تساوت الفرق الكبيرة والصغير في إقالة المدربين حتى المنتخب السعودي، حيث إننا نجد أن المدربين المقالين كانوا يشرفون فنيا على المنتخبات وأندية المقدمة والصدارة وأيضا الأندية الكبيرة وكذلك أندية المؤخرة، بمعنى آخر أن المسألة لا تتعلق بحجم النادي وقدراته المالية وإنما تتعلق بعوامل اخرى نحاول أن نرصدها في هذا المقال.
لنستمع إلى أحد آراء كبار المدربين الإيطاليين في هذه المسألة حيث يقول:
خلال مؤتمره الصحفي الأول كمدرب لمنتخب إيطاليا كشف أنطونيو كونتي بعبارة عابرة عن السر في النجاح في تدريب المنتخب عندما قال: «أبرز تحد يواجهني هو كيفية إيصال أفكاري في فترة زمنية قصيرة للغاية اجتمع فيها مع اللاعبين»، ومن هنا يمكن القول إن المدرب القادر على النجاح مع المنتخب هو الذي يمتلك أسلوباً مرناً وقدرة إيصال المعلومة بطريقة سهلة تسمح للاعبين بتطبيقها على أرضية الملعب في وقت قصير.. وأي مدرب لا يمتلك هذه القدرة لن ينجح في تحقيق الانتصارات مع أي منتخب أو على الأقل سيحتاج لوقت طويل قبل أن يحقق أي نتيجة كبيرة.
هذا المدرب الكبير يلخص لنا مسألة إقالة المدربين فهو يرجع أسباب إقالة أي مدرب مبكرة إلى فشل المدرب سواء مع المنتخب أو النادي، وهو يضع أسباب هذا الفشل في جملة مفادها أن المدرب الذي لا يستطيع أن يوصل أفكاره خلال فترة قصيرة من الزمن مهما بلغ هذا المدرب في عالم كرة القدم من شهرة فسيفشل.
جميع المدربين يعلمون أن الفترة المتاحة لهم مع الأندية أو المنتخبات الوطنية قصيرة، وأن معيار نجاحه يكمن في توصيل أفكاره بسرعة للاعبين، وتفهم اللاعبين لهذه الأفكار وقدرتهم على تنفيذها على أرض الملعب بحيث تحقق النجاح. فإن فشل اللاعبون بعد أن قام المدرب بتوصيل أفكاره فسيكمن العيب هنا في المدرب، وإن فشل اللاعبون لعدم قدرتهم على فهم المدرب فسيكون أيضاً المدرب هو السبب وهذا هو ما أخبرنا به المدرب الإيطالي الكبير في حواره السابق.
إذن المشكلة تتجاوز إقالة المدرب إذا سلمنا بأن للنادي الحق في إقالة المدرب. ولكن مع إقالة المدرب تفقد الأندية أو المنتخب الكثير من الأموال، وفي ذلك نقول إن الأندية معذورة فهي تكون مضطرة للتعاقد مع مدربين في أسرع وقت ممكن وتقع في مصيدة السماسرة وهي لا تعلم عنهم الكثير، ويمكن ألا تجد مدرباً يبدأ مع الفريق الموسم الجديد، وهنا يضع المدرب شروطه ويفرضها مع شرط جزائي ومرتبات خيالية يفوز بها المدرب عند إقالته، حاملاً أموال النادي دون أي فائدة. وهذا ما شهدناه في أنديتنا ومنتخبنا والأمثلة كثيرة جداً.
وإذا كنا لا نستطيع السيطرة على المدربين الأجانب أو ارتفاع مبالغ العقود، إلا أننا يمكننا تربية اللاعبين لدينا تربية رياضية احترافية من خلال نشر مدارس كرة القدم التي تصقل موهبة وثقافة اللاعب، وعندما يستطيع اللاعبون التعامل مع أي ثقافة تدريبية وبصرف النظر عن جنسية المدرب، ويكون لدينا لاعبون قادرون على تفهم الخطط التدريبية الحديثة وتطبيقها. وهذه الطريقة لن تنجح الا بتعاون الجميع من المسئولين في رعاية الشباب واتحاد الكرة واللجنة الأولمبية والأندية واللاعبين انفسهم في تقبل المتغيرات والمستجدات في عالم الكرة. الثقافة الرياضية للاعبينا من الأمور الهامة وهي الحل الذي يمكن أن يخرجنا من دائرة إقالة المدربين المبكرة، وساعتها سيكون اللاعبون من يتحملون الإخفاق، ويمكن عندها أن تتغير الثقافة الرياضية بالكامل. وعلينا أن نتعامل مع وسائل الإعلام والجماهير الرياضية بالوضوح والشفافية لانهم شركاء القرار وعدم ذلك يجعلنا نعيش في صدامات ومواجهات لا تخدم المصلحة العامة والخاسر الأول والأخير هو الرياضية السعودية.