من خلال البحث عن مراكز أبحاث أو بحوثات تعنى بشؤون القطاع الخاص وبيئة العمل فيه لم أجد إلا جهودا متفرقة تتمثل في بحوث فردية أو دراسات غير محدثة بالإضافة إلى نقاشات بعناوين مختلفة لا تحوي القطاع بشكل كامل ومنصف.
إحدى الإشكاليات التي يعاني منها القطاع الخاص موضوع التسرب الوظيفي وخسارة الموظفين عبر انتقالهم لمواقع عمل أخرى بعد أن تكون المنشأة قد صرفت مبلغا لا بأس به من أجل الاستقطاب والتوظيف. وهذا يعود بالخسارة على المنشأة على أكثر من وجه سواء ما بذلت في البداية أو ما ستبذله مرة أخرى من أجل إحلال البديل, والخسارة هنا نقدية وعينية.
السؤال الذي يجب طرحه من أجل الحد من هذه المشكلة, ما اللازم للمحافظة على الموظف؟
برأيي أن الإجابة عن هذا السؤال تأتي في خلق بيئة عمل آمنة وجيدة، إن مصطلح بيئة العمل عبارة شاملة لكل ما يمس شأن الموظف ويتضمن ذلك على سبيل المثال المسمى ونوعية العمل, البدلات والحوافز, التأمين الصحي, التدريب, ساعات العمل وضمان الحقوق للموظف في معنى أكبر ألا وهو الأمان الوظيفي.
تحقيق المعادلة الناجحة بتقديم ما سبق ذكره للموظف في صورة متوازنة ومنصفة هو المحقق لمفهوم بيئة العمل الصحية. وهي عبارة عن هدف لا يمكن تحقيقه بمجهود فردي أو بورقة عمل لا تأخذ في الاعتبار واقع القطاع الذي تبحث فيه. يجب أن تتضافر الجهود من أكثر من جهة لبلوغ هذا الهدف يضمن ذلك الشؤون الإدارية والموارد البشرية ضمن المنشآت, وزارة العمل, وزارة التجارة والمختصين ودور الاستشارات الإدارية. لابد أن تتم ضمن توجه مشترك لتحقيق الإطار العريض المعرف لبيئة العمل الآمنة والفضلى عبر دراسة احتياجات الموظف الحقيقية وتلبيتها. إذا تحققت هذه الخطوة فإن النتائج ستكون مبهرة وذات قيمة عالية أولها الموظف أو العامل والولاء لمنشآته وهذا سيؤثر إيجابا على مخرجات عمله.
إن المسألة ليست مستحيلة ولكنها تحتاج لمبادرة فعلية من أصحاب القرار لوضع هذا الهدف موضع التنفيذ, والنجاح في تحقيقة إنما هو نجاح في استثمار طويل المدى بإذن الله.
