بالرغم من حداثة تجربته التدريبية إلا أنه استطاع أن يقدم نفسه بصورة مميزة من خلال الفئات السنية للأندية والمنتخبات السعودية، وهو المدرب الوطني الذي يرى بأن دخوله لعالم التدريب كان بمثابة الصدفة الجميلة، وتحدث عن بداية مشواره مع الاتفاق كلاعب وعن انتقاله للنصر في سن مبكرة، وعن رفضه فكرة تدريب سامي الجابر للأخضر، المدرب الوطني سعد الشهري فتح قلبه لــ(الميدان) من خلال هذا الحوار.. بالتأكيد تحمل اسما جميلا في عالم التدريب على مستوى الكرة السعودية بدليل النتائج التي تحققها حاليا مع منتخب الوطن الشاب، وقبلها مع الفئات السنية من خلال النصر والقادسية.. يبقى السؤال كيف استطعت أن تدلف أبواب هذا المجال الصعب والمرهق وتحقق هذه النتائج الجميلة في فترة قياسية؟
-كما تعرف بدأت كرة القدم كلاعب كما هو الحال مع كل مدربي العالم، إلا أن الظروف والإصابات أجبرتني على مغادرة اللعبة مبكرا، وبسبب عشقي وحبي لكرة القدم بحثت عنها في مجال آخر أكثر تنظيميا واحترافية وهو عالم التدريب، ولا أخفيك سرا أن الصدفة هي من قادتني لأن أدلف أبواب هذا المجال عن طريق رئيس لجنة الحكام عمر المهنا الذي يعتبر أول من منحني الضوء الأخضر من خلال إشرافه على منتخبات التعليم في فترة سابقة، حيث بدأت مدربا للأندية والآن كما تُشاهد أدرب منتخب المملكة للشباب ولله الحمد. بالرغم من أنك لا تزال في سن مبكرة تحديدا في عالم التدريب إلا أنك استطعت أن تحقق عددا من النجاحات المميزة والتي لفتت أنظار الآخرين. هل فعلا كما يقال إنك استفدت من خبرات عدد من المدربين السعوديين؟ هل بالإمكان أن تذكر لنا أسماء معينة لمدربين ترى أنك استفدت منهم بصورة حقيقية؟
-بلا أدنى شك هناك أسماء أدين لها بالفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى، ومن خلال تجربتي كلاعب كرة قدم أرى أني استفدت من كل مدرب أشرف على تدريبي إبان وجودي مع الأندية، ويبقى المدرب الوطني فيصل البدين من أفضل المدربين الذين تعلمت منهم الكثير إضافة إلى أن تخصصي كمدرس تربية بدنية أفادني كثيرا في كيفية التعامل مع اللاعبين من عدة جوانب، ومنها الانظباطية في العمل وغيره، وتأكد أن سر نجاح أي مدرب هو كيفية تحليل الفريق وانا ولله الحمد أتميز بهذا الأمر الذي يجهله بعض المدربين في كيفية اكتشاف مكامن الخلل في الفريق وغير ذلك من الأمور التحليلية المهمة. إلى أي مدى يمكن أن تُقيّم لنا كفاءة المدرب السعودي، ولماذا لا نراه يتواجد في الدوريات العربية؟
المدرب السعودي من وجهة نظري مدرب جيد وبعض المدربين تستطيع أن تعتمد عليهم في تدريب أندية في دوري المحترفين السعودي الصعب، لكن لدينا مشكلة مهمة وهي أن هولاء المدربين ليسوا متفرغين بمعنى أن لديهم وظائف رسمية وهذا عائق كبير أيضا لتواجد المدرب خارج حدود الوطن من خلال الدوريات العربية أو الأجنبية، أضف إلى ذلك أن المدرب السعودي وبكل أسف لا يحظى بالعروض الكبيرة والضخمة كما المدرب الأجنبي، لذلك هذه الأمور هي ما تُعيق حضور المدرب السعودي بقوة. في فترة سابقة وصفت تجربة المدرب الوطني علي كميخ مع الفيصلي الأردني بالناجحة بينما اعتبرت أن تجربة المدرب سامي الجابر مع الهلال لم يكتب لنا النجاح.. هل لنا أن نعرف على ماذا استندت في مقارنتك خصوصا أن الثنائي تمت إقالتهما قبل أن يكملا مدة العقد المبرم مع إدارة النادي؟
-أريد أن أوضح أمراً وهو أن تجربة المدرب علي كميخ تختلف تماما عن تجربة المدرب سامي الجابر، خصوصا أن كميخ عاش تجربة احترافية خارجية مع فريق الفيصلي الأردني، وحتى وإن لم يحقق بطولة مع الفريق الأردني إلا أنه يحمل تاريخا تدريبيا كبيرا من خلال تجربة تمتد لأكثر من 15 عاما وهنا عامل الخبرة يشفع للمدرب، إضافة لكون كميخ يستطيع أن يدرب في أندية الممتاز بحسب تاريخه الكبير في مجال التدريب بعكس الكابتن سامي الجابر الذي للأسف بدأ مع فريق كبير وجماهيري مثل الهلال؛ لذلك كان يعمل تحت ضغط كبير جدا؛ لأنه مطالب بتحقيق بطولات مع فريق بطولات، وكان من الأفضل أن يبدأ بالتدرج من خلال تدريب فريق في دوري الدرجة الأولى أو في الممتاز لكن يكون أقل مستوى من فريق الهلال، وكذلك كان من الأفضل أن يبدأ أولا مساعد مدرب، وأن يعمل كثيرا على حضور الدورات التدريبية المكثفة قبل الانطلاقة في عالم التدريب، وهنا الفرق بينه وبين المدرب علي كميخ. هل المدرب السعودي من رأيك يجد الدعم الكافي من قبل المسؤولين عن الرياضة في البلد.. وإذا كان الجواب بنعم فماذا يحتاج حتى يبرز بصورة أوسع يستطيع أن ينافس من خلالها المدربين الأجانب؟
-بصراحة المدرب السعودي يحتاج لعدة أمور، منها: اهتمام الاتحاد السعودي لكرة القدم من خلال تأسيس رابطة مدربين قد تساهم كثيرا في تطوير المدرب السعودي من خلال ابتعاثه للخارج وحضور الدورات التدريبية، وأيضا المدرب نفسه يحتاج لأن يعمل كثيرا على نفسه من خلال تطوريها بحضور الدورات التدريبية، ومتابعة بعض الدورات التدريبية عبر الانترنت بشكل مباشر ولا أخفيك سرا أنني دفعت المال من أجل حضور دورات تدريبية خارجية في قطر خلال فترة سابقة، والآن أتواصل مع دول أوروبية وتحديدا فرنسا للمشاركة في دورات تدريبية على حسابي الخاص من أجل أن يكون حضوري خلال الفترة القادمة بصورة مميزة. ذكرت في يوم ما أنك نادم على خوض تجربة مع فريق النصر.. هل من توضيح حول هذا الأمر؟
هذا الكلام غير صحيح إطلاقا، أنا ذكرت أن انتقالي لناد كبير وعظيم مثل النصر في تلك الفترة كان خطوة غير موفقة؛ كوني كنت أحتاج لمزيد من الاحتكاك والخبرة؛ كوني حينها كنت من أفضل الأسماء على الخارطة الاتفاقية بشهادة الكثير، لكن ربما الظروف إبان تلك الفترة ساهمت بشكل كبير في قبول عرض النصر، وإن كنت قد عرفت قيمة ذلك الخروج المبكر من الاتفاق لاحقا لأن انتقالي جاء في عمر العشرين وكنت أحتاج للمزيد حتى أستطيع تمثيل المنتخب الأول وأنا في الاتفاق ثم الانتقال لناد كبير مثل النصر، وربما خير مثال لذلك لاعب القادسية السابق صالح العمري الذي انتقل للأهلي في سن مبكرة والآن ليس له حضور قوي في الدوري بعد انتقاله لفريق الرائد، والعكس مع اللاعبين ياسر القحطاني ويحيى الشهري اللذين انتقلا للنصر والهلال بعد تألقهما في نادييهما ومثلا المنتخب خير تمثيل والآن يقدمان مستويات مميزة مع الهلال والنصر. تتحدث كثيرا عن عضو شرف نادي النصر عبدالله العمراني وتُثني عليه وهو كذلك.. ما سر العلاقة الوطيدة التي تربطك معه؟
-الأستاذ عبدالله العمراني كان محطة مهمة لي بعد خوض تجربتي مع نادي النصر وكان من أبرز الداعمين لي إلى جانب رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي، وللأمانة لا أخفيك أنه من الأشخاص الذين آمنوا بقدرتي على تقديم شيء لنادي النصر من خلال الفئات السنية والحمد لله حققت ذلك، أيضا لا أنسى رئيس القادسية السابق عبدالله الهزاع الذي منحني الفرصة لتدريب الفئات السنية بالقادسية، والتي فتحت لي المجال للوصول للنصر وكذلك لتلقي عروض من الأهلي خلال تلك الفترة والآن استطعت أن أصل للمنتخب ولله الحمد. ظهر المنتخب السعودي للشباب بصورة مميزة جدا خلال تصفيات كأس أمم آسيا الأخيرة.. إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا المنتخب؟
-الحمد لله على كل حال، وهذا حدث بتوفيق الله سبحانه وتعالى وتكاتف المجموعة ككل، والصعوبة في هذه التصفيات كانت تكمن في تجمع اللاعبين وهم لم يشاركوا كثيرا في أنديتهم الموسم الماضي، إضافة أن الفترة العمرية في فئة الشباب لم تكن لهم، لكن الحمد لله من خلال العمل ونظرتنا للاعبين استطعنا أن نختار هذه الأسماء المميزة والتي بإذن الله سيكون لها شأن كبير خلال السنوات القادمة. هل لديكم خطة عمل حقيقية مع هذا المنتخب من أجل الحفاظ عليه ليكون مستقبل الكرة السعودية أم أن الاسطوانة سوف تتكرر كما حدث مع منتخبات وطنية في الفئات السنية خلال فترة سابقة ولم نر منهم أحدا في المنتخب الأول؟
-بالتأكيد وضعنا برنامجا وخطة طويلة تمتد حتى 2019م بإذن الله، وذلك بالتشاور مع الأخوة خالد الزيد المشرف العام على الفئات السنية إلى جانب الاستاذ عبدالله المصيليخ وباعتماد من الاستاذ أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، فالعمل الآن يعتبر بمثابة مرحلة تتبعها مرحلة حيث أنهينا مرحلة التصفيات ولله الحمد بالتأهل إلى النهائيات التي ستقام في البحرين العام القادم، ولن يتوقف طموحنا مع هذا المنتخب إلى هذا الحد بل سوف نعمل لبناء منتخب أوليمبي وأول بإذن الله خلال السنوات القادمة. من أبرز النجوم الذين يلعبون معك حاليا وتراهن أنهم سيكونون أحد أبرز الأسماء في تاريخ كرة القدم السعودية خلال السنوات القادمة؟ وكيف لنا أن نحافظ عليهم؟
-لا يُمكن أن أذكر أسماء معينة وأحجب الأسماء الأخرى؛ كون لدي أكثر من 23 لاعبا كلهم مميزون، وكانوا معي طوال الفترة الماضية واستطعنا أن نقدم عملا كبيرا بتكاتف الجميع، وأنا شخصيا متأمل كثيرا في هذه الأسماء لأن تكون مستقبل الكرة السعودية القادم بإذن الله. هل فعلا كما يتردد أن المدرب الوطني دائما يتعرض للظلم الإعلامي الكبير من حيث الإجحاف في حقه مقارنة بالمدرب الأجنبي؟
-أنا شخصيا وللأمانة لم أتعرض لإجحاف إعلامي لكن أرى أن الظهور المتكرر لا يليق، إضافة إلى أنه لن يفيد المدرب وقد يتسبب في عمل ربكة في مسيرة العمل، ودائما أحرص على أن يكون العمل داخل الملعب وهو النجاح الحقيقي للمدرب وليس ملاحقة الفضائيات أو الصحافة المطبوعة، لكن وبحسب تجربة سابقة مع الإعلام حظيت بتغطية إعلامية عقب تتويجي مع القادسية ببطولة ثم تكرر ذلك عقب حصولي مع النصر أيضا على بطولة، والآن يتكرر مع المنتخب، وكثيرا ما يسألونني لماذا أنا غائب عن الإعلام؟ ولا أخفيك قد يكون هناك قصور مني في هذا الجانب؛ لأني لا أبحث كثيرا عن الظهور لأني أعشق العمل داخل الملعب فقط. حققت عددا من النجاحات مع فئات سنية بالنصر وكذلك القادسية والآن مع المنتخب السعودي.. إلام تعزو تلك النجاحات الكبيرة.. وما السر الحقيقي خلف ذلك؟
-قد يكون السبب الأول بعد توفيق الله أن فارق السن بيني وبين اللاعبين ليس كبيرا، وهذا بالتأكيد عامل مساعد بصورة كبيرة، فالعلاقة بين المدرب واللاعب مهمة جدا عندما يكون الفارق السني ليس كبيرا؛ كونك تستطيع أن تصل لجميع مفاهيم اللاعبين خصوصا في هذه المرحلة العمرية وإيصال الفهم التكتيكي الذي ينعكس على الأداء الجيد في الملعب، إضافة للعمل والتطوير والبحث الذي عملت عليه مما ساهم بشكل كبير في تطوري ولله الحمد، ويجب أن تعرف أن التدريب رسالة يستطيع كل مدرب إيصالها بالطريقة التي تناسبه والأهم أن تصل بصورة سريعة للاعبين. فيما لو -وهذا طرح افتراضي- تم تعيين سامي الجابر مدربا للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم كيف ترى تلك الخطوة وهل تتفق معها؟
-أعيد وأكرر أن سامي الجابر لاعب كبير وله تاريخ واسع لكن تجربته كمدرب مع الهلال لم تكن مناسبة؛ لأنها بدأت تحت ضغط إعلامي وجماهيري كبير، وكان يحتاج لمزيد من الوقت والعمل ولا يمكن أن يكون مدربا لمنتخب بحجم المنتخب السعودي الأول لكرة القدم ونحن لم نره على أرض الواقع، فالوصول للمنتخب السعودي صعب جدا ويحتاج لعمل كبير وخبرات متعددة، وسامي لديه الدعم والإعلام الكبير لكن يحتاج لأن يثبت ذلك مدربا على أرض الواقع قبل أن يصل للمنتخب الأول لكرة القدم. ما هو أقصى طموح يمكن أن يصل إليه الكابتن والمدرب الوطني سعد الشهري.. وهل من الممكن أن نراه يوما ما مدربا لأحد الأندية السعودية الكبيرة؟
-بالتأكيد أولا يجب أن أختم مشواري مع الفئات السنية مع هذا المنتخب الشاب، وبعد ذلك يبدأ التفكير بصورة جدية للتواجد مع الفريق الأول سواء كان ناديا أو منتخبا؛ كون تدريب الفريق الأول يحتاج لتدريبات وعمل كبير وجهود ضخمة وحضور دورات وندوات عديدة، وبالتأكيد حلمي أن أقود منتخب الوطن خلال مونديال العالم 2022م أو على الأقل المشاركة كمساعد مدرب.
**كلمة أخيرة لجريدة «اليوم»
جريدة «اليوم» ممثلة في «الميدان الرياضي» هي الجريدة الوحيدة التي عملت معي لقاء مطولا بعد تأهل المنتخب السعودي للشباب لنهائيات كأس أمم آسيا التي ستقام في البحرين العام القادم، وأنا أشكرهم على ذلك وهي جريدة أهالي الشرقية ككل وتعتبر الجريدة المفضلة لنا.
سعد الشهري خلال الحوار