قالوا في بداية الستينيات الميلادية عندما ظهر أول بث إذاعي مرئي للتلفزيون في أمريكا: إن الاذاعة المسموعة- وكانت في أوج مجدها- تحتضر وان البث المرئي اخذ في الانتشار كانتشار النار في الهشيم في العديد من دول العالم بما فيها الدول العربية "وللمعلومية فإن اول دولة عربية اقامت قناة تلفزيونية مستقلة هي العراق وآخر دولة عربية بثت فضائياً هي العراق ايضاً"!!.
وكانت الاذاعة قد تعاقدت بملايين الدولارات مع شركات ومؤسسات للدعاية.. وعند بداية البث التلفزيوني.. راجعت تلك الشركات حساباتها ورأت ان الدعاية بالصوت والصورة هي الاقرب الى عقلية ومتطلبات المتلقي مما دعاها لتقديم تنازلات للاذاعات لالغاء العقود المبرمة بينهم والتوجه الى "محطات التلفزيون".
كما اعتقد البعض أن السينما المنزلية "الفيديو" له ضرر على دور العرض السينمائي بل ان دور عرض اوربية كبيرة أغلقت أبوابها تحسباً لخسائر متوقعة، وقبل عقد من الان ظهرت الشبكة العنكبوتية المعلوماتية "الانترنت" وبدأ البريد الالكتروني ومحادثات "الشات"، وغرف وأحواش الحوارات.. فقال احفاد من قالوا ان الاذاعة انتهت "ان بريد الرسائل المكتوبة قد ذهب الى غير رجعة وان شركات البريد في طريقها الى الزوال.
وتتضارب الآن التوقعات حول مصير الصحف الورقية أمام شقيقتها " الالكترونية" كثيرون يرون انه ماهي الا سنوات وتبقى الصحف الورقية في متاحف الكتب وآخرون يرون ان الصحف الالكترونية ما هي الا اندفاع للتقنية في زمن العولمة وسرعة المعلومة وان الصحف الورقية ستبقى لها رونقها وطقوسها وسرعة تصفحها والاحتفاظ بها وقراءتها ولو عند إشارة المرور.
والآن.. بقيت الاذاعة المسموعة صامدة طيلة تلك العقود، لها مستمعوها ولها محبوها بل إنها في تطور مطرد واستطاعت موجات الـ fm ان تلبي رغبات الشاب والمرأة والباحث، وبقيت الرسالة البريدية لها رونقها وذكرياتها الجميلة وخصخصت شركات البريد واعلنت عن مردود مادي ممتاز وبقيت دور السينما تستقطب مشاهديها.
وعلى هذا المنوال ستبقى الصحف والإذاعة المسموعة والمرئية ورسائل البريد لها أهميتها ومحبوها ومتابعوها. والله المستعان.