DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

سياسات الاقتصاد الكلي

سياسات الاقتصاد الكلي

سياسات الاقتصاد الكلي
أخبار متعلقة
 
بعد أكثر من خمس سنوات من بداية التحولات السياسية والاقتصادية في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يدور حوار في بلدان المنطقة حول الرؤية الاقتصادية للمستقبل؛ من أجل النهوض بمستويات المعيشة للمواطنين وتحقيق الرفاهية لهم. ويرى صندوق النقد الدولي أنه من المفيد في رؤية المشهد الراهن أن يتم النظر إلى ثلاثة مسارات يمكن أن تتخذ بعض دول المنطقة واحداً منها، فيما يتعلق بمستقبلها الاقتصادي. المسار الأول هو التدهور الاقتصادي، إذا ما أدى التكالب على السلطة السياسية إلى الحيلولة دون تحقيق الاستقرار، ناهيك عن الإصلاح الاقتصادي. والمسار الثاني هو الاستقرار الاقتصادي. وإذا ما أعيد التأكيد على المصالح المكتسبة في عالم الأعمال، فسوف تتاح فترة زمنية خالية من التدهور الاقتصادي، ولكنها كفيلة بإعادة المنطقة إلى الكساد الاقتصادي أو النمو الضعيف على أفضل تقدير. أما المسار الثالث فهو ظهور اقتصاد جديد، حيث تبدأ الحكومات المنتخبة حديثاً في تلمُّس طريقها بالتدريج للقضاء على الاضطرابات الاقتصادية والاضطلاع بالإصلاحات اللازمة لإتاحة فرصة اقتصادية أكبر لشعوبها. ومن الواضح مما سبق أن نطاق التغيير المطلوب في بلدان التحولات السياسية لم يكن سياسياً فقط، بل يمتد إلى عمق الشأن الاقتصادي. فقد طالب المواطنون بأن يكون لهم رأي في الحصول على فرص أكبر للوصول إلى الرخاء وتحقيق طموحاتهم الإنسانية. وإذا كانت هناك حقيقة تلخص كل مشكلات المنطقة فهي أن الصادرات غير النفطية في المنطقة بأكملها تبلغ قيمتها 365 مليار دولار، أي أنها تعادل تقريباً صادرات بلجيكا، ذلك البلد الذي يبلغ تعداد سكانه أحد عشر مليون نسمة، وليس 400 مليون نسمة - هو تعداد سكان العالم العربي. ولا شك أن هذا يعتبر مؤشرا حاسما لطبيعة وحجم المشاكل الهيكلية التي تواجه بلدان التحول العربي. فإذا لم تستطع أن تصدر إلى العالم الخارجي، فإنها سوف تظل تراوح في مكانها تخدم فقط سوقاً محلية محدودة. وكما لوحظ، فإن بلدان المنطقة لا تزال غير قادرة على توفير فرص عمل كافية لتوظيف أعداد السكان المتزايدة. وحتى يتحقق النمو القابل للاستمرار على نطاق واسع، ينبغي أن تنتقل دول المنطقة من الاستثمار الذي تسيطر عليه الدولة إلى الاستثمار الخاص ومن الصناعات المحمية والسعي للكسب الريعي إلى النمو القائم على التصدير وخلق القيمة المضافة. فهذا هو المصدر الذي ستأتي منه فرص العمل، خاصة في البلدان التي تعاني من أزمة بطالة، حيث لوحظ أن الأسباب الرئيسية لها هي الفجوة القائمة بين المعروض من الوظائف (متدنية النوعية والأجر) والطلب المقدم عليها (غالبيتهم من خريجي الجامعات من ذوي الشهادات الجامعية الذين يبحثون عن وظائف تلبي احتياجاتهم المعيشية والأسرية وطموحاتهم المهنية والمعنوية). كذلك من أجل إطلاق إمكانات النمو الهائلة في المنطقة، تبرز ضرورة دعم القطاع الخاص لكي يصبح المصدر الرئيسي للنمو، ولن يحدث هذا إلا إذا كان يستطيع النفاذ إلى الأسواق العالمية، وليس فقط إلى أسواقه المحلية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال جعله شريكا أساسيا في برامج التنمية وتعظيم الاستفادة من أشكال المشاريع المشتركة القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودعم تحوله لقطاع شفاف ومحوكم قائم على التنافسية والشراكة وليس فقط الدعم المقدم من الحكومات. ومن ثم فإن الوقت قد حان لحوار بناء مع قادة السياسة والفكر بشأن مستقبل بلادهم الاقتصادي، وهو حوار قد يؤدي إلى خارطة طريق واستراتيجية للتحول تتوجه من خلالها طاقات الشعوب نحو هدف مشترك. ويجب أن تكون عملية تحديد جدول أعمال الإصلاح في كل بلد من بلدان المنطقة قائمة على المشاركة، كما يجب أن تستفيد من وجهات نظر كل الأطراف المعنية. فلا يمكن فرض خطط الإصلاح، مهما كانت سليمة من الناحية الفنية، دون فهم وقبول واسع من الرأى العام. ولا شك أن مثل هذه الحوارات انطلقت بالفعل في غالبية دول المنطقة سواء على مستوى الحكومات أو الخبراء ومؤسسات المجتمع المدني سعيا للوصول إلى أولويات الإصلاحات الاقتصادية. والأولوية الأولى التي تبرز في خضم هذه الحوارات هي وضع رؤية مشتركة بشأن سياسات الاقتصاد الكلي من أجل تحسين مستويات المعيشة، حيث إن كل بلد يحتاج إلى رؤية قوية، ومن المهم أن تكون مشتركة أيضاً، لأن هذا يوفر التأييد المطلوب لخلق فرص العمل ورفع مستويات المعيشة. وعلى مستوى فني أعلى، من المهم تغيير مكونات الإنفاق الحكومي لتحقيق مزيد من العدالة والكفاءة - وهو ما يحقق في النهاية مزيداً من النمو الذى يعود بالنفع على جميع فئات المجتمع، وهو ما يعني زيادة عدد المدارس والجامعات وتخفيض أشكال الدعم المختلفة التي تستفيد منها الطبقات القادرة في المقام الأول. الأولوية الثانية هي ضرورة خلق فرص العمل، وخاصة للشباب، حيث يتم التركيز هنا على نظم التعليم التي تؤدي إلى عمالة منتجة، والقواعد المنظمة لسوق العمل التي تحمي العمالة دون فرض قيود مفرطة على أصحاب الأعمال، وتحسين مناخ الأعمال. والأولوية الثالثة هي الشفافية والحوكمة، حيث ينبغي أن تكون أجهزة الدولة موضع مساءلة أمام مواطنيها - وذلك عن طريق نشر معلومات الميزانية على شبكة الإنترنت، على سبيل المثال. والأولوية الأخيرة هي تعزيز فرص العمل والنمو والمساواة ووجود قطاع خاص مزدهر. ويعني هذا تحسين مناخ الأعمال. وهناك الكثير الذي يمكن القيام به للانتقال من نظام يقوم على المحسوبية والمعاملة التفضيلية إلى نظام يقوم على المنافسة والشفافية. وينطوي هذا على تبسيط الروتين الإداري في إقامة الشركات، وتحسين فرص الحصول على الائتمان، وشفافية المناقصات ووجود برامج داعمة ومحفزة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي هي غالبية أنشطة الاقتصاد، ورواد الأعمال.