قبل أربعة أيام كنت أتصفح تويتر لأجد مقطع فيديو لفتاة صغيرة مصابة بالسرطان وتتضرع ساجدة لله ضمن هاشتاق مهمل لمباراة أحد الأندية، مهمل أمام صراعات التحكيم، مهمل أمام انشغالنا بالعنف والعنفوان الشبابي. أشفقت على حالها وحال من قام بالتصوير (أحد أفراد العائلة ويفترض أنها الأم). وفي ليلة الجمعة نشرت المقطع للمغردين طالبة منهم الدعاء لها لعل دعوة أحدهم تصادف ساعة استجابة لكلمات محسن ليس بينه وبين الله حجاب وتفتح لها أبواب السماء، أو أن يقبل الله هذه الدعوات مؤجلة في ميزان حسناتها بالآخرة فكل أمره رحمة. التغريدة قوبلت بعاصفة من المشاهدات تجاوزت حتى لحظة كتابة المقال ثلاثمائة وأربعة وستين ألف مشاهدة، وبلغ عدد من دعا وأعاد التغريد سبعة وستين ألفا ومائة وثلاثة وثمانين، أسأل الله لدعائهم القبول ولمرضانا ومرضى المسلمين الشفاء العاجل وجزيل المثوبة والأجر. لهذه الحكاية شواهد عدة. من أهمها أننا شعب طيب سهل الفطرة وعالي الهمة وسريع التجاوب، وأننا كمسلمين سعوديين وعرب سباقون للخير وأن الخير فينا باق. هذه الحكاية هي مؤشر حديث لأثر وسائط التواصل الاجتماعي على الأفراد وهو مؤشر خطير لمدى التأثير والتأثر في مدة ثلاثة إلى أربعة أيام وأتوقع أن يصل العدد للمليون بنهاية الأسبوع إن استمر التفاعل بالمستوى السريع جداً، حتى أن جهازي لم يعد يتوقف منذ أيام، ناهيك عن رسائل عرض العمرة للطفلة والعلاج المجاني وسواه. شواهد أخرى أن مرضى السرطان والأمراض المستعصية وذويهم بحاجة للعون النفسي والارشادي وهو أقل من المستوى المطلوب في بلادنا ان لم يكن مهملاً فالطبيب يحيلك للأشعة والصيدلية لكنه لن يحيلك أبداً لعيادات المساندة والدعم النفسي فهي غير موجودة! وهذا جزء من شعورنا (أطباء ومواطنين) أن الطب النفسي للمجانين فقط! أمر أخير أنت قد تكون مهملا في يوم ما لكنك مع الله لا عون لك سواه، وقد يسخر الله لك من لا تعرف من هو للوقوف معك وتسخير الأسباب لك فكن مع الله يكن الله معك. الحياة باتت صعبة، ونحن بدورنا ضعفنا كثيراً أمام مادياتها ولهاثها، لا شيء سيستمر ولا شيء سيبقى فلنتلذذ بلحظات عمرنا مع من نحب دام في العمر بقية، ودامت رحمات ربي تحفنا.
من رحمة ربي أيضاً أن المطر مقبل، ليغسل شوارعنا ومنازلنا وملابسنا، وأتمنى أن يغسل أفئدتنا من كل شائبة، فإن طرق الباب فلنخرج ولنسمح لأبنائنا وأحبتنا بالخروج ولنستمتع به كما الهدي النبوي. فرص التغيير مع من نحب فرص لا تتكرر، فلنقتنصها، مع فنجان قهوة يليق بكم.
الجو جو إن كان بعض العرب جو وإن كانهم ما جو، ما زان جوي
الارض خضرا والسما كلها نو والعشب في وسط الفياض امتروي
ياماحلا عقب المطر شبة الضو وفنجال كيف ينعش اللي يسوي