لا شك أن الفن يعتمد على حركة الفنان وحيويته ونشاطه وحضوره، والموهوب في بدايته عليه أن يتحرك، ولا يركن إلى منزله أو مرسمه أو حتى قريته أو مدينته؛ لأن ذلك لن يقدم له شيئا، وسيبقى في إطار محدود وضيق لن يبتعد عنه فترة قد تطول.
النماذج في ساحة الفن التشكيلي السعودي كثيرة، والاسماء التي تحضر في فترات على نطاق محدود قد تتوارى أو تغيب وتختفي بعيدا عن الأنظار، قد يشتكي البعض قلة الاهتمام، ولكن النماذج الكثيرة التي أمامنا لم تكن تعتمد على من يتواصل معها بقدر تواصلها هي مع الأوساط وفي مختلف المواقع والمدن وحتى الدول.
ليست كل الاسماء التي أخذ الإعلام في الاهتمام بها ذات مستويات كبيرة أو على قدر كبير من الموهبة، لكنه الحضور والاتصال والتواصل وتقديم الإنسان نفسه للآخرين؛ ليتعرفوا عليه مثلما يتعرف عليهم، ومن هنا يمكن ان تنشأ العلاقة والاتصال وإتاحة الفرصة للمشاركة.
في بعض المناسبات الفنية التي تشهدها بعض المدن قد نفاجأ بمستويات عادية أو بسيطة لاسماء حققت شيئا من الحضور والتواجد الإعلامي، ولا ننتظر كثيرا من بعض محبي الفن أو ممارسيه، ولكن الإنسان أيضا يمكنه بالفطنة والثقافة التعلم والاضافة إلى نفسه من خبرات الآخرين. بعض الفنانين الأقل موهبة قد يأخذهم الزهو الإعلامي إلى التحول من الفن إلى إدارته، وربما بعض المشاريع التي يتبنونها تخدمهم وقتيا وإعلاميا، لكن قد تلتصق بهم تسمية الفنان أو الفنانة مع محدودية موهبتهم، بعض الفنانين أو الفنانات تتطور وتكبر تجربتهم الفنية مع الخبرة والممارسة التي تستفيد من تجارب الآخرين بجانب مقدار الموهبة التي قد يمتلكها شخص عن آخر، تمتلئ الساحة التشكيلية في المملكة وغيرها بالاسماء والمعارض ولكن ليست في كل الأحوال اسماء ذات مستوى واحد، وربما البعض منها يُصّر على التواجد لحب في الفن وإن قلت الموهبة لكن ربما يحقق نوعا من المستوى الذي يثبت اسمه بين مئات الاسماء الحاضرة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
معارض المنطقة الشرقية أو الوسطى والغربية والمدن الأخرى لا تخلو من مستويات، وقد نتنبأ لاسم او اكثر بمستقبل مشرق، لكن ذلك لا يمكن ان يكون الا بالاستمرار الحقيقي من اجل الفن وليس الإعلام أو الظهور فقط. هناك ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي تشجيع منقطع النظير لأنه صادر من عامة وقد يقيس بعض الممارسين عليه مستواهم، لكنه مؤشر غير حقيقي، فهو شكل مشجع تغلب فيه المجاملة او التسلية، لا أكثر.
بعض اسمائنا الفنية في المملكة جيدة، ومستوياتها لا تختلف عن كثير من مستويات فنانين في أي جزء من العالم، لكن ربما ينقصهم التواصل والحضور، وكم من جائزة أو معرض ومناسبة شارك فيها فنانون سعوديون لمستوياتهم الفنية المتقدمة، على مستوى الداخل ربما التشجيع يغلب على بعض الاختيارات، لكنه أيضا لا يبقى إذا ما كان هناك حرص حقيقي على المستوى، لا تقديم النشاط فقط، بعض معارضنا الخارجية التي نظمتها جهات رسمية كان التشجيع غالبا لكن بالمقارنة فقد لا يكون حاضرو تلك المناسبات أهل اختصاص، وليس هناك اختيارات جيدة للمواقع والتنظيم. حضرت مناسبات كثيرة لم يحضرها أي من فناني تلك الدول المضيفة.
الفنانون الحقيقيون يصنعون أنفسهم، كما تصنعهم أو غيرهم المؤسسات لكن مع حرص على التواصل والثقة وموهبة حقيقية تفرض نفسها، والأمثلة كثيرة.
