DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أصبح معلما إسلامياً بارزاً

«منار قطب» أهم الآثار الباقية إلى اليوم دليل على عظمة الحضارة الإسلامية

أصبح معلما إسلامياً بارزاً
 أصبح معلما إسلامياً بارزاً
أخبار متعلقة
 
كانت دهلي - كما سماهها المسلمون والتي تُعرف الآن باسم دلهي- عاصمة دولة المماليك في الهند (602هـ - 689هـ/ 1206م - 1290م) التي أسسها قطب الدين أيبك (ت 607هـ) وتُعرف باسم سلطنة دلهي، ثم أصبحت دلهي مركزًا للسلالات الحاكمة في الهند حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وقد أضفى حكم المسلمين على دلهي طابعا مميزا وجعلها أكثر جمالا من خلال العمارة الهندية الإسلامية، التي صمدت في وجه أعمال التخريب والتدمير على مر الزمان. بناء قطب منار وبحلول أواخر القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، بُنيت باكورة الآثار المعمارية الإسلامية في مدينة دلهي وحولها، ومن أشهرها: قطب منار أو منار قطب أو منارة قطب Qutub Minar. يرجع بناؤها إلى السلطان قطب الدين أيبك (602هـ/ 1206م – 607هـ/ 1211م) الذي عمل على توطيد سلطان المسلمين في شمال شبه القارة الهندية، فقام ببعض الإصلاحات، ومنها بناء المساجد، وأشهرها: المسجد الكبير في دهلي، والذي يُعرف بـ «مسجد قوة الإسلام»، وهو من أعظم وأروع المساجد في العالم، ذو منارة سامقة، تسمت باسمه: قطب منار، وهي أفخم بناء من نوعه. وقد بُنيت قطب منار على أنقاض حصن لال كوت الذي قام ببنائه راجا برتوي آخر حاكم هندوسي لإمارة دلهي، والذي تغلّب عليه قطب الدين أيبك أول حاكم مسلم لمدينة دلهي. حيث بدأ أيبك بناء قطب منار أواخر القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، وكان لا يزال نائبًا عن السلطان شهاب الدين الغوري، لكن البناء لم يكتمل إلا في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي من قبل خلفائه. وقد أراد قطب الدين أيبك من وراء بناء هذه المنارة أو المئذنة أن تكون تخليدًا لذكرى انتصارات المسلمين وبداية حكم إسلامي مجيد في الهند، وأن تكون مئذنة يدعو المؤذنون من فوقها المسلمين إلى الصلاة. وصف قطب منار تُعد منارة قطب واحدة من أشهر المقاصد السياحية في دلهي، إلى جانب كونها مثيلة لبرج بيزا المائل في إيطاليا أو برج إيفل في باريس، وهي إحد مواقع التراث العالمي التابع لمنظمة اليونسكو العالمية. تعتبر قطب منار Qutub Minar من أضخم المآذن في المساجد القديمة، وأطول المنارات المبنية من الطوب في العالم، وهي أطول مئذنة في الهند، وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية (يبلغ ارتفاعها 97.5 متر). يبلغ ارتفاع قطب منار 250 قدمًا، أي نحو 75 مترًا، ومحورها من أسفل 47 قدمًا، ومن أعلى 7 أقدام فقط، وقطر قاعدتها يزيد على 15 مترًا، وهي أشبه ما تكون بنصب تذكاري رائع، وكلما ارتفعت فيها ضاق قطرها حتى يصل إلى ثلاثة أمتار فقط. والمئذنة هذه مضلعة تبدو أضلاعها وكأنها أعمدة متلاصقة. وللمنارة ثلاث شرفات للأذان، تقوم كل شرفة منها على مقرنصات بالغ المهندسون في إتقانها وتنميقها. لدى منار قطب 378 درجا، والتي تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة والمجهود حتى تبلغ القمة، ومن القمة يمكنك رؤية مدينة دلهي وكأنك تمتلك عيون طائر تشاهد بها جمال المدينة. كما تُحاط قطب منار بحديقة خضراء خصبة ورائعة تعد من أكثر الأماكن المفضلة للسكان المحليين بمدينة دلهي. طوابق منار قطب تتكون قطب منار من سبعة طوابق، ولكن الموجود منها الآن خمسة طوابق مميزة، حيث يمتاز كل دور منها بوجود شرفة بارزة، فالطوابق الثلاثة الأولى مبنية من الحجر الرملي الأحمر الجميل، في حين بُني الطابقان الآخران من الرخام. والنسب بين أجزائها هي غاية الكمال، ويتوجه المرمر الأبيض في طبقاتها العليا، وجدران المبنى مزخرفة بالنقوش والآيات القرآنية، وها هي لا تزال آية من آيات الهند في دقة الصناعة وروعة الفن. ويقول بعض المؤرخين: إن الطابق الأول بناه قطب الدين أيبك بعد انتصاراته على الهندوس حوالي سنة (595هـ - 596هـ / 1199م - 1200م)، ونقش عليه بعض آيات القرآن الكريم، ثم بنى شمس الدين أيلتمش (607هـ - 633هـ / 1211م - 1235م) الطابقين الثاني والثالث، وفي عهد حكم آل تغلق زاد السلطان فيروز تغلق شاه (752هـ - 790هـ/ 1351م – 1388م) بنى الطابقين الرابع والخامس. والمنارة في شكل مخروطي. والطبقة الأولى لها واحد وعشرون ضلعاً تختلف أشكالها بين مدور على هيئة نصف دائرة يليه محدد على شكل زاوية قائمة. وهكذا على التوالي، والطبقة الثانية كل أضلاعها مدورة. والثالثة أضلاعها على زاوية قائمة ثم طبقة ملساء والخامسة مضلعة تضليعاً خفيفاً يكاد لا يرى. وارتفاع الطابق الأول 95 قدمًا، والثاني 50 مترًا و 8.5 بوصة، والثالث 40 قدمًا و 3.5 يوصة، والرابع 25 قدمًا و4 بوصات، والخامس 22 قدما و4 بوصات، والطابق السادس طوله 12 قدمًا و10 بوصات. وقد تصدع بصاعقة في القرن الثامن الهجري في عهد فيروز شاه فرمَّمه، لكنه سقط بسبب زلزال سنة 1803م ثم أعيد بناؤه سنة 1829م، ولكن حاكم الهند العام أمر بإزالته نهائيًا خوفًا من خطر وقوعه، وأما الطابق السابع فلم يُعرف له تاريخ، وفي كل طابق نقش حول المنارة آيات من القرآن وبعض مكاتيب السلطان. الفن المعماري في منار قطب وحول المنارة كتابة عربية منها آيات من القرآن، وقد جعلت نطاقات جميلة زادت في جمال المنارة وجلالها. وقد نحتت الكتابة على أحجام مختلفة ونِسَب متعددة تجعل الرائي يراها في حجم واحد ما بعد منها وما قُرب، كلما بعدت الكتابة زاد حجمها على نسبة بعدِها. وألوان المنارة تتوالى في طبقاتها من أحمر إلى ورد إلى أصفر قاتم يلائم زرقة السماء في فن الجمال. وبالنظر إلى قطب منار يمكنك ملاحظة الاختلافات الكلية في الفن المعماري للفترات المختلفة والسلالات الحاكمة المختلفة، ويشتمل المبنى على نقوش دقيقة وأناشيد مستوحاة من القرآن الكريم، ويمتاز الديكور والنقوش المنحوتة على قطب منار بكونها طرازا إسلاميا بشكل جوهري، بيد أنها تأخذ الشكل المهجن بعض الشيء. وتُظهر المنارة - بوضوح - تطور الأساليب والتصاميم المعمارية، حتى رغم اختلاف المواد المستخدمة في الإنشاء. والخلاصة، أن في هذه المنارة من إبداع الهندسة، وإتقان الصنع، وجمال الشكل وفخامته، وحسن النقش والخط ما يسير رائيها طائفاً، أو واقفاً، يصعد الطرف ويصوبه في إعجاب بل دهش من هذا الأثر الخالي الذي جعله المسلمون فاتحة آثارهم العظيمة في الهند. فكان جديراً أن يكون عنواناً لكتاب الحضارة الزاهرة الذي خطه تاريخهم فيها.