في أحيان كثيرة نسمع أحادث كثيرة في الغرب عن الإسلام، من خلال محاضرات يقدمها محللون اجتماعيون غير مسلمين. ويتحدثون عن أسباب سرعة انتشار الإسلام في العالم، وعن أكثر ما يتوقف عنده كل من يقرأ عن الإسلام بواقعيه؛ لكي يعرفوا ما الإسلام عليه من دين يكفل للمسلم الترابط الأخوي. وكذلك ما على الغني من حقوق وما للفقير من حقوق.
وأكثر ما يلفت انتباههم هو التدرج في أركان الإسلام الخمسة. فهي ببساطة تعطي لغير المسلم النمط العام للإسلام وسهولة الدخول فيه وشموليته في خمس نقاط، تمثل الأركان الخمسة، والتي هي بالمختصر (النطق بالشهادة - إقامة الصلاة - إيتاء الزكاة - الصوم - وأخيرا الحج إن استطاع المسلم القيام به). ولكن أكثر نقطة تثير غير المسلم في الغرب والذي تنهكه الضرائب التي تصل إلى نصف الراتب في بعض الأحيان هو الركن الثالث. ألا وهو الزكاة التي تمثل جزءا يسيرا من المتوفر لدى المسلم بعد قضاء حول كامل على ما لديه. فإن كان المسلم غنيا فنسبة أداء الزكاة لن تضره ماديا. وإن كان فقيرا فهناك من سيعطيه من ماله. ويعتبر الكثير من غير المسلمين أن هذا التكافل الاجتماعي التلقائي شيئا مهما لثبات المجتمع والقضاء على الفقر بصورة تلقائية.
ولكن ما يشد انتباه الكثير هو ما يتم نشره والحديث عنه حيال وجود مئات الآلاف من المنشآت التي تتهرب من الزكاة. وهذا حسب المتابعة لمنشآت مسجلة رسميا دون حساب التهرب من أداء الزكاة من الأفراد. وهذا الشيء وللأسف موجود في كل الدول الإسلامية، وليس حكرا على بلد بعينه. والغريب في الأمر، هو أنه وما أن يقترب شهر رمضان المبارك أو موسم الحج إلا وتسمع الكل يسأل عن تفاصيل الصوم والحج. سواء أكان عن قطرة الأذن وهل تبطل الصوم إلى السؤال عن متى يتم أداء شيء بسيط أثناء موسم الحج. وترى الكثير لا يمكن أن يفرط في يوم صيام إذا كان مسافرا أو به مرض رغم الفسحة التي أعطاها الإسلام للمسلم، في الوقت الذي لا يعير البعض أي أهمية للزكاة التي شرعها الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنها أسرع وسيلة للقضاء على الفقر وفك الدين عن كل مسلم مديون. وعند القضاء على الفقر والعوز فإن المسلم يكون قد أصلح المجتمع. فمع الفقر تأتي الجريمة والفساد وتتفشى الفرقة بين المسلمين، في الوقت الذي من الممكن أن تكون أموال الزكاة عاملا مساعدا ليس للفرد المسلم فقط، بل ولكل المجتمع. فمع الوقت تكون أموال الزكاة التي هي في الحقيقة تصل إلى مبالغ خيالية لتصبح عاملا مساعدا لبناء المجتمع، أكان ذلك من خلال بناء مدارس أو مساجد أو مستشفيات أو غيرها مثل فك دين المعسرين. إن الإسلام دين تكافل اجتماعي يكفل للمسلم حقا له إن لم يكن لديه مال وحقا عليه إن كان لديه مال. وهذا يجعل المسلمين متعاونين على البر والتقوى. فأداء الزكاة هو أسرع وسيلة للقضاء على أخطر آفة. ألا وهي الفقر. * كاتب ومحلل سياسي