أغلق سوق الأسهم السعودية تداولات الأسبوع الماضي على تراجع ملحوظ بنحو 241 نقطة أي بنسبة 2.5%، وكان ذلك بفعل الاضطرابات الاقتصادية الحاصلة بسبب أزمة ديون اليونان والأحداث الدراماتيكية التي رافقتها والتراجعات الملحوظة على أسواق السلع، بالإضافة إلى التطورات الأمنية التي شهدتها دولة الكويت، لكن من الملاحظ أن الأسهم القيادية كان لها النصيب الأكبر من التراجعات خاصةً في قطاعات المصارف والصناعات البتروكيماوية والاسمنت، في الوقت نفسه كانت هناك العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة تشهد ارتفاعات جيدة، وهذا يعكس أخباراً إيجابية، ربما ستشهدها تلك الشركات في مقبل الأيام، وهذا ما يفسّر العمليات المضاربية المحمومة التي شهدتها الشركات محل الحديث خلال الأسبوع المنصرم مثل أسهم تكوين وبدجت والدريس.
أما من حيث السيولة المتداولة فقد شهدت ارتفاعاً قياسياً مقارنةً بالأسابيع الخمسة الماضية، حيث سجل السوق سيولة متداولة بنحو 32.9 مليار ريال مقارنةً بحوالي 23.3 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا يعكس قوة شرائية كبيرة دخلت السوق، لكن الدعم الأهم 9،000 نقطة لم يُكسر، ولو تم كسره بتلك السيولة لكان ذلك دليلاً على أن القوة البيعية هي الأقوى وأن السلبية ستكون طاغية على أداء السوق خلال الفترة القليلة المقبلة لكن ذلك لم يحدث.
وربما كان لدخول الأجانب ولو بشكل بسيط أثر على ارتفاع عمليات الشراء لكن الدلائل التي تشير إلى نتائج إيجابية ستظهر على العديد من الشركات المدرجة خاصةً تلك المؤثرة على المؤشر العام كان لها بالغ الأثر إلى توجه العديد من المتداولين إلى الشراء.
التحليل الفني
بعد الهبوط الحاصل الأسبوع الماضي تمكن المؤشر العام من احترام مستويات 9،000 نقطة، وهو الدعم النفسي الأهم خلال المرحلة الحالية، رغم السيولة المرتفعة مقارنةً بالأسابيع الخمسة السابقة، وهذه إشارة إيجابية لكن مع استفتاء الأحد في اليونان حول موافقة الشعب اليوناني على خطة الإنقاذ الأوروبية قد يكون هناك ضغوط كبيرة على أسواق الأسهم العالمية ومنها السوق السعودي، بالإضافة إلى الضغوط الواضحة على أسواق السلع ومنها النفط، كل تلك الأمور تدعو إلى الترقب للأوضاع الدولية وخاصةً اليونان مع توقعي بأن الشعب اليوناني سيرفض تلك الخطة، وهذا الرفض له نتائج سلبية على أداء أسواق العالم ككل، فلو استقر المؤشر العام للسوق السعودي فوق مستوى 9،000 نقطة خلال هذا الأسبوع فتلك إشارة على متانة السوق، وأنه بالفعل ينوي الصعود مستقبلاً لما فوق مستويات 10،500 نقطة، أما لو تم كسر دعم 9،000 نقطة وبقي السوق تحته حتى نهاية الأسبوع فربما يكون ذلك إشارة غير مؤكدة على استمرار الهبوط حتى مشارف 8،550 نقطة.
أسواق السلع الدولية
بعد ثبات خام برنت طوال ثلاثة أشهر فوق دعم 62$ للبرميل فقد الخام هذا الدعم المهم خلال تداولات نهاية الأسبوع الماضي وذلك بفعل ارتفاع المعروض النفطي لأعلى مستوياته منذ العام 2008م، بعد أن رفعت المملكة العربية السعودية والعراق إنتاجيهما لأعلى مستوياته، بهدف محافظة منظمة أوبك على حصته من معروض النفط العالمي، بل والأخذ من حصص الدول المنتجة خارج المنظمة مثل أمريكا وروسيا، وكانت أمريكا قد بدأت رفع إنتاجها النفطي منذ مطلع العام الحالي فقامت دول منظمة أوبك بدورها بالرفع من إنتاجها حتى تقطع الطريق على كل من يريد الأخذ من حصة أوبك والتي تبلغ حوالي ثلث الإنتاج العالمي، لذا لو بقي الخام دون مستوى 62$ للأسبوعين المقبلين فهذا يرجح فرضيّة اتجاه الخام نحو مستوى 49$ للبرميل.
أما خام وست تكساس فلم يكن بأفضل من سابقه حيث فقد هو الآخر مستوى دعم مهم جداً عند مستويات 56$ للبرميل، ومن شأن بقائه دون هذا المستوى أن تزداد عمليات البيع لتصل به نحو الدعم الأهم عند 51$ للبرميل، ومما يدعم سيناريو الهبوط هو عدم ظهور أي تقرير يبدي تحسّن في القطاع النفطي الأمريكي، بل إن عدد منصات الحفر تزداد انخفاضاً منذ حوالي 29 أسبوعا وهذا يوحي بفداحة الخسائر للشركات العاملة في هذا الحقل الحيوي.
أما أسعار الذهب فقد اندفعت نزولاً على غير عادتها عند حدوث أزمة اقتصادية، فعادةً ترتفع أسعار الذهب عند حدوث الأزمات الاقتصادية لكن يبدو أن أزمة اليونان مختلفة فالكثير من المحللين الاقتصاديين بل والسياسيين يرون أن الاتحاد الأوروبي لن يدفع بهذا البلد المثقل بالديون خارجه نظراً لأن الصين وروسيا سيكونان هما البديل لليونان عن الأوربيين وهذا شيء لن يقبل به الأوربيون حتى لا يكون للمعسكر الشيوعي القديم موطأ قدم في القارة العجوز وهذا ما يفسّر تباين ردود أفعال الجهات الأوروبية الدائنة بين متشدد مع الأزمة اليونانية ومتعاطف وآخر منتظر لنتيجة استفتاء اليوم الأحد.
لكن على أية حال فبقاء أسعار الذهب فوق مستوى 1،150$ للأوقية يجعلها قابلة لإنهاء العملية التصحيحية وعودتها للمسار الصاعد، أما كسر ذلك المستوى فسيعقبه نزولاً قوياً على أسعار المعدن النفيس.
أسواق الأسهم العالمية
يبدو أن الفقاعة الصينية قد انفجرت بالفعل فبعد مسار صاعد طويل على مؤشر شنغهاي والمتشكل منذ منتصف عام 2013م بدأ النزيف على المؤشر الصيني لثلاثة أسابيع متوالية فقد خلالها حوالي 1،492 نقطة أي بنسبة 28.8% وهذا يدل على أن الاقتصاد الصيني بدأ بالتباطؤ بالفعل وأن الريادة الصينية للأعمال حول العالم ستنكمش جرّاء ذلك التباطؤ لذا من المتوقع أن يواصل المؤشر الصيني تراجعه خلال هذا الأسبوع أيضاً لو كسر دعم 3،500 نقطة ليتجه بعدها نحو الدعم الأهم 3،120 نقطة.
من جهة أخرى، يبدو أن مؤشر داكس الألماني ما زال محافظاً على دعم 10،800 نقطة وهو يمثل الدعم الأول للمسار الحالي وقد يوحي ذلك بأن ألمانيا مهتمة بإيجاد حل للأزمة اليونانية كونها أكبر دولة دائنة لليونان وأن تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لا تعدو كونها تهديدات للاستهلاك الإعلامي فقط؛ لأنه لو كانت ألمانيا تنوي إخراج اليونان من الاتحاد الأوروبي لانعكس ذلك سلباً على الاقتصاد الألماني، ولرأينا مؤشر داكس يحطم الدعم الأول على الأقل.
أخيراً لا بد أن أنوه الى أن الاقتصاد الأمريكي هو الآخر متضرر من أزمة الديون اليونانية ومن تراجع أسعار السلع ومنها النفط وهذا ما يفسّر فشل مؤشر داو جونز من العودة فوق مستوى 17،800 نقطة وهذا الفشل لو استمر هذا الأسبوع أيضاً فسيتجه المؤشر الأمريكي الأبرز نحو مشارف 17،000 نقطة وهو ما سينعكس سلباً على أسعار الشركات المدرجة.