على امتداد الروح الإنسانية يمكن أن نجد كثيرا من صنوف الخير التي تبقى وتتمدد عطفا على موروثات خيرية أو أصالة كامنة في النفوس التي تحب الخير وتبذله دون منّ أو أذى، وما بين الموروث الخيري للذات وأصالة الخير فيها توقفت أخيرا عند موقف صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، من معرفته لحالة الطفل ريان موسى البلوي الذي خاطر بحياته لإنقاذ شقيقاته من حريق شب بمكان جلوسهن داخل منزلهم بمحافظة القريات، واستجابته السريعة لذلك لمعالجة الطفل من الحروق التي لحقت به، وزيادة على ذلك تقديم مكافأة مالية له بمبلغ ١٠٠ ألف ريال.
شجاعة الطفل ريان تنبئ عن شخصية مذهلة تستحق مقابلة فعلها الشهم بما قدمه وفعله سمو الأمير متعب الذي بادر أيضا الى الاتصال بشقيق الطفل مطمئنا على صحته ووجه بتسهيل كافة إجراءات نقله وعلاجه بأسرع وقت وبأفضل الإمكانيات، ذلك له أكثر من دلالة ومعنى حيث يعزز الخير في المجتمع، ويجعلنا أمام حالة اقتداء مستمرة بذات السلوك الخيري النبيل، وللطفل ريان وكل أبناء جيله فإنهم دخلوا مدرسة إنسانية عن تجربة واقعية حقيقية تؤكد أن الفعل الجميل يقابله مثله بأجمل منه، فضلا عن الأجر والمثوبة من الله.
الدرس الخيري في رد فعل الأمير متعب يصنع أجيالا أكثر شهامة ومروءة وتضحية، ويؤكد أن قياداتنا تقف بجانب كل جميل ونبيل وتحرص على متابعته، وهذا جانب تربوي مهم يؤصل الخير وكثيرا من القيم الإنسانية الرفيعة، ولا يكفي الشكر وحده لمبادلته سمو الأمير متعب لأن ما فعله يفوق الشكر، وهو في مقام الوالد لريان وأبناء جيله والوالد أكبر من أن يشكر في دوره الأبوي بكل ما فيه من قيم وأخلاق ونبل، وإنّي على يقين أن سمو الأمير متعب تعامل بذات الروح الأبوية وهو يتدفق حنانا ومواساة ومتابعة للحالة.
الاقتداء بالخير سمة نبيلة، وكما ظللنا لسنوات ننهل من إنسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز «يرحمه الله»، فإنها تظل باقية في عمقنا الإنساني، وتتدفق عطاء ملهما على نسق سمو الأمير متعب، وهو يمنحنا تلك الروح الخيرية الشفافة، فعبقرية الخير إنما تأتي في المبادرة الفورية والاستجابة السريعة التي تمتص صدمة المعاناة وتمنح الضحايا أملا وطاقة وقدرة على التعامل مع متاعبهم وتعينهم في الصبر عليها، ولكن في النهاية لا بد أيضا من شكر سمو الأمير متعب لأن ذلك غاية ما نستطيعه، ونحن بخير وفي خير طالما قياداتنا تمنحنا هذا المستوى المتقدم من الخير النموذجي.