DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

يعود تراجع أسعار النفط إلى عوامل العرض والطلب

آثار تراجع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي

يعود تراجع أسعار النفط إلى عوامل العرض والطلب
 يعود تراجع أسعار النفط إلى عوامل العرض والطلب
أخبار متعلقة
 
تدور نقاشات بين المختصين المستقلين أو العاملين في المؤسسات الدولية والإقليمية ومؤسسات ومراكز الأبحاث، حول تأثيرات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي. وضمن هذا الإطار، كون صندوق النقد الدولي مجموعة عمل مشكلة من عدة إدارات داخلية للوصول إلى وجهة نظر مؤسسية حول التطورات في أسواق النفط العالمية وتأثيراتها على سياسات الصندوق والدول الأعضاء. وقد أصدر الصندوق مؤخراً ورقة بما توصلت إليه مجموعة العمل حول هذا الموضوع.. وقد تطرقت الورقة إلى: أولاً: الأسعار 1- التطورات الأخيرة تشير الورقة إلى أن تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014م، يعود إلى عوامل العرض والطلب، وإن كانت عوامل العرض - أي زيادة الإمدادات - تبدو ذات تأثير أقوى في التسبب بتراجع الأسعار من عوامل الطلب، كما ترجحه مؤشرات الاقتصاد القياسي. وقد ارتفعت إمدادات النفط العالمية من المنتجين خارج منظمة أوبك وخصوصاً الولايات المتحدة ومن منتجي المنظمة كالعراق والسعودية. أما بالنسبة لتراجع الطلب العالمي على النفط، فيعود إلى تراجع نموه بأكثر من المتوقع في كل من آسيا وأوروبا. وأدى قرار أوبك بعدم خفض الإنتاج في نوفمبر إلى تغيير توقعات الأسواق مما دفع بالأسعار إلى التراجع إلى مستويات متدنية. وقد شهدت بعض التحسن في الربع الثاني من عام 2015، ولكنها ما زالت أقل بكثير من المستويات التاريخية قبل صيف 2014م. وعلى الرغم من أن حجم المضاربات المالية في عقود النفط ارتفع في السنوات القليلة الماضية، إلا أنه لا يوجد دليل بتسببها في انخفاض أسعار النفط الأخير، ولكن هذا لا ينفي مساهمتها في تضخيم تقلبات أسعار النفط، حيث تراجعت أسعار النفط إلى مستويات متدنية في بداية العام، ولكنها عادت وارتفعت قليلاً بعد ذلك. وعلى العموم يمكن القول إن تراجع الأسعار في نهاية عام 2014م وبداية 2015م يعكس أساسيات السوق. ومن الأمور الجديرة بالاهتمام أن أسعار أسهم شركات النفط وأسعار النفط في نهاية عام 2014م لم يتراجعا بنفس المقدار، حيث لم يؤد الانخفاض الكبير في أسعار النفط إلى تراجع مماثل لأسعار أسهم هذه الشركات. ومن الملفت للنظر أيضاً أن أسعار النفط تعززت في شهر أبريل 2015م على الرغم من الفائض الكبير في عرض النفط، مما قد يشير إلى انخفاض كفاءة الأسواق في تحديد الأسعار، أو سيادة توقعات تراجع فائض المعروض النفطي. 2- التطورات المستقبلية للأسعار لم يستطع المختصون والأسواق المستقبلية ومؤسسات الطاقة توقع حجم تراجع أسعار النفط الأخير، وحتى شهر أكتوبر من عام 2014م لم يتمكن أغلبية مستشرفي الأسعار من تقدير درجة تراجع الأسعار. وقد فاجأ التراجع الكبير في أسعار النفط العاملين في الأسواق المستقبلية ومتوقعي الأسعار، مما يؤكد مجدداً صعوبات توقع أسعار النفط. وتعود هذه الصعوبة إلى انخفاض المرونات السعرية للطلب والعرض النفطي، وانخفاض إمكانية تقدير تصرفات اللاعبين الرئيسيين في الأسواق. وتتوقع العقود المستقبلية أن تصل أسعار النفط إلى 75 دولاراً خلال السنوات القادمة، مع درجة كبيرة من عدم التيقن. ويأتي ارتفاع درجة عدم التيقن إلى تراجع ثقة التنبؤ بالتصرفات الإستراتيجية لمنتجي أوبك، وعدم القدرة على توقع التطورات السياسية في بلدان المنظمة. ويأتي أيضاً من انخفاض القدرة على التصور الصحيح لتأثير تراجع أسعار النفط الأخير على إنتاج النفط من المصادر غير التقليدية في الدول غير الأعضاء في أوبك. ويستغرق تغير إستراتيجيات الاستثمار في إنتاج الطاقة - بسبب تراجع الأسعار - بعض الوقت حتى تؤثر على الإنتاج، ويزيد انخفاض درجة التيقن حول نمو الطلب العالمي من صعوبة توقع الأسعار، حيث تؤثر سياسات دول العالم والنمو الاقتصادي على معدلات نمو طلب الطاقة العالمي، ويطور صندوق النقد الدولي حالياً نموذج عرض وطلب لتوقع الأسعار. 3- الامتدادات إلى أسعار الغاز والفحم على الرغم من الفروقات الكبيرة بين أسعار الغاز الطبيعي في قارات العالم، إلا أنها تتجه للتحرك مع أسعار النفط مع بعض التأخر أو الفوارق الزمنية، مما قد يشير إلى إمكانية حدوث مزيد من تراجع أسعار الغاز الطبيعي في المستقبل القريب. وأدى تطور تقنيات الغاز الصخري إلى وفرة كبيرة في إمدادات الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية، ونتج عن هذه الوفرة خفض كبير في أسعار الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية خلال السنوات القليلة الماضية مقارنةً مع مناطق العالم الأخرى، حتى قبل تراجع أسعار النفط، وكانت أسعار الغاز الطبيعي قد بدأت بالتراجع في أوروبا قبل تراجع أسعار النفط الأخير، بسبب وارادات الفحم الأمريكي الذي أزاحه الغاز الطبيعي جزئياً عن إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة. وعلى العموم أدى تراجع أسعار النفط وربط عقود كثير من عقود الغاز الطبيعي بأسعار النفط - مع بعض التأخر - إلى تراجع أسعار الغاز في أوروبا وآسيا في الفترة الأخيرة. أما بالنسبة للفحم الحجري، فقد قاد تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الصاعدة، وإحلال الولايات المتحدة لكثير من الفحم المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي إلى تراجع الأسعار حتى قبل تراجع أسعار النفط، وقد تراجعت أسعار الفحم الحجري خلال السنوات الأربع الماضية إلى حوالي نصف مستوياتها في عام 2011م، ولم يؤد تراجع أسعار النفط إلى خفض كبير في أسعار الفحم الحجري؛ لأن معظم التراجع قد حصل بالفعل قبل حصول الانخفاض في أسعار النفط، وقد يقود استمرار تراجع أسعار النفط وتراجع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الصاعدة إلى التسبب في توليد المزيد من الضغوط على أسعار الفحم الحجري مستقبلاً. 4- نفاذ تراجع الأسعار قارب معدل نفاذ تراجع أسعار النفط الأخير في النصف الأخير من عام 2014م معدلات تراجع الأسعار في عام 2008م، عندما وصل إلى مستهلكي العالم بشكل عام إلى حوالي 40% من تراجع الأسعار، وسيزداد معدل نفاذ الأسعار مع مرور الوقت وقد يصل إلى 50% من تراجع الأسعار، وعلى العموم فإن معدلات نفاذ الأسعار لم تكن كاملة على مستوى العالم، حيث تتوقف على أساليب تسعير المنتجات النفطية، وإذ ما كان هناك تحكم في الأسعار أو كانت الاسواق حرة في تحديد الأسعار، كما يتوقف على ردود أفعال السياسات العامة تجاه تراجع الأسعار ومستويات الضرائب المفروضة عليها. ثانياً: آثار تراجع الأسعار على المالية العامة شهد صافي الضرائب على الوقود ناقص الدعم المقدم ارتفاعاً في عام 2014 على مستوى العالم باستثناء أوروبا، والتي ارتفعت فيها الضرائب منذ أمد بعيد، ونتج عن هذا الارتفاع تعديلات جزئية على الأسعار المحلية في عدد من دول العالم، وقد ازدادت الضرائب على البنزين والديزل في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا أكثر من غيرها، ومع ذلك ما زال صافي الضرائب في هذه المنطقة متدنياً مقارنةً بمناطق العالم الأخرى، وقاد تراجع أسعار النفط إلى تراجع مخصصات الدعم في الدول التي تحدد او تتحكم بأسعار المنتجات النفطية. وترتفع وفورات المالية العامة من تراجع الأسعار إذا كانت معدلات نفوذ الأسعار منخفضة، وتعكس الوفورات المالية التغيرات في الدعم والضرائب الظاهرية والضمنية، والتي يمكن الحصول عليها من خلال تقدير الفروقات بين الأسعار العالمية والمحلية. ففي حالة الدول المصدرة للنفط، فإن الوفورات المالية من تراجع أسعار النفط لا تدر أي إيرادات مالية على هذه الدول، حيث تتعادل الوفورات المالية من تراجع الدعم مع الخسائر من تراجع أسعار المنتجات المدعومة. من ناحيةٍ أخرى، حققت الدول المستوردة الداعمة لأسعار المنتجات النفطية وفورات مالية من تراجع أسعار النفط، ولكن هذه الدول ستفقد هذه الوفورات في حالة عودة أسعار النفط للارتفاع. وقد شهد عدد كبير من الدول المتحكمة بأسعار المنتجات النفطية تراجعاً في أسعار هذه المنتجات، ولكن بقيم أقل من قيم تراجعها العالمي، واستغلت بعض الدول تراجع أسعار النفط الخام لإصلاح سياسات دعم الوقود، مما قاد في بعض الأحيان إلى ارتفاع أسعار المنتجات النفطية، كما حدث في بعض الدول الأفريقية كأنغولا والكاميرون وغانا ومدغشقر. وتتبع المكسيك نظاماً فريداً في دعم أسعار منتجات النفط، حيث يتم دعم أسعار المنتجات النفطية في حالة ارتفاع أسعار النفط العالمية، وينقلب هذا الدعم إلى ضرائب في حالة تراجع أسعار النفط العالمية. ويعوض هذا النظام جزئياً عن تراجع الإيرادات المالية الناتج عن تراجع أسعار النفط العالمية، ويدعم المستهلكين في حالة ارتفاعها، ويقدر إجمالي الوفورات المالية العامة العالمية الحالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط بحوالي 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وترتفع هذه الوفورات في بعض المناطق كالشرق الأوسط ووسط آسيا، (ومن المستغرب أن لا تتطرق الورقة في هذا الجزء لآثار تراجع أسعار النفط على إيرادات الدول المصدرة للنفط، والتي خسرت جزءا كبيرا من إيرادتها المالية بسبب تراجع أسعار النفط، وقد لا تقل خسائر الدول المصدرة المالية عن المكاسب التي حققتها باقي دول العالم نتيجةً لتراجع مخصصات دعم الوقود). ثالثاً: الآثار الاقتصادية الكلية لتراجع أسعار النفط لم يقد تراجع أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2014م إلى أي تحسن في نمو الاقتصاد العالمي في نفس العام. من ناحيةٍ أخرى، تشير النماذج الاقتصادية الكلية بوجه عام إلى أن الاقتصاد العالمي سينتعش نتيجةً لتراجع أسعار النفط وبنسبة قد تصل إلى 0.5% في عامي 2015م، 2016م، وذلك على الرغم من عدم نفاذ كامل تراجع الأسعار إلى المستهلكين النهائيين، وفي غضون ذلك تم تخفيض توقعات النمو في عدد كبير من البلدان بسبب الهزات الاقتصادية الأخرى، وميل عدد من الدول المستوردة للنفط إلى توفير المكاسب من تراجع أسعار النفط، وستدعم الوفورات المالية الناتجة عن تراجع قيم واردات النفط والدعم المقدم في عدد من دول العالم الملاءة المالية للمؤسسات الخاصة والعامة، مما سيعزز إمكانيات النمو الاقتصادي. ويأتي ضعف تأثير تراجع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي نتيجةً لتراجع مساهمته في إجمالي الإنفاق والتكاليف. من ناحيةٍ أخرى ما زالت ميزانيات الكثير من المؤسسات تعاني من تبعات الأزمة المالية في عام 2008م، ولهذا قد تستخدم الوفورات لتسديد مستحقات الديون بدلاً من إنفاقها على السلع والخدمات اللازم لتعزيز النمو الاقتصادي، وقد تم خفض توقعات نمو الدول المصدرة للنفط بسبب تراجع قيم صادراتها وإيراداتها النفطية في توقعات شهر أبريل من عام 2015م مقارنةً بتوقعات الصندوق في شهر أكتوبر من عام 2014م بحوالي 3.5% من الناتج المحلي لعام 2016م، كما رفعت توقعات التضخم في الدول المصدرة للنفط والعجوزات المالية والديون الوطنية، بينما رفعت توقعات نمو الدول المستوردة للنفط بنسبة محدودة لا تتجاوز 0.1% وخفضت توقعات تضخمها وتحسنت توقعات حساباتها الجارية. ومن المتوقع أن يقود تراجع أسعار النفط إلى نمو الاقتصاد العالمي بحوالي 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عامي 2015، 2016م، وسيرتفع النمو قليلاً في عام 2017م، ويتراجع بعد ذلك إلى أن يصل إلى 0.3% من الناتج المحلي العالمي في عام 2020م، وسينمو الاقتصاد الأمريكي بحوالي 1.0% في عامي 2015 و2016م نتيجةً لتراجع أسعار النفط، ثم يتراجع التحسن في السنوات التالية ليصل إلى 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020م، وسيتحسن نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 0.7% في عام 2015م نتيجةً لتراجع أسعار النفط، ويرتفع بعض الشيء في الأعوام التالية، ثم يتراجع إلى 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020م، وتنخفض معدلات النمو الناتجة عن تراجع أسعار النفط في كلٍ من الهند وأوروبا إلى حوالي 0.5% و0.3% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي في الفترة من 2015-2020م. وتأتي توقعات النمو هذه تحت فرضية التمرير الجزئي لخفض الأسعار إلى المستهلكين، ولو تم نفاذ كامل خفض الأسعار إلى المستهلكين لتضاعفت بشكل إجمالي نسب نمو هذه الدول. أما بالنسبة لمعدلات التضخم العالمي فستنخفض بنسبة 2.0% في عام 2015م بسبب تراجع أسعار النفط ثم تتلاشى تأثيرات تراجع أسعار النفط على معدلات التضخم في السنوات التالية. وقد شهد العالم خلال العقود الثلاثة الماضية ثلاثة تراجعات حادة لأسعار النفط، الأول في عام 1986م والثاني في 2008م والأخير في 2014م. وقد تراجعت الأسعار في عام 1986 بسبب صدمة العرض الذي جاء بعد زيادة أوبك لإنتاجها، اما التراجع الثاني فجاء نتيجةً لهزة الطلب الناتج عن الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، وجاء التراجع الأخير بسبب صدمة العرض بشكل رئيس، ولكن تراجع الطلب ساهم أيضاً في تراجع الأسعار. وقد جاءت ردة فعل اقتصاد الدول المتقدمة مختلفة في الحالات الثلاث، حيث لم يطرأ تغيير على مسيرة نمو اقتصادات الدول الصناعية في عام 1986م، كما لم يطرأ تغيير على النمو في عام 2014م نتيجةً لتراجع الأسعار، بينما عانى اقتصاد الدول الصناعية من تراجع قوي في الناتج ولكن بسبب الأزمة العالمية، وليس بسبب تراجع أسعار النفط في عام 2008م. ويبدو أن تراجع أسعار النفط في الحالات الثلاث لم يتسبب في تغيير مسار معدلات نمو الاقتصاد العالمي في السنة الأولى من تراجع الأسعار. وسيظهر تأثير تراجع الأسعار الأخير على نمو الاقتصاد العالمي في الأعوام التالية للسنة الأولى. من ناحيةٍ أخرى، ظهر تأثير تراجع أسعار النفط على معدلات التضخم وبصورة سريعة وقوية في الحالات الثلاث، وإن كان تأثير تراجع الأسعار الأخير أقل من المرتين السابقتين. وبالإضافة إلى ذلك، أثر تراجع الأسعار على الحسابات الجارية للدول، حيث تحسنت للدول المستوردة للنفط، بينما تراجعت الحسابات الجارية بقوة للدول المصدرة للنفط وخصوصاً التي تتبع نظام صرف ثابتا. رابعاً: العواقب على القطاع المالي سيستفيد الاقتصاد العالمي من تراجع أسعار النفط، ولكن سرعة وحجم التراجع قد تسبب في إحداث عدد من المتاعب المالية التالية في بعض المناطق: 1- تضخيم مخاطر الائتمان ارتفعت مخاطر ائتمان عدد من البلدان والشركات الأكثر تعرضاً وتأثراً بتطورات القطاع النفطي منذ صيف 2014م، وتنعكس هذه المخاطر في فروقات السندات وأسعار الأسهم وتحركات أسعار الصرف، وقد ارتفعت فروقات العوائد المطلوبة على السندات في الدول المصدرة على النفط، ولكن ليس بنفس النسبة، حيث تختلف أوضاع هذه الدول المالية، وارتفعت الفروقات إلى أكثر من 180 نقطة أساس على سندات بعض الدول المصدرة للنفط خارج منظومة دول مجلس التعاون، بينما وصلت إلى حوالي 130 نقطة أساس في بعض دول مجلس التعاون الخليجي في شهر مارس من عام 2015م. هذا وقد تراجعت معدلات صرف عملات بعض عملات الدول المصدرة للنفط مما حسن من إيرادات المالية العامة، ولكنه قد يقود إلى رفع معدلات التضخم. وأدى تراجع أسعار النفط إلى خفض إيرادات الشركات النفطية، مما رفع حاجتها للاقتراض وزاد من مخاطر ائتمانها، وخفضت المصارف ومستثمرو السندات من درجة تعرضهم لقطاع الطاقة، مما قد يقود إلى الضغط على الائتمان المقدم لقطاع الطاقة. وتحدث حالات الإفلاس في قطاع الطاقة عادة بعد عام من تراجع الأسعار، ولهذا قد يظهر الأثر الكامل لتراجع الأسعار على شركات إنتاج النفط عند نهاية عام 2015م، ومن المتوقع أن يزيد تراجع أسعار النفط طويلة الأجل من مخاطر إقراض شركات التنقيب والاكتشاف مرتفعة التكاليف، وهذا سيقود إلى خفض الاستثمار في عمليات تطوير واكتشاف النفط بما في ذلك النفط غير التقليدي خلال الأعوام القادمة. من ناحيةٍ أخرى، أدى تراجع أسعار النفط إلى تراجع تحويلات الكثير من العاملين الأجانب في الدول النفطية، مما قد يعرض القطاعات المصرفية في الدول المصدرة للعمالة لضغوط توفير العملات الأجنبية، مما سيرفع المخاطر التي تتعرض لها القطاعات المالية في هذه الدول. 2-الفوائض النفطية والسيولة العالمية ارتفعت احتياطات الدول النفطية من النقد الأجنبي بحوالي خمسة أضعاف خلال السنوات العشر الماضية، حيث زادت بحوالي 1.1 تريليون دولار، وتمثل هذه الزيادة حوالي 15% من زيادة النقد الأجنبي العالمي خلال الفترة، وتملك الدول المصدرة للنفط (من القطاعين العام والخاص) حوالي 2 تريليون دولار في استثمارات أمريكية تتوزع بين الأسهم (1.3 تريليون دولار) والسندات (580 بليون دولار). وقد تراجعت احتياطات الدول المصدرة للنفط من النقد الأجنبي في عام 2014م بحوالي 88 بليون دولار، ومن المتوقع أن تتراجع أكثرهذا العام، وستشهد الأسواق العالمية إعادة توازنات بين مصدري ومستوردي النفط، حيث من المتوقع أن يحل مستوردي النفط الذي حققوا وفورات من تراجع أسعار النفط محل مصدري النفط في الاستثمارات المباعة، وقد يقود إعادة التوازنات على المستوى العالمي واختلاف تفضيلات اللاعبين في الأسواق العالمية إلى بعض الضغوط على معدلات الفائدة العالمية طويلة الأجل. 3- الضغوط على الهيكل المالي اجتذبت أسواق السلع اهتمام المؤسسات الاستثمارية خلال العقد المنصرم، ومن الأمثلة على ذلك استحواذ المضاربين على 45% من العقود المستقبلية لخام غرب تكساس المتوسط في عام 2014م، وتسري مخاوف من أن تقود التغيرات الهيكلية في أسواق النفط إلى التسبب في موجات بيع واسعة وعجز المصارف عن التعامل مع موجات البيع القوية، مما قد يتسبب في اضطراب الأسواق، وقد تراجعت الاستثمارات في أوراق الطاقة بحوالي النصف خلال عام 2014م. خامساً: تجاوب السياسات مع تراجع الأسعار تفاوتت ردود أفعال الحكومات على تراجع أسعار النفط، ولكن لم تنه كثير من الدول صياغة وتفعيل ردود افعالها، وتتوقف ردود أفعال الدول على المكاسب والخسائر المتحققة والمحتملة من تراجع الأسعار، فالدول المصدرة للنفط خسرت من تراجع الأسعار بينما ربح المستوردون. 1- الدول المصدرة للنفط ستركز الدول المصدرة للنفط على قضايا تكيف المالية العامة الناتج عن تراجع الإيرادات النفطية، وقد تراجعت إيرادات النفط الحكومية بما في ذلك إيرادات الدول التي رفعت حجم إنتاجها النفطي، ومن المتوقع أن تظل الإيرادات النفطية أقل بكثير من احتياجات موازنة مصروفات معظم الدول المصدرة المالية، حتى لو تحسنت أسعار النفط بعض الشيء مستقبلاً. وتتوقف درجة وسرعة التكيف المالي في الدول المصدرة للنفط على حجم الوفورات من العائدات النفطية في السنوات الماضية، وقد تضطر الدول التي تواجه مخاطر مالية خارجية إلى خفض معدلات صرف عملاتها أو زيادة مرونة أسعار الصرف، وتعاني الدول المصدرة المثبتة لعملاتها من أشد آثار تراجع أسعار النفط السلبية، حيث ستتراجع الإيرادات بنسب قريبة من تراجع الأسعار، كما ستتراجع موازينها الخارجية بنسب أعلى من الدول صاحبة معدلات الصرف المرنة. وباستطاعة الدول الأقل تعرضاً لمخاطر التضخم وعجوزات موازينها المالية والخارجية، والتي تملك احتياطات مناسبة كالنرويج التكيف تدريجياً مع تراجع الأسعار، بينما على الدول التي تواجه مخاطر تضخم مرتفعة، أو عرضة لمخاطر كبيرة في موازينها المالية والخارجية التحرك بسرعة للتكيف مع تراجع الأسعار. وبإمكان الدول التي تمارس سياسات أسعار صرف مرنه تخفيف آثار تراجع الأسعار على سياساتها المالية وموازينها الخارجية، بينما تحتاج الدول التي تطبق سياسات صرف ثابتة إلى تشديد سياساتها المالية. وتستطيع الدول التي تملك احتياطات ضخمة التكيف في الأمد المتوسط مع تغير الأسعار، وقد تتمكن من تسهيل السياسة المالية في الأمد القصير، وذلك للحد من آثار تراجع الأسعار على النمو الاقتصادي، وتوجد مجموعة من الدول مثل بعض دول مجلس التعاون التي تعتمد بدرجة عالية على النفط ولديها احتياطات كبيرة من الأصول الأجنبية، ولكنها تستخدم عمالة أجنبية كبيرة، كما أن اقتصاداتها منخفضة التنوع، ومعدلات نفوذ تقلبات الأسعار العالمية عالية إلى أسواقها، ومعدلات صرف عملاتها ثابتة، وقد تواجه بعض هذه الدول مخاطر عجوزات مالية ضخمة مستنزفة للاحتياطات الضخمة من الأصول الأجنبية. وتستطيع هذه الدول المحافظة على سياسات الصرف الثابتة واتخاذ الخطوات اللازمة لتقوية سياستها المالية بشكل تدريجي يتناسب مع حجم الاحتياطات، وبإمكان هذه الدول استغلال صغر ديونها الوطنية للاقتراض لسد العجوزات المستقبلية وتنمية أسواق السندات المحلية. 2- الدول المستوردة سيرفع تراجع أسعار النفط الدخل الحقيقي للأسر، وأرباح الشركات في القطاعات غير النفطية في الدول المستوردة للنفط، كما سيحسن من الأوضاع المالية في القطاعات الداعمة للوقود، وتستطيع الدول التي تتمتع بمعدلات نفاذ مرتفعة تمرير كامل المنافع من تراجع الأسعار إلى الأسر، وبدون اتخاذ أي إجراءات نظراً لكون أوضاعاها الاقتصادية جيدة كالولايات المتحدة. ويسهل في عدد من الدول التي تذهب مكاسب تراجع أسعار النفط إلى القطاع العام تبني سياسة التدعيم والرشادة المالية، وسيكون من المفيد لعدد من الدول الاستفادة في هذه الفترة بتقوية جدارة سياساتها النقدية، حيث سيمكن تراجع معدلات التضخم - الناتج عن تراجع أسعار النفط - المصارف المركزية من خفض معدلات الفائدة الأساسية في الدول التي ترتفع فيها معدلات التضخم، كما يمكن للدول التي تتخوف من انكماش الأسعار أن تتساهل أكثر في سياساتها النقدية، ويمكن استغلال الوفورات الناتجة عن أسعار النفط في زيادة الإنفاق على الخدمات العامة. 3- السياسات متوسطة الأمد تستطيع الدول المصدرة للنفط الاستفادة من تراجع أسعار النفط من خلال تبني وتنفيذ برامج إصلاحات ضرورية ونافعة بحد ذاتها للاقتصاد، والتي كان يصعب تطبيقها سياسياً عندما كانت الأسعار مرتفعة، ومن أبرز تلك الإصلاحات برامج تدعيم ورشادة السياسات المالية المنسجمة مع تراجع الإيرادات النفطية والصادرات، وينبغي أن تستهدف برامج الإصلاحات تعزيز آفاق النمو الاقتصادي، واعتبارات عدالة توزيع الدخل، وزيادة التنوع الاقتصادي، وستدعم إصلاحات القطاعات الحقيقية والمالية، وزيادة التنافسية من قوة القطاع الخاص والتنوع الاقتصادي. وينبغي على المصدرين تقوية إدارة السيولة في القطاع المالي، وتعميق الأسواق المالية، والتعامل مع مخاطر التركزات المالية. وتستطيع بعض الدول المصدرة للنفط زيادة مرونة صرف عملاتها، ولكن الدول المصدرة التي تطبق سياسات صرف ثابتة عليها الاعتماد بشكل شبه كامل على رشادة السياسة المالية للتأقلم مع تراجع إيرادات النفط والحد من العجوزات في الموازين المالية والخارجية. ويتوقف استخدام سياسة مرونة أسعار الصرف على قدرة الدول على إدارة سياسة مالية مستقلة، والعمق المالي، والتنويع الاقتصادي. فكلما قل التنوع الاقتصادي وارتفع الاعتماد على العمالة الأجنبية كلما قل تأثير مرونة سياسات الصرف في إعادة التوازن إلى الموازين الخارجية، ويمكن للدول المصدرة والمستوردة للنفط استغلال تراجع أسعار النفط لإصلاح سياسات تسعير الطاقة والضرائب عليها، ويمكن لجميع الدول استغلال فرصة تراجع أسعار النفط لإزالة التشوهات في قطاع الطاقة كالإعانات وزيادة الضرائب على منتجات الطاقة لتغطية الآثار السلبية لاستهلاك الطاقة، ويمكن للدول زيادة الشفافية المالية لقطاع الطاقة بما في ذلك البيانات المالية لشركات النفط والطاقة العامة، كما ينبغي أن تظهر بيانات الميزانيات العامة للدول بيانات أو تقديرات لقيم دعم الطاقة الظاهرة والضمنية.