ولم يعطني المليون؛ فلعل الشيخ كان يمازحني، غفر الله له. ¿ الشيخ عبدالله: هل كتبت وألفت في علم الفرائض؟ - نعم -ولله الحمد والمنة- ألفت في علم الفرائض أربعة كتب ووسيلة علمية،اعتمدت وزارة التعليم بعضها وهي على النحو التالي: 1،كتاب (مقتطفات من علم الميراث) تم طبعه مرتين، ونحن الآن بصدد اعتماد الطبعة الثالثة، اعتمدت وزارة التعليم في عام 1420هـ شراءه وتوزيعه على جميع مدارس المرحلة الثانوية داخل المملكة وخارجها. 2. كتاب (خمسون مسألة من آيات ثلاث) خصص ريعه لصالح الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالأحساء. 3. كتاب (الوجيز في أحوال أصحاب الفروض) ريعه لصالح الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالأحساء, 4. كتاب (مائة مسألة من حديث) ريعه لصالح إدارة المساجد بالخبر. 5. وسيلة علمية فرضية مستقاة من كتابي (الوجيز في أحوال أصحاب الفروض) ريعها لصالح الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالأحساء. - علماً أخي الغالي أن كتبي والوسيلة ليست مستقاة من كتب سابقة؛ بل هي أفكار جديدة لم تر النور من قبل، ولله الحمد والمنة. - قبل سنة تقريبا كنت ورفيق دربي الدكتور يوسف بن عبداللطيف الجبر -حفظه الله- المحامي ورئيس رابطة المحامين بمحافظة الأحساء، والمحكم بوزارة العدل، في زيارة لمجلس القضاء الأعلى، وذلك لتقديم بعض أوراق العمل؛ فقدمت ورقتي والتي تتعلق بفضل علم الفرائض وأهميته، وكان ضمن ما قدمت استعراض مؤلفاتي ومنهجي في التأليف، ومن أعمالي (مناسخة تزيد على أحد عشر متراً، وبعرض متر ونصف المتر) فلاقت -ولله الحمد- استحسان المجلس فأثنى رئيس الجلسة -عضو مجلس القضاء الأعلى- صاحب المعالي الشيخ الجليل شافي الحقباني، على طريقتي ومنهجي ومؤلفاتي وأعمالي فقال لي ياشيخ عبدالله أنت رجل فرضي، يستفاد منك. - كان لي شرف اللقاء بمعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، مستشار الديوان الملكي، وإمام وخطيب المسجد الحرام، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقاً، حيث تحدثنا سوياً عن فضل علم الميراث، وأثنى خيراً -رعاه الله- على منهجي في طريقة تدريس الفرائض، وأبدى إعجاباً كبيراً بكتبي وأنها أفكار جديدة، خصوصاً الوسيلة العلمية. الشيخ عبدالله: ذكرتم -حفظكم الله- أنكم قمتم بعمل مناسخة طولها أكثر من أحد عشر مترا، وبعرض متر ونصف المتر، لا شك أن هذا إنجاز كبير، فهلا حدثتمونا عن هذا العمل. - نعم، هذه مسألة نازلة وواقعة؛ وهي ما تسمى في علم الفرائض بالمناسخة، (والمناسخة في اصطلاح الفرضيين: هي أن يموت الشخص، فلا تقسم تركته حتى يموت ورثته، أوبعضهم،سميت بذلك لأن الأيدي تناسخت المال وتناقلته) وهي من أصعب أبواب الفرائض ويحتاج العمل فيها لدقة عالية، وصفاء ذهن، وحضور قلب، وفطنة، استمر العمل فيها بضعة أشهر، لاقيت بعض الصعاب أثناء حلها منها: تعدد الأموات، صعوبة قراءة الصكوك لعدم وضوحها، وطولها، عدم وجود بعض الصكوك وبذل الجهد في تحصيلها، تمت القسمة عن طريق القراريط والأمتار والنسب، أسأل الله أن ينفع بها، وقد تعلمت طريقة عمل المناسخة من شيخي (أبوعيسى) -حفظه الله- وشافاه وعافاه، فقد كان الشيخ حريصاً على تعليمنا الفرائض عموماً، وطريقة عمل المناسخة خصوصاً، والطريقة الصحيحة المثلى التي تريدها المحكمة، والشيخ آية في عمل المناسخة وضبطها وحلها، وله -حفظه الله- قصة مشهورة معلومة مع رئيس محاكم مكة -رحمه الله- قبل أكثر من خمس وأربعين سنة، حدثني بها الشيخ قبل عشرين عاماً تقريباً، يقول الشيخ: أشكل على محكمة مكة في ذاك الزمان عمل مناسخة فلم يوفقوا لحلها، فقيل لهم عن شيخ يقال له أبا عيسى في الأحساء مشهور بحل المناسخات، فقال فضيلة رئيس محكمة مكة في ذاك الزمان نذهب إليه، يقول شيخنا كنت في بيتي وإذا الباب يطرق ليلاً فقلت من الطارق؟، قالوا ضيوف من مكة، فقلت: أهلاً وسهلاً، ففتحت الباب، فإذا هو رئيس محكمة مكة -رحمه الله- ومعه وفد، فسألوني هل هذا منزل الشيخ أبوعيسى فقلت: لم تروا غيره، فأعطاني فضيلة رئيس محكمة مكة المناسخة وأخبرني أنهم لم يوفقوا لحلها الحل الصحيح، فما كان من الشيخ إلا أن قام بحلها وضبطها، وتسليمها لهم، فسروا كثيرا لذلك، فقام رئيس المحكمة وأعطى شيخنا أبا عيسى تذكرتي سفر إلى مكة؛ له ولمن يعز عليه، وقال لشيخنا صدق من أطلق عليك (فرضي). الشيخ عبدالله: من أراد اقتناء مؤلفاتكم أين يجدها، ومن أراد الاستشارة أو قسمة تركة كيف يكون التواصل معكم؟ يجدها في فرع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالأحساء أو عن طريق التواصل معي على رقم (0505920140) أو إيميلي الشخصي، Alahmedia009@gmail،com ¿ الشيخ عبدالله: جراء تأليفك لهذه الرسائل هل حصلت على خطابات شكر؟ - نعم ولله الحمد تلقيت عدة خطابات شكر من معالي وزير التربية والتعليم أ.د أحمد بن محمد الرشيد -رحمه الله-، ومن وكيل وزارة التربية والتعليم الدكتور خالد العواد، وعدة خطابات شكر من سعادة الأخ الكريم والمربي الفاضل مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم المديرس، ولا أنسى تشجيعه الدائم لي فكلما رآني شجعني بعبارات جميلة «أهلاً بالمبدع» وغيرها من العبارات. ولا أنسى موقف المربي الفاضل الأستاذ الكريم مدير عام التعليم بالمحافظة أ. أحمد بن محمد بالغنيم، وتشجيعه لي، ومواقفه الطيبة أثناء طباعة بعض كتبي وتذليله للصعاب، وأثناء اختياري للتحكيم بوزارة العدل، فلهم مني جميعاً خالص الشكر والتقدير. ¿ الشيخ عبدالله: كيف تم اختياركم محكماً معتمداً بوزارة العدل؟ وكيف توفقون بين مهنة التعليم والتحكيم؟ - دأبت وزارة العدل الموقرة، على ترشيح محكمين معتمدين على مستوى المملكة، كل أربع أو خمس سنوات في عدد من التخصصات بما فيها التخصص الشرعي، ولعل من أهداف تعيين المحكمين تخفيف العبء على المحاكم الشرعية الموقرة، فقمت بتقديم أوراقي عام 1428هـ بعد أن انطبقت الشروط المطلوبة، ومن ثم أجري لي الاختبار، فاجتزت ولله الحمد الاختبار بنجاح، ومن ثم تم ترشيحي في التحكيم. أما تعارض مهنتي في التعليم وعملي في التحكيم، ولله الحمد والمنة لم أجد تعارضاً فأنا أؤدي عملي في التعليم صباحاً، وبعد الساعة الواحدة ظهراً أراجع المحكمة إن كان هناك حاجة ملحة للحضور، ولعلي أجدها فرصة لأتقدم بوافر الشكر والامتنان لسعادة مدير التعليم بالمحافظة أحمد بن محمد بالغنيم وفقه الله، على وقفته معي طوال فترة ترشيحي للتحكيم فله مني خالص الدعاء. ¿ الشيخ عبدالله: شخصية فرضية كان لها أثر في حياتك العلمية والعملية؟ - شخصية شيخي الفرضي الشيخ عبدالله العمير (بوعيسى)، فقد كان له أثر كبير في حبي للمواريث، فلا يخفى على الجميع علمية الشيخ الفرضية خصوصاً الجانب العملي، فقد كان مبرزاً علماً جريئاً خصوصاً في مسائل الفرائض المعضلة. ¿ الشيخ عبدالله: في أي عام شرعت في قسمة التركات؟ وهل من معوقات واجهتك؟ - بدأت في قسمة التركات تقريباً منذ عام 1418هـ، ولم تكن هناك معضلات، إلا نزراً يسيراً من بعض الورثة لعدم الوعي والفهم عند بعضهم -هداهم الله- خصوصاً إذا كانت قسمة تراضي، والتركة عبارة عن عقارات (من منازل ومزارع وغيرها…) فبعض الورثة يشترط أن يكون له نصيب في جميع العقارات وهذا أمر محال، وأذكر قبل بضع سنين كنت أقسم تركة لعائلة كريمة والتركة عبارة عن عدة مزارع ومنازل ونقود، والورثة كثر، فاشترط عليَ بعض الورثة أن يكون له سهم في كل مزرعة وفي كل بيت، وهذا أمر محال، فبعد بذل الجهد والوسع اقتنع بأن مطلبه أمر محال. ¿ الشيخ عبدالله: هل من أولادكم الكرام من حاول أن يتعلم الفرائض،أسوة بوالده؟ - نعم كانت محاولة قديمة من الابن أنس -حفظه الله- أن يتعلم الفرائض والقسمة، فحفظ بعض أبيات متن الرحبية، وكان يحضر درس الفرائض، لكنه التحق بكلية الصيدلة الاكلينيكية وانشغل كثيرا، ولم يستطع التوفيق بينهما، كذلك الابن مروان هو يدرس الآن بكلية الشريعة بقسم الأنظمة، كانت له بعض المحاولات وكان يحضر درس الفرائض لكنه انشغل عن هذا العلم بتخصصه وبالتجارة. ¿ الشيخ عبدالله: يقال "زكاة العلم تعليمه" فهل زكيتم هذا العلم بتعليمه للناس؟ - نعم، ولله الحمد والمنة، عندي درس أسبوعي كل يوم ثلاثاء بعد صلاة المغرب في منزلي، ثم وافق الإخوة الكرام بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بمحافظة الأحساء على نقل الدرس لجامع اللقمان خلف مستشفى الولادة بالمحافظة، فكان له أثر طيب، يحضره طلاب العلم وبعض طلاب كلية الشريعة. أقمت عدداً كبير من الدورات استفاد منها عدد كبير من الإخوة والأخوات، فقد أقمت دورة في مدينة الرياض بمركز العنود، للأخوات تخصص قانون، في كتابي (مقتطفات من علم الميراث) كان لها أثر طيب، نظم المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بمحافظة الأحساء دورة بعنوان (تعلم الفرائض خطوة خطوة) للرجال والنساء كان لها صدى طيب. أقمت دورة في محافظة الخبر استفاد منها بعض طلبة العلم. أنا محكم معتمد بوزارة العدل تخصص قسمة المواريث؛ فمبدأ الاستشارة من بعض أصحاب الفضيلة القضاة يرجعون إلي في حصر الورثة أو قسمة تركة، بعض طلبة الماجستير يكون موضوع بحثه في الأوقاف أو الوصايا أقدم له المشورة المناسبة فيما يشكل عليه، والله أسأل القبول والتوفيق. ¿ الشيخ عبدالله: معلوم قطعا، أن علم الفرائض وتحصيله ومعرفة مسائله وحل المعضل منها، يحتاج منكم وقتا طويلا، وقد يلحقه تقصير مع الزوجة والأولاد، فكيف كان موقف الزوجة والأولاد معكم؟ - كما أسلفت -وفقكم الله- علم الميراث يحتاج بذل وقت طويل خصوصاً عند حل المسائل المعضلة التي تحتاج وقتاً طويلاً لبذل الجهد وإمعان النظر، كقسمة المناسخات، وقسمة التراضي وغيرها، فقد يكون هناك تقصير مع الزوجة والأولاد، لكن أحمد الله كثيرا أن رزقني بزوجة صالحة محبة للخير (أم أنس) آنسها الله بعفوه وكرمه، فكم والله وقفت معي وقفات رائعة طيبة مباركة، أسأل الله -جل شأنه- بمنه وكرمه أن يحفظها من كل سوء ويجعل ما قدمته في ميزان حسناتها، ولا غرو ولا عجب أن من أسباب توفيقي بعد توفيق الله، ودعاء الوالدة -يرحمها الله- زوجتي الغالية أم أنس. ¿ الشيخ عبدالله: علم الفرائض هو أول علم يرفع من الأرض، ويحتاج مراجعة مستمرة، ما نصيحتكم لمن أراد أن يتعلمه ويتقنه؟ - علم الفرائض هو أول علم يفقد ويرفع من الأرض، فقد أخبر حبيبنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة والدار قطني والحاكم في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً قوله «تعلموا الفرائض وعلموه، فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينتزع من أمتي». وقال صاحب الرحبية: وأنه أول علم يفقد في الأرض حتى لا يكاد يوجد قال ابن عباس: فقده يكون بموت العلماء. ولعلك تلحظ أخي المبارك: قلة من يتقن علم الفرائض ويعرف مسائله، وقلة دروسه، فنادراً ما تجد دورة في علم الفرائض ينتخب لها من هو متقن، فنسأل الله -جل شأنه- أن يهيئ لهذا العلم من يحفظه. أما نصيحتي لمن أراد أن يتقن علم الفرائض: أولاً/ إخلاص النية لله، قال تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله). ثانياً/ التدرج في طلبه فتبدأ بالأسهل كأن تقرأ رسالة مختصرة ثم تتدرج إلى أن تصل إلى أمهات الكتب. ثالثاً/ ملازمة شيخ متقن فهو عونك بعد الله لبيان وتوضيح ما يشكل. رابعاً/ عدم الاستعجال فعلم الفرائض يحتاج للصبر وسعة البال. خامساً/ قيل قديماً: «من حفظ المتون حاز الفنون» أحبذ حفظ متن في الفرائض (كمتن الرحبية لمحمد الرحبي أو البرهانية لمحمد البرهاني) أو غيره من المتون ليكون عوناً على الاستذكار. سادسا/ المراجعة المستمرة فعلم الفرائض علم ينسى وتفلته سريع. وهنا أذكر إخواني الكرام بأخذ العزيمة في طلبه وعدم الأخذ بالرخص والركون للكسل والخمول، والأمة في أمس الحاجة لعلم الفرائض، ومعلوم أن حكم تعلمه فرض كفاية إذا تعلمه من يكفي، وإن لم يتعلمه أحد أثمت الأمة جمعاء، فأنت أخي المبارك حينما تتعلم هذا العلم أنت تدفع عن الأمة وتتحمل عن إخوانك وتنشر شرع الله في الأرض، ولا تدري لعل حرصك ومثابرتك وإتقانك لهذا العلم وتعليمك للناس مع إخلاص نيتك يكون سبباً في مغفرة ذنوبك ودخولك الجنة. ¿ الشيخ عبدالله: هل من مواقف طريفة حدثت أثناء قسمتك لإحدى التركات؟ نعم كان هناك بعض المواقف، وقد ذكرت هذا الموقف في مواقع عدة، «اتصل بي مرة رجل يريد قسمة تركة عمه» والد زوجته، فأخبرني بالورثة ومقدار التركة، وبطبيعة الحال زوجته ضمن الورثة بل هي آكدهم، وبعد ساعتين أو ثلاث اتصلت به لكي أخبره عن نصيب زوجته من ميراث والدها، فلما أخبرته بنصيبها، قال: المبلغ يا شيخ قليل، وأرجو أن تزيده قليلاً، فضحكت من كلامه، وقلت: هذا حكم الله، فقال: يا شيخ ما أحد يعلم، فقلت له الله -جل شأنه- يرانا ويسمعنا. ¿ الشيخ عبدالله: ما هي رؤيتكم المستقبلية لتعليم الفرائض ونشره؟ معلوم -رعاكم الله- أن حكم تعلم الفرائض: فرض كفاية إذا تعلمه من يكفي، سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يتعلمه أحد أثم الجميع، ونحن نلحظ قلة من يضبط هذا العلم ويعرفه، فهم يعدون على أصابع اليد الواحدة، فقد يتحول الحكم من فرض كفاية إلى فرض عين، لذلك رؤيتي المستقبلية: بذل الجهد والوسع لنشر هذا العلم، ونشره عن طريق إقامة دورات علمية مكثفة، ينتخب لها مشايخ وطلاب علم يتقنون هذا العلم، ونشره أيضاً عن طريق جميع قنوات التواصل المرئي والمسموع والمقروء، وأنا أفكر جاداً تفعيل قناة فضائية مرئية تعتني بكل ما يتعلق بعلم الميراث، من حيث إقامة الدورات، وقسمة التركات، والاستفادة من التقنية الحديثة لخدمة هذا العلم ونشره، وعبر جريدتنا الموقرة جريدة اليوم أناشد وللمرة الثانية وزارة التعليم العالي، ووزارة التعليم، والمعاهد العلمية، الموقرتين زيادة المحاضرات والحصص الأسبوعية لمادة الفرائض وأن ينتخب لتدرسيها من يتقنها، ¿ الشيخ عبدالله: ما هو جديدكم رعاكم الله؟ 1. إنشاء قناة فضائية، باسم "قناة المواريث" تعتني بجميع ما يخص علم الفرائض، ينتخب لها علماء أفذاذ متخصصون في هذا العلم، من جميع أقطار العالم الإسلامي. 2. تأليف كتاب بعنوان (تعلم الفرائض خطوة خطوة..) يعتني بتبسيط الفرائض بطريقة حديثة سهلة ممتعة، مع ذكر المسائل والأمثلة. 3. تأليف كتيب جيبي بعنوان «مختصر شرح الرحبية». 4. جمع كتب المواريث، وقد بدأت بجمعها ولله -الحمد والمنة- منذ فترة من الزمن من داخل مملكتنا الحبيبة وخارجها. 5. عمل مناسخة متكاملة (تشمل قسمة النقود، والقراريط، والنسبة المئوية) طولها أكثر من ستين متراً تمهيداً لدخولها موسوعة جينيس. 6. شرح باب الفرائض في كتاب زاد المستقنع مع الأمثلة. الشيخ عبدالله: لعلنا في نهاية هذا اللقاء نطرح عليكم بعض الأسئلة الشخصية، والخاصة بكم، إن لم تمانعوا ذلك: بكل سعادة وسرور. أمنية تمنى الشيخ عبدالله تحقيقها، تأليف كتاب في علم الفرائض، مدعماً بالصور، يكون شاملاً لجميع الأبواب، بطريقة سهلة ميسرة ممتعة حديثة. كتاب في علم الفرائض، ترى أنه كتاب نفيس شامل لجميع أبواب الفرائض، سهل العبارة. كتاب "الخلاصة في علم الفرائض" للدكتور ناصر بن محمد الغامدي، ط. دار طيبة الخضراء. موقف أثر في الشيخ عبدالله. حينما اتصل بي رجل وقال: يا شيخ عبدالله والدي قد توفي قبل فترة من الزمن، ووالدي معروف بوفرة ماله، فلما طلبنا قسمة تركته قال أخونا أبوكم لم يترك شيئا فقد مات فقيراً، فتبين أن والدي في حال حياته قد أعطى أخونا هذا وكالة شرعية ثقةً فيه، ففي مرض موته المخوف تصرف أخونا في المال فباع جميع ما يملكه والدنا. ¿ موقف محزن لا يكاد يفارقك؟ موت والدتي رحمها الله، فهذا موقف أحزنني كثيراً لا أستطيع نسيانه، فالحمد لله على ما قضى وقدر. ¿ الشيخ عبدالله هل من كلمة أخيرة في ختام هذا اللقاء الممتع؟ - شكري وتقديري لجريدتنا المبدعة دائماً -جريدة اليوم- «آفاق الشريعة» على إتاحة هذه الفرصة الطيبة لتعريف الجميع بعلم المواريث، وأسأل الله -جل شأنه- أن يهيئ لهذا العلم من يحفظه ويعلمه، ودعائي أن يحفظ بلادنا وأمننا وقيادتنا الرشيدة بقيادة والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، -حفظهم الله جميعاً-. الشيخ عبدالله الاحمد يشرح المناسخة