نشر بصحيفة الحياة يوم الخميس الماضي أنه في حادثة تعد الأولى من نوعها في السعودية، حوت مراجعة مواطن لمقر احدى الوزارات بمنطقة الرياض قبل أشهر مطالباً بإنهاء معاملة تخصه متعطلة منذ أعوام طويلة، وعندها قام وكيل الوزارة بضرب المواطن الذي تجاوز عمره ٨٨ عاماً، وطرده من المكتب ما دفعه إلى تقديم شكوى إلى الوزير الذي وجه مباشرة بإنهاء معاملة المواطن من دون تأخير، ولجأ المواطن إلى المحكمة الجزائية مطالباً بإيقاع عقوبة تعزيرية على وكيل الوزارة لقاء اعتدائه عليه بالضرب واستعلائه وكبريائه، وسجلت الدعوى القضائية عقد عدد من الجلسات بحضور المدعي، إذ غاب «المدعى عليه» عن حضور الجلسة الأولى رغم إبلاغه بموعدها من المحكمة. وحددت جلسة أخرى وحضر فيها أحد الموظفين بالوزارة بصفته وكيلاً شرعياً ينوب عن وكيل الوزارة للترافع في القضية، إذ أنكر حادثة «الصفعة» التي تعرض لها في مكتب الوكيل ليتم تحديد جلسة أخرى. وطلب المواطن المسن في الجلسة الأخيرة بأن يحلف وكيل الوزارة «اليمين»، بعد إنكاره الحادثة، إذ أبلغ القاضي حينها الوكيل الشرعي بضرورة حضور المتهم لحلف اليمين قبل أن يتدخل «مسؤول» كبير في الوزارة وينهي القضية بالصلح بين الطرفين. وتم إنهاء القضية بـ «الصلح» بين الطرفين، بدفع وكيل الوزارة مبلغ ١٠٠ ألف ريال للمسن مقابل تنازله عن الدعوى، وعدم مطالبته بأي حق أمام القضاء، وأغلق ملف القضية بصك شرعي من المحكمة الجـزائية بالرياض.
ديننا الإسلامي دين المحبة والرحمة والعطف والسلام والتسامح والعدل والمساواة، وفي النظام الأساسي للحكم بمملكتنا الحبيبة نصت المادة السابعة انه « يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة»، وفي المادة الثامنة « يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل، والشورى، والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية». وولاة أمرنا -أيدهم الله- حريصون قولا وفعلا على تنفيذ الشريعة الإسلامية بتطبيق العدل وحفظ كرامة الإنسان والمساواة، واحترام الحقوق، وعدم التجاوز عليها، أو الإساءة إليها، ونلاحظ ذلك في تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله- عندما قال « يوجد في بعض الدول الأخرى الملوك أو الرؤساء لهم حصانة ضد الدعاوى، هنا يستطيع أي مواطن أن يرفع قضية على الملك أو ولي عهده، أو أي فرد من أفراد الأسرة ». وكذلك في قراراته الحازمة التي اتخذها بإعفاء بعض المسؤولين وإحالة من صدرت منه إساءة لهيئة التحقيق والادعاء العام للمحاكمة.
ومع خبر حادثة ضرب وكيل الوزارة للمواطن يتضح وجود نظام أساسه الشريعة الاسلامية يحفظ الحقوق وكرامة الإنسان وحمايتها من أي إساءات جسدية أو لفظية، وكذلك يتضح تطبيق النظام باتجاه المعتدى عليه للمحكمة وأخذه لحقه الشخصي بصك شرعي. وفي مراحل التنمية الشاملة التي نعيش خيراتها واقعا ملموسا بمملكتنا الحبيبة تبرز أهمية متابعة أقوال وأفعال ولاة أمرنا التي تعكس منهجا تنفيذيا واضحا للشريعة الاسلامية يستفيد منه الجميع ومن ذلك استقبالهم للمواطنين بابتسامة وتواضع وحرص وانجاز بدقة لحاجاتهم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم « تبسمك في وجه اخيك صدقة»، وقال تعالى «إِن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً».
وأخيراً وليس آخراً بمناسبة عيد الفطر نسأل الله ان يتقبل صيامنا وقيامنا وكل عام والجميع بخير. ولا ننسى ان نبتسم ونفرح وندعو الله أن يحفظ جنودنا البواسل ووطننا الغالي من كل مكروه.