كانت المؤتمرات الاقتصادية وما زالت إحدى الوسائل التي تستعين بها الدول لإيجاد آليات لدفع اقتصادها إلى الأمام، أما الدول التي تشارك في هذه المؤتمرات فتبحث عن آليات آمنة لزيادة استثماراتها الخارجية وتدعيم العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الدول التي تستثمر فيها. ولأن عامل الاقتصاد من أهم العوامل التي تعمل على زيادة الروابط بين الأمم والشعوب، كانت العلاقات التجارية قديماً من الوسائل الهامة التي دعمت انتشار الحضارة الإسلامية في العالم، وقد باتت في العصر الحديث دوراً محورياً للآليات الاقتصادية التي تنتهجها الدول؛ أملاً في تعزيز الروابط العالمية، وزيادة الاستثمارات بما يعود بالنفع على المستثمرين والأماكن المستثمر فيها.
وتعتبر المؤتمرات الاقتصادية تجمعاً يسعى إلى التعرف على الكثير من وجهات النظر بشأن المسار الاقتصادي الذي تتبعه دولة ما، أو طرح مشروعات ضخمة لا يمكن طرحها في الظروف العادية، وبالتالي تستفيد هذه الدولة من إمكانية تعديل نظمها القانونية الاقتصادية بما يكفل ترسيخ وازدهار قوتها الاقتصادية الداخلية والخارجية.
لقد شهدنا في الأيام القليلة الماضية المؤتمر الاقتصادي المصري الناجح، لقد كانت فكرة هذا المؤتمر سعودية خالصة، حيث دعا العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم الثلاثاء 3 يونيو 2014 إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر في تجاوز أزمتها الاقتصادية. وجاءت مشاركة المملكة رفيعة المستوى، معززة لرؤية المملكة الثاقبة بما تراه من تطورات تحيط بالمنطقة وضرورة التآزر بين دولها بما يكفل الأمن والرخاء والازدهار لدولها. وقد تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بخالص الشكر والعرفان لروح المغفور له الملك عبدالله صاحب فكرة عقد هذا المؤتمر الاقتصادي بمصر، لإنعاش الاقتصاد المصري وذلك خلال كلمته في المؤتمر الاقتصادي.
وكشف المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات المهندس طارق العيسى في "المنتدى السعودي الثاني للمؤتمرات والمعارض" -والذي أقيم في الرياض في أواخر عام 2014- أن الفترة من سبتمبر 2013 إلى أغسطس 2014 شهدت 362 فعالية في المملكة بين منتدى ومعرض، واجتماع وورش عمل، ومعارض استهلاكية وتجارية وخيرية وتعريفية، والمتوقع أن يكون الربع الثاني من عام 2015 ذروة تنظيم المعارض والمؤتمرات في المملكة بـ(52) فعالية، والربع الأخير (46) فعالية، والربع الأول (25) فعالية، و10 فعاليات في الربع الثالث، وتتصدر الرياض قائمة تنظيم المعارض والمؤتمرات في المملكة عام 2015 بنسبة 58% تليها مكة المكرمة 18%، والمنطقة الشرقية 14%، والمدينة المنورة 5%، والمناطق الأخرى 5%.
ولفت العيسى إلى أن مستقبل قطاع المعارض والمؤتمرات في المملكة واعد، وأفق التطور والنمو فيه مفتوح، وعدّد المقومات التي تجعل الفرص متاحة أمام هذه الصناعة.
وبهذا يتأكد لنا أن المملكة العربية السعودية أكبر قوة اقتصادية في منطقة الشرق الأوسط انطلاقاً من كونها أكبر مصدر للنفط في العالم. وتتمتع بمساحة واسعة، وعدد سكان كبير يتجاوز الـ27 مليون نسمة. ونسبة لأهمية قطاع المعارض والمؤتمرات، فقد اهتمت المملكة بتنميته من خلال تطوير العناصر المرتبطة به مثل: تطوير البيئة التنظيمية، وتطوير القدرات البشرية والتسويقية، وكذلك تطوير الفنادق ومنشآت المعارض والمؤتمرات. كما اتخذت الحكومة السعوديّة إجراءات عدّة تسهم في دعم هذا القطاع وتنميته.
وتعمل المملكة دائماً على ابتكار خطط فاعلة، تهدف إلى تفعيل القاعدة الاقتصاديّة وتنويع مصادر إنتاجها، ودعم نمو القطاع الخاص؛ بهدف تقليص الاعتماد على النفط كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني، وتوفير الفرص الوظيفيّة للشباب السعودي عن طريق تعزيز مساهمات القطاع الخاص، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية لدعم المشاريع الاستثمارية. كذلك ترغب المملكة في تعزيز موقعها التنافسي بين دول العالم، لذا فهي تعد التنمية المستدامة خياراً استراتيجيّاً أساسياًّ. وفق الله مملكتنا الحبيبة ووطننا الغالي وقيادتنا.
* خبير الشئون الإعلامية والعلاقات العامة