اليوم عندما تطلب من جهة أن تتكامل مع الجهة الأخرى وتنسق فيما بينها لمصلحة الناس فكأنك تجاوزت الحدود وتعديت على الخصوصيات، إلا أن مثل هذه الأمور تعتبر شعارات لبعض المسئولين فلن يترددوا أن يحكوا عنها في المنتديات ووسائل الإعلام وإذا أتينا على مستوى الواقع لا نجدها.
هذه الإشكالية كبدت المملكة الكثير من الموارد لردم الفجوة بين تلك القطاعات واضطرت إلى إنشاء الهيئات والمجالس التي تهدف إلى التنسيق والتكامل ومع ذلك هناك مقاومة شديدة بالرغم من الإرادة الملكية بضرورة التعاون مع تلك الهيئات والمجالس وحل تلك الإشكاليات.
ما نعاني منه في إدارة أجهزتنا الحكومية هو ثقافة فكر وسلوك فما زال البعض يعاني من النكوص لمرحلة الطفولة.. أي هذه لعبتي ما أحد يشاركني فيها أنا فقط من أتملكها لوحدي حتى وإن كسرتها.. وهذا السلوك الطفلي انتقل إلى عالم الإدارة وأصبح كل مسئول يملك الإدارة التابعة له وليس من حق أي شخص أن يدخل لهذه المملكة، وأيضاً ليس من حق أي موظف أن يتعامل مع مؤسسات أخرى إلا من خلاله حتى وإن كانت لديه أفكار وطنية أو تكاملية مما يجعل تلك المؤسسات في حالة من الكبت والاكتئاب والسلبية والعزلة وكل يعيش في مملكة خاصة به.
اليوم الموضوع لم يقف عند تلك القوى الإدارية التي تعيش كل واحدة منها بمعزل عن الأخرى بالرغم أنهم في وطن واحد بل تعدى ذلك إلى الهجوم والمقاومة لأي مشروع مستنير تقوم به أي جهة أخرى في محاولة لعرقلة المشروع لأنه ببساطة لا يتفق مع رغباتهم ومصالحهم الشخصية، وطبعاً هناك نوع من الاحتراف في أساليب العرقلة والمقاومة التي لا يفهمها إلا أولئك المخضرمون.
المهم لو اتفق المختلفون على رؤيا وطنية واحدة يكون أساسها التكامل والتنسيق ما كنا سنرى الكثير من المشاريع في الشارع الواحد في أوقات مختلفة ولا نرى التشدد في تبادل المعلومات بين الجهات الرسمية لراحة المواطن وأخيراً لا نرى أحدا يقول هذا من اختصاص جهة أخرى حتى وإن كانوا يتشاركون في توفير خدمة أحدهم طرف فيها.
أعتقد أننا في مرحلة يجب أن ندرج من يتساهل أو لا يتعاون أو يمنع أي إجراء أو عمل يهدف إلى التكامل والتنسيق بأنه يقوم بعمل من الأعمال التي لا تدعم النزاهة بل تدعم الفساد وأن يتم حساب الآثار المترتبة على ذلك بالأرقام على الاقتصاد الوطني، وأن نكون شفافين ونعلن عنها كنوع من التقييم للمؤسسات الحكومية والقياديين.