ماذا تعرف أو ما الذي لا تعرفه الاستخبارات الأمريكية عن برامج إيران النووية؟ فبتاريخ 20 يناير وجدت نفسي وجها لوجه مع المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) الجنرال (مايكل هايدن) في إحدى الندوات البحثية في العاصمة الأمريكية. وبعد نهاية الندوة حصل حديث مبسط بيني وبينه، وابتسم عندما علم بأنني لم أكن مقتنعا بجوابه لسؤال عن قدرة إيران النووية. وهذا الاستفسار هو سؤال تم طرحه أكثر من مرة بصيغة هل إيران وصلت إلى مرحلة متقدمة في تخصيب اليورانيوم جعلها تمتلك قنبلة نووية؟
وفي كل مرة يتم طرح هذا السؤال، تتجه الأنظار إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية لمعرفة الجواب. ولكن هذا يجرنا إلى سؤال آخر وهو، هل الاستخبارات الأمريكية على معرفة بهذه المعلومة.. أم إنها من المعلومات التي تواجه أمريكا صعوبة في الحصول عليها؟.
في البداية، سبق أن كتبت مقالا في جريدة «اليوم» عن مفاعل بو شهر الإيراني قبل أكثر من أربع سنوات بعنوان (مفاعل بو شهر الإيراني وطاولة المفاوضات الخليجية)، وفيه قلت إن إيران استطاعت أن تقوم بخداع وكالة الطاقة الذرية بكسر أقفال أجهزة مراقبة نسب تخصيب اليورانيوم. فلماذا لم تكن الاستخبارات الأمريكية على علم بذلك، أو بالأصح هل كانت على علم بذلك، خاصة أنه وقبل عدة أيام توصلت إيران ومعها الدول العظمى إلى اتفاقية حيال برنامجها النووي بعد فترة ثلاثة عشر عامًا من المحادثات. والكل رأى كيف انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي والنشرات الإخبارية العالمية بهذا الحدث. ولكن بدا واضحا أن كل جهة قامت بقراءة الاتفاقية حسب ما تراه. وسمع العالم بتباين في وجهات النظر، خاصة أن بعض بنود الاتفاقية المعلن عنها كانت تتضمن رفع العقوبات عن إيران. ولكن لم يكن واضحا مدى التدرج في رفع الحظر، خاصة أن هناك أمورا تريد إيران التعجل برفع العقوبات عنها، مثل: مشاريع تطوير البنية التحتية لصناعة الغاز والنفط والتي من الممكن أن تفوز بها الشركات الأمريكية، والتي تقدر بمئات البلايين من الدولارات. ولكن يبقى السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عنه إلى الآن هو هل امتلكت إيران مقومات امتلاك القنبلة النووية أم لا؟. وهل يعرف أحد الجواب إذا كانت الاستخبارات الأمريكية تقول إنها غير متأكدة. ففي يوم تواجدي في ندوة كان متحدثها الأساسي مديرا سابقا لوكالة الاستخبارات الأمريكية تم سؤاله إن كانت إيران تمتلك سلاحا نوويا. ولكنه أجاب بأسلوب واضح أنه بالفعل قد يكون لا يعرف ولم يكن جوابه للمراوغة، خاصة أن العالم تفاجأ بإعلان إيران قبل يومين بأن اتفاقية الدول العظمى مع إيران لن يتم اعتمادها إلا بعد رفع فوري لكل العقوبات.
وهنا نسأل.. هل الاستخبارات الأمريكية لم تكن على علم بما تخفيه إيران من شرط خارج الاتفاقية. إذ إنها إن كانت تعرف ولكنها لم تأخذ الأمر بجدية فهذه مصيبة ولكن إن كانت بالفعل لا تعرف فهذه كارثة. كاتب ومحلل سياسي