احتلال الحوثيين سفارة الإمارات العربية المتحدة في صنعاء وطرد موظفيها والعبث بمحتوياتها، تصرف متوقع وليس غريباً، ولا معزولاً عن المحرك الفكري للحركة وعقيدتها الوجودية.
الحوثيون ارتكبوها أسوأ من احتلال سفارة، فهم قد عبثوا بوطنهم اليمن واستباحوا مدنه وأريافه واقتصاده وسفكوا دماء مواطنيهم، فقط كي يعرضوا بلادهم سلعة للتأجير في «الفاترينة» الإيرانية، وليرضى وليهم الفقيه في طهران.
ونظراً للتكوين البنيوي والفكري للحركة الحوثية، فإن العلاقات الدبلوماسية وأدبياتها هي آخر اهتماماتها، ولا ترى نفسها معنية، هذا إذا كانت الحركة تفهم المعنى الفلسفي والاحترافي للعلاقات الدولية وواجباتها والتزامات اتفاقيات جنيف بشأن البعثات الدبلوماسية. والدليل أن الحركة احتلت العاصمة اليمنية صنعاء وتولت مسئوليات الدولة، ويفترض أن تتصرف على أنها دولة بحكم المسئوليات والأخلاقيات الأدبية، ولكنها تصرفت بسلوكية الميليشيا والتبعية الكلية لطهران، حتى متحدثو الحركة الرسميين ومؤيدوها، يدافعون عن الحركة على أنها «ميليشيا» وحينما احتلت اليمن وزعمت أنها تدير الدولة، يدافعون عنها على أنها «ميليشيا» ايضا، ولم يغيروا حرفاً في لوازمهم التي يكررونها منذ أن كانت الحركة مختبئة في كهوف صعدة وبعد أن خرجت إلى السطح وأخرجت مدافعها وأسنانها، واستولت على صنعاء واحتلت اليمن، حتى هزيمتها وتراجعها وفقدانها ثلاثة أرباع اليمن، ولم يتحدثوا بذات اللسان والمفردات وصوت الميليشيا.
وهذه الذهنية الميليشية الحربية هي التي تفرغ قادة الحركة الحوثية ومنظريها من أي احترام لثقافة العلاقات الدولية، لهذا احتلوا سفارة الإمارات وهم لا يرونها إلا مبنى يعادي مالكوه الإماراتيون سلطان الزمان «الولي الفقيه» نائب الإمام المنتظر. ولم يدر بخلدهم كل ما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية وأن سفارات في دول متحاربة تستمر سنين مغلقة لا أحد يمسها التزاماً بمبادئ الحصانة الدبلوماسية وثقافة علاقات الدول والمجتمعات.
وهم، «الحوثيون»، لا يختلفون هنا، ولن يختلفوا، عن ثقافة حركة «داعش» التي لا ترى أبعد مما يرى زعيمها البغدادي المتزمت المصاب بعقد كثيرة ليس أولها الجهل ولا آخرها عقدة عداء الإنسان.
لو أن حركة الحوثيين تستطيع، أو حتى تعرف، أن تخرج من ثقافة الميليشيا إلى ثقافة الدولة، لما طفق زعماؤها وقادتها ومتحدثوها وأوباشها، منذ احتلال صنعاء، يهددون دول الجوار ويبشرون بنصر الولي الفقيه، ويستعرضون صواريخهم وحتى اسلحتهم البدائية، بأساليب رخيصة وفوضوية. وهذه السلوكية هي التي شجعت علي عبدالله صالح على استخدام الحركة أداة للانتقام الأناني المجاني الأعمى. لهذا دخل اليمن في دوامة حرب أهلية لا مبرر لها، سوى أن الذين احتلوا صنعاء وملكوها لا يفرقون بين إدارة خلية متفجرات، وإدارة دولة مسئولة عن مواطنين وأرض وجغرافيا ومصالح وسيادة وطنية وعلاقات جوار وخطط تنمية تتطلب العون من دول الجوار بالذات.
وثقافة ميليشيات الولي الفقيه الطائفية هذه لم تدمر اليمن وحده، وإنما دمرت سوريا ولبنان. ونوري المالكي وهو أكبر معتنقي الثقافة الطائفية الإيرانية وأكثرهم غباء، تسبب في تدمير العراق العظيم، واشعل حربا أهلية بين العراقيين وجعلهم فقراء معدمين، وتحت أقدامهم بحور من الثروات.
وتر
وحيداً، يخطو في مهود الدهناء..
يخاويه نجم شمالي..
وقدماه تخوضان دفء الرمال،
وعذرية الوادي البهي..
يعبر حقول خزامى وعوسج.. وخطى مغاتير..
إذ ضوح الثريا يمتزج بشذى الشيح
وهتاف الرعاة المطربين في رياض الصمان.