جمعتني رحلة مع بعض الاصحاب الى محمية الرمثية بالشيط بدعوة من الشيخ عبدالعزيز سعود البابطين وكانت الرحلة تتسم بالاخوة والمحبة والمرح حتى وصولنا المحمية والتي كانت مجهزة بمضافة فندقية توحي لك برحابة الاستقبال وبشاشة اللقاء من قبل الشيخ عبدالعزيز والذي كان مع صحبه في انتظارنا بالخيمة المعدة للمسامرات الليلية، وكان كطبيعته العربية الاصيلة موقد النار في مجمره والجلسة الارضية، وبعد السلام والترحاب أخذنا بتعريف سيرنا الذاتية كضيوف أمسيته والتي بدأها بسرد قصة نجاحاته. بتشبثه بالصحراء والبادية والقفار والتي اعتبرها جزءا لصيقا وهاما داخل نفسه وفي حياته التي تنطلق في الصحراء الى اقصى مداها وتتفتح رؤاه الى اقصى اتساعها واعتبرها المكان الطبيعي لروحه ونفسه يستنشق هواءها بملء رئتيه ويرنو الى فضائها وأفقها البعيد بمدى اتساع بصره فيجد فيها كل ما يشتهي من راحة وسعادة وهناء والذي احب الشعر من صباه المبكر ولكن قد اخذته من الشعر تلك الانجازات في ميادين التجارة والاقتصاد.
وظل هاجسه الشعري متوقدا حتى انشأ من اجله مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري سنة 1989 ووزعت الجائزة في نسختها الاولى عام 1990في القاهرة واستمر التوزيع للجائزة في نسختها التاسعة في قرطبة باسبانيا بشهر اكتوبر 2004 واتسعت دائرة الطموح ولم يبرح عن مخيلته الحس الشعري فأصدر أول ديوان له بعنوان (بوح البوادي) وأصدر ديوانه الثاني بعنوان (مسافر في القفار) بطبعته الثانية سنة 2006 والذي اقتبس منه قصيدته المعنونة (تشرد).
سيذكرني قومي اذا الدار أحدقت
بها نازلات الدهر وهي تصول
أو التهمت أحشاءها النار فأمحت
فما هي إلا أرسم وطلول
وناء عليها كلكل الدهر قاسيا
وكلكلة فوق الديار ثقيلة
ومال زمان الغدر يحطم أكؤسا
بأيدي الندامى والزمان يميل
ويذكرني قومي إذا المجد غيبت
كواكبه أوغالهن أفول
(وهي من البحر الطويل) وزاد حماسه حتى اسس مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في الكويت عام 2006، وهذا الحس الأدبي لم يقف حاجزا عن إنجازاته في مجال نشر الفكر والإبداع الشعري في ارجاء المعمورة حيث كرم في العديد من العواصم لإنجازاته في خدمة الثقافة ومنح الدكتوراة الفخرية في كل من جامعة طشقند قي اوزبكستان وباكو في اذريبيجان واليرموك في الاردن وجامعة القرغيزية، ومنح وسام الاستحقاق الثقاقي من الصنف الاول من رئيس جمهورية تونس ووسام الاستقلال من الدرجة الاولى من جلالة ملك المملكة الاردنية الهاشمية وجائزة الدولة التقديرية من دولة الكويت سنة 2002 ووسام الارز من رئيس الجمهورية اللبنانية سنة 2004. وبالرغم من كل هذه الاجازات إلا أنها لم تمنعه من ممارسة هوايته في المقناص فهو يسافر من اجلها الى عدة اقطار مثل الباكستان وتركيا والعراق وسوريا والغرب ولم تنسه محميته التي اطلق عليها اسم الرمثية والتي يوجد بها محميات النعام والغزلان والطيور والارانب ومزروعات النخيل والتي يتصدق بثمارها لاعمال الخير واينما تتجه ابصارك تجد له لمسات عروبية تعتز وتبجل لغتنا العربية وتؤسس لها كراسي في الجامعات الاوروبية لتركيز وترسيخ اللغة العربية في اسبانيا وروما وباريس وفي اقطار دول الشرق وافريقيا وجزر القمر والمالديف وكذلك ايران، وقد سخر مكتبة البابطين المركزية لطباعة المخطوطات والدواوين وشكل لها فريق عمل للتدوبن والتوثيق، وقد قامت باصدار مجموعات من المعلقات الاسلامية ونوابغ الشعراء المعاصرين وسيطول الحديث عن مآثر هذا الرجل وحماسته لتوثيق التاريخ وتبنيه فكرة تأصيل الموروث الشعبي، وقد اسس لذلك الغرض قناة تلفزيونية باسم (البوادي) بالرغم من انه لا يحبذ الشعر النبطي او الشعر الحر ويفضل الشعر المقفى والعامودي وعند مسامرته يشعرك بالاصالة والفخر والاعتزاز بعروبتك ودينك هذا هو الشيخ عبدالعزيز سعود البابطين.
باحث وكاتب