اسمحوا لي الإشارة إلى أن ما سأذكره هو من قلب مواطن بصادق القول محبة وتقربا لله، يصف فيجمل البيان، ليقول إنه إبان زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- للمنطقة الشرقية، قد شعر أنه لم يغب عن ذهنه -كما لم يغب عن أذهان الوطن والمواطنين- التضحيات الجسيمة، التي يقدمها رجال الأمن في تعقب الجريمة، صغرت أم كبرت، بعدت أم قربت، تحزبت أم انفردت، فشهداء الأمن ليسوا بالقليل منذ سنين طويلة، وأرواحهم معلقة على رقابهم، وعرقهم وجهدهم وتضحياتهم وفداؤهم للدين والمليك والوطن ليست وليدة اليوم أو الأمس، ومن يطالبهم بأن يكونوا على ناصية كل شارع بعدد الطابوق والحجر قد أخطأ في التقدير. فالمواطن هو رجل الأمن الأول، ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه، وهو مطالب كذلك بالتعاون والتضحية والفداء، لا أن يقف موقف المتفرج، لا يحرك ساكنا فيدعو للسماء أن تزجل بالماء وللأرض أن تفيض بكنوزها، فليست كذلك المعادلة الإلهية ولا البشرية في كل أصقاع الدنيا ونواميسها، فمتى ما كان المواطن يقظا لما حوله يحيط الجهات الأمنية عن أي صغيرة أو كبيرة فيها شبهة من موقع المسئولية الوطنية والاجتماعية حبا للقيادة والوطن؛ فهو بالتالي يساهم مع رجال الأمن الذين يضحون بوقتهم. ومن باب أولى أنه يشارك على قدر الاستطاعة ضمن فريق أو منفردا؛ للمساعدة في حفظ أمن مركبته ومنزله ومدرسته ومسجده والشارع والحارة، وهكذا دواليك، فلو تمثل كل فرد منا أنه شريك رجل الأمن في المحافظة على السلم الداخلي ضمن المنظومة لا خارجها؛ لارتدع المجرم قبل أن يقدم على فعلته، أما أنه يستكين فيخنع أو يتصوف تدليسا على رب المسجد أن يحفظ له الناقة فلا يقربها سارق فيفك عقالها، فذاك جهل من جملة نواح، فمهما بلغ رجل الأمن من حذق فلن يحيط برب الناس إلا هو جل جلاله، ومن هنا فإنني أؤمن أن المواطن عليه تقصير في عدم الأخذ ببعض الأسباب. ويحضرني عندما كنت في جوامع بعض الولايات الأمريكية رأيت أفرادا من أهل المسجد يشاركون في تنظيم السيارات وصفها وإرشاد الناس للدخول، بينما في الحرمين الشريفين وغيرهما فكل شيء يصل إلينا حتى علبة الكلينكس وكأس الماء أمامنا، لا نحرك ساكنا على نمط الكسل المجتمعي العام في المنزل مع السائق والعاملات المنزلية والحلاق وحامل الحقائب، ومن يعبئ البنزين، وننتظر أن نخدم (بضم النون) من القوات المسلحة فتقدم لنا النصر بطبق من ذهب على الحدود الجنوبية، وعند البعض عزوف عن مؤازرتهم ولو بالدعاء على منابر الجمع أينما كانوا، ومع غيرنا يغردون ويتباكون وينحبون.
وفيما البعض يطالب رجال الأمن أن يجزلوا بأرواحهم رخيصة لنا كأنهم ليسوا بشرا، وعندما تأتي ذاك الموظف على الأريكة في بعض الإدارات يقول لك الساعة التاسعة بداية الدوام والعاشرة شكشوكه، والثانية عشرة صلاة، والواحدة مدرسة والثانية انصراف، وهذه وظيفة كل بسواء، فلما يطالب رجال القوات المسلحة والأمن الداخلي بأكثر من طاقتهم وهم أحق بالدعاء والعون، رغم أنهم لم يقصروا في أمر مطلقا، وتضحياتهم -بيّض الله وجوههم- منذ القدم جلية للوطن، وها هو سمو ولي العهد أنموذجا، تراه يعمل ويقرأ ويجتمع ويسهر ويفكر لراحتنا وأمننا ورخائنا وسعادتنا أكثر مما يمنحه لجسده للخلود والسكينة. وفي الختام.. أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظ لنا ديننا وقيادتنا ووطننا من كل سوء، ويرد كيد الأعداء في نحورهم ما ظهر منها وما بطن ويعزنا بالدين آمين.
* أستاذ مشارك مناهج الدمام