بداية، سأعطي تعريفا للحكومة الإلكترونية، متكئا على بعض المراجع المعرفية التي سعت جاهدة لتحديد مفهوم هذا المصطلح الجديد، كتعريفه بـ"النظام الحديث الذي تتبناه الحكومات باستخدام الشبكة العنكبوتية العالمية والإنترنت في ربط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة والجمهور عموما، ووضع المعلومة في متناول الأفراد؛ لخلق علاقة شفافة تتصف بالسرعة والدقة؛ هدفها الارتقاء بجودة الأداء". وبصيغة مبسطة أكثر: "هي تغیُّر أسلوب أداء الخدمة من أسلوب یتمیز بالروتین والبیروقراطیة وتعدد وتعقد الإجراءات إلى أسلوب یعتمد على استخدام تكنولوجیا المعلومات والاتصالات لتحسین أداء الخدمات الحكومیة، بهدف تقدیمها للمواطن بطریقة سهلة عبر شبكة الإنترنت، مما یوفر الكثیر من الجهد والمال لها، فتنخفض بذلك تكلفة أداء الخدمة".
كما نلاحظ، فإن فكرة الحكومات الإلكترونية قامت وتشكلت وتطورت بسبب مباشر من التقنيات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو أمر يدفعنا مباشرة إلى البحث في مدى مواكبة المؤسسات الرسمية للدول - على وجه الخصوص - لهذا التطور التكنولوجي، ثم مدى وعيها ووعي القائمين عليها من مدراء وموظفين وخلافه بضرورة العمل الحثيث بهذا الاتجاه الجديد، وخلق بيئة مناسبة لانتقال سريع من مؤسسات الإجراءات الورقية المعقدة إلى إجراءات التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.
إن من أهم تمثلات الحكومات الإلكترونية وتجسداتها المواقع الخاصة بالمؤسسات الحكومية على الشبكة العنكبوتية، أي الموقع/الدليل الذي تنشئه كل مؤسسة رسمية وتضخ فيه كل المعلومات التي يحتاجها المواطن وغير المواطن من أجل تواصل أسرع وأفضل، وبالتالي لا يقبل مطلقا أن تفتح أحد هذه المواقع الرسمية على أمل أن تشاهد وتطلع وتتعرف، وربما تنجز معاملاتك، وفجأة تظهر على الموقع العبارة الشماعة التالية: (عذرا.. الموقع تحت الإنشاء)، خاصة إذا ما استمرت هذه العبارة على بعض المواقع الرسمية ردحا طويلا من الزمن!!.
عبارة (عذرا.. الموقع تحت الإنشاء) لا تدل إلا على تعطيل لحركة التطور، وعلى عدم فهم أهمية التكنولوجيا ودورها، ولو فتحنا مواقع العديد من المؤسسات سنجد هذه العبارة الصادمة، في ظل عالم متسارع وتطور رهيب، وقد نقترح في هذا الشأن أن يكون إنشاء المواقع الإلكترونية إلزاميا لكل المؤسسات الحكومية على وجه خاص، وأن تستبدل هذه العبارة بمواقع ديناميكية تفاعلية تسهم في بلورة مفهوم الحكومة الإلكترونية بمعناه الدقيق، على اعتبار أنه أمر لا مفر منه على الاطلاق!.