هل تشعر بالخمول وأنت تقرأ هذه السطور؟
هل تعكر مزاجك بسبب زحام الشوارع هذا الصباح بعد أن استمتعت بالقيادة فيها وكأنك تملكها لنفسك طوال أسبوعين؟
أم تراك ممن عادوا البارحة من رحلة دولية وكان في وداعك رتل من الغيوم الماطرة وعشرات الوجوه الباسمة؟
في كل الأحوال، أنا هنا لأقول لك استيقظ! اصح يا شقيقي المواطن.. واستقبل واقعك وباشر عملك ومهامك اليومية المسلية. نعم، مسلية ومتميزة! فأنت تنفرد عن كثير من سكان العالم بتوصيل أبنائك وبناتك إلى المدارس في ظل غياب وسائل النقل حتى هذه اللحظة وانعدامها في أحيان. ولا تنس أن هذا هو السبب الذي يشرّع لك الخروج بعد أذان الظهر مباشرة، إن كنت موظفا صاحب علاقات طبعا، لإعادة زوجتك وأبنائك إلى البيت. فضلاً، مارس شغفك الصباحي بتجاوز كل الحفريات المفاجئة، وتخط -برشاقة- كل الصبات الجديدة التي حطت في دروبك خلال تمتعك بالإجازة.
المهم.. لا تنس حفل المعايدة! أنصت جيدا أثناء استماعك لكلمة المسؤول، وتحديداً عندما يبدأ بقول: «يا إخوان»، «إخواني» وأحيانا قد يقولها متعجلا فتكون «ياخ وان»! فهذه الأخوية قد يكون القصد منها تأصيل طبقية جديدة في بيئة العمل البيروقراطي الذي تنتمي إليه ويسيطر عليه "أخوك" المسؤول. وربما ينبهك هذا إلى أن هناك وكيلا أو مديرا عاما جديدا تجاوزته أثناء السلام على الحشد الكبير من الموظفين! وراقب جيدا أي تصريح جديد بخصوص تطوير بيئة العمل وزيادة فرص التدريب وربما يتمادى المسؤول في الحماس فيخوض في فرص الابتعاث! وإن هزك الشوق وتمنيت مصافحة المسؤول، فلا تفعلها وهو على مائدة طعام حفل المعايدة، فحوله وحوش كاسرة مستعدة للذود عن خصوصيته واستقرار مزاجه ولعب دور «البودي ـ غارد» مهما كبرت وظائفهم.. وكله في سبيل التميلح عند معالي المسؤول يهون!
أخيرًا، لا تتفاجأ من تصرف زميلك "بوراشد" الذي حضر إلى حفل المعايدة "العمومي" مرتدياً البشت، ولا تثقل عليه بالسؤال: ليش لابس بشت؟ فالرجل في مأزق لا يحسد عليه.. خصوصا وأنه كان يهدف من وراء ارتداء البشت إلى المراوغة والوقوف في صف كبار الموظفين ليتلقى سلام الكبار قبل عموم الزملاء، تماما كما يليق بالقياديين، بينما يستمتع بالنظر بـ (نص عين) إلى اليمين حيث يقف المسؤول، وذلك لمراقبته والاستعداد لتبادل أي ابتسامة شاردة مع معاليه. فـ "بوراشد" يرتجي ترقية.. ويكفيه أن جميع خططه قد تحطمت على أرض الـ "بروتوكول"، وكم تمنى في هذه اللحظة أن يكون جيب ثوبه بحجم جراب الرحول.. ليتمكن من إخفاء البشت فيه!