يقول الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام يوم الأحد الماضي إن فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات فجرت نفسها في سوق للهواتف النقالة في نيجيريا وقتلت 5 آخرين لا يقلون عنها براءة وجرحت 19 شخصاً آخر نقلوا إلى المستشفى حالة بعضهم خطيرة فقد يرتفع عدد قتلى الطفلة المفخخة أكثر من ذلك العدد. شاهد عيان ذكر أن بنتا صغيرة كانت تقترب من حاجز تفتيش للسوق الذي يقع شمال شرق نيجيريا وعند الحاجز إذا بها تتحول ومن حولها إلى أشلاء متناثرة.
هذا آخر ما تفتقت عنه أذهان الجماعات الإسلامية المتطرفة المسكونة بالقسوة والمرض العقلي والنفسي المخيف وهو أن تصنع من الأطفال قنابل انتحارية وترسلهم إلى الجنة عبر تقطيع أجسادهم الطرية إلى شظايا ونتف يصعب حصرها كل ذلك لكي تثخن بهم الناس والمجتمع الذي تعتقد بكفره وردته.
قبل ذلك بأسابيع كانت المليشيا الإسلامية المتطرفة التي تطلق على نفسها «بوكو حرام» والتي تنشط في الحدود بين دول أفريقيا كنيجيريا وتشاد ومالي قد أرسلت فتاة اكبر ببضع سنوات من هذه الطفلة المتفجرة إلى احد الأسواق لتنفذ جريمة أخرى بنسف نفسها بين البائعات والبائعين في احد الأسواق الشعبية في نيجيريا وكانت تلك الجماعة استعداداً لتنفيذ عملياتها الإجرامية بهذه الطريقة التي تتوسل فيها فتيات صغيرات السن قد اختطفت 200 فتاة من طالبات المدارس قبل عدة أشهر.
من الواضح أن خط التوحش البياني للجماعات المتطرفة يتجه للتصاعد بعد كل عملية وبشكل سريع وحاد، لا فرق في أي مكان تنشط فيه تلك الجماعات من شبه القارة الهندية حيث قتلت طالبان بدم بارد مائة وواحدا وأربعين تلميذاً أثناء حصصهم الدراسية، إلى الشرق الأوسط حيث نحر الأسرى وحرق الأحياء.
باتت تلك الجماعات المتطرفة تزايد على بعضها البعض في التوحش والقسوة والإرهاب باسم الدين الإسلامي، وقد وصل التوحش إلى مدى غير مسبوق في التاريخ وفي المنطقة لدرجة أضحى معها إرهاب القاعدة في التسعينيات وأوائل القرن الحالي اعتدالا مما يثير السخرية والهلع معاً.
المنظمات الإرهابية كسرت كل قواعد الاشتباك والمُثُل الإنسانية والمواثيق المتعارف عليها في حالات الحروب فلم يسلم منها شخصيات اعتبارية أو مهن محمية عرفاً وقانوناً من قبل النظم الدولية كالصحفيين وناشطي حقوق الإنسان والناشطين في مجال الإغاثة فضلاً عن الأقليات العرقية والدينية في البلاد المنكوبة باستيلاء هؤلاء الأوباش عليها أو النشاط فيها.
فلم تكد تبهت صورة ذلك الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة وعملية إعدامه بتلك الطريقة التظاهرية البشعة حتى فاجأتنا داعش الإرهابية بإعدام العمال الأقباط المصريين على ضفاف الأبيض المتوسط ليصبح بدماء أولئك الأبرياء احمر عميقاً قبل أن تبتلع مياه البحر دماء الضحايا.
الصدمة التي تخلفها تلك الممارسات المتوحشة تدفع الكثيرين من المسلمين للتبرؤ من الممارسات البدائية المتناهية القسوة تلك، وتجد الجميع يلهج بأن ذلك ليس من الإسلام في شيء، لكن يلزمنا العمل بجدية أكثر لكشف ذلك الإرهاب ولكي تطغى الصورة المشرقة من الإسلام على كل هؤلاء المزايدين باسمه.
* قاص وروائي