قتل الناس أفرادا أو جماعات جريمة نكراء يؤاخذ عليها كل من شارك فيها، بفكرة أو تخطيط أو ترويج، أو تنفيذ، فكلهم شركاء في القتل.
هناك ملايين من الناس تُقتَل بسبب تعاطي التبغ، وإذا أحببت معرفة بعض الأرقام في العالم وفي المملكة العربية السعودية فهاك الأرقام:
منظمة الصحة العالمية أكدت أن التدخين يقتل خمسة ملايين شخص سنويا في العالم منهم 23 ألفا في المملكة، وكشفت تقارير المنظمة أن هناك 6 ملايين مدخن في المملكة، مع توقعات أن يصل عددهم إلى 10 ملايين مدخن عام 2020م، لكن الرجاء أن نعمل على تقليص العدد إلى أدنى نسبة، مع العناية بفئة الشباب من طلاب التعليم العام، وهناك دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية بينت أن نسبة 14% من طلبة المدارس من المدخنين.
عالميا حذرت مؤسسة الرئة العالمية وجمعية السرطان الأمريكية أيضاً من أن استمرار معدلات التدخين الحالية دون تغيير سوف يتسبب بوفاة ما يقرب من مليار شخص بالعالم، بما يعادل وفاة شخص كل ست ثوانٍ، بسبب تدخينهم للسجائر أو نتيجة تعرضهم لدخان سجائر الغير.
وجاء في تقرير منظمة الصحة العالمية أن جميع أنواع السجائر والأراجيل تحوي عدداً كبيراً من المواد الكيماوية والسموم، أهمها القطران والنيكوتين وأول أكسيد الكربون وغيرها مما يعرض الجسم إلى أمراض قاتلة من تصلب الشرايين التاجية للقلب وضغط الدم وفشل عضلة القلب، وسرطان الرئة الذي يعتبر المرض الأكثر حتفاً.
كما أن الحوامل المدخنات معرضات بنسبة عالية للإجهاض ولولادة جنين ميت أو موت الطفل في الأسابيع الأولى بعد الولادة.
أرأيتم هذه الملايين من القتلى؟ هناك شركاء في قتلهم لمآرب مادية، ومن أكبر الشركاء في قتلهم شركات التبغ وما يتبعها من منافذ البيع، وهي تعد أكثر الشركات إهانة للبشرية، ويكفي أنها تصنع هذه السموم وتبيعها لضحاياها ليستهلكوها والنتيجة وفاة الملايين سنويا في العالم.
وتواصل شركات التبغ آليات تطوير وسائلها الدعائية والترويجية بهدف صيد المزيد من الضحايا ضاربة بعرض الحائط آلاف الدعوات الرامية لإيقاف صناعة التبغ في العالم.
وعلى الرغم من التدابير التي اتخذتها المملكة لمكافحة التدخين برفع الرسوم المفروضة على واردات التبغ بنسبة 100%. لكن ذلك لم يقلل من حجم واردات المملكة من التبغ بالقدر المطلوب، ولابد من بث الوعي بهذا الخطر الداهم، وشحذ العزائم وتوفير سبل التعافي من التدخين وتشجيع المؤسسات الخيرية مثل (نقاء) وكافة المؤسسات للوصول إلى وطن بلا تدخين.
العالم كله يدعو إلى حملة تقودها منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ في 31 مايو. لعام 2015، شعارها (العمل سوياً من أجل القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ) حيث يشكِّل الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ مصدر قلق عالمي بالغ من جوانبٍ عدة، منها الصحية والقانونية والاقتصادية وتلك المتعلقة بالحَوْكمة ومحاربة الفساد.
وإذا كان بائع التبغ شريكا في القتل فالمشتري كذلك يعد شريكا في قتل نفسه أو القيام بانتحار بطيء لحياته، بل إن المدخن يتسبب في الإضرار بمن حوله من أفراد أسرته أو زملاء العمل، وترى أحدهم يركب سيارته ومعه أهل بيته ومنهم الأطفال ولا يمتنع عن التدخين خلال هذه الفترة الوجيزة، مما يفضي بهم إلى أضرار صحية كبيرة، وهو ما يترتب على التدخين السلبي (Passive Smoking). وللإسلام أحكامه الأكيدة في تحريم الاتجار بالتبغ وتعاطيه، فرسالة نبيه- صلى الله عليه وسلم -كما وصفها القرآن الكريم أنه: {ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف
وهو - صلى الله عليه وسلم -يعلنها صريحة ( لا ) لكل ما يضر بحياة الناس "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد.
وفتاوى تحريم التبغ والاتجار فيه صدرت عن اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة ومجامع فقهية عدة، فضلا عن الفتاوى التي صدرت عن علماء كثيرين.
ويكفي أن نمتنع عن طلب التبغ وشرائه، من البقالات، فبقاء هذه المنتجات السامة على الأرفف دون تصريف كفيل بوقف الاتجار بها.
ولْنصغ إلى قول ربنا – سبحانه -: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (29) سورة النساء
* أستاذ مشارك بجامعة الدمام