التغييرات التي أحدثها الملك سلمان في الأسبوع الأول من وصوله للعرش السعودي، جعلت أكثر الناس تطرفاً في الفأل وأكثرهم تطرفاً في التشاؤم يتفقان على أن الملك السابع للدولة السعودية جاء كقائدٍ للتغيير، ولن يكون مسؤول تسيير، فالدفعة الثانية من قراراته التي تجاوزت الثلاثين أمراً، والثلاثة عشر وزيراً الذين يدخلون القاعة الوزارية في عهدها الجديد، والمجلسان اللذان نسفا اثني عشر مجلساً قديماً كلها تؤكد أن السعودية يراد لها شكل جديد، والقائد الأول للمسيرة لم يصل للحكم ليجعل البلد على وضعية «الطيران الآلي» بإبقاء الأشياء على وضعها مع بعض التحسينات والتغييرات هنا أو هناك.
هذه الروح التجديدية للبلد يجب أن تنعكس على كل العاملين في السعودية، وأن تتحول من حالة نشوة سريعة التبدد إلى ثقافة عامة لدى صغار الموظفين قبل كبارهم، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وضوح «الرؤية» التي تحدد هدف أعمالنا بلا غبش، ولن يتحول العاملون الصغار والكبار إلى شركاء إلا إذا كان الهدف الذي يراه قائد البلاد هو بين عيني كل عامل سعودي، ويجب استغلال هذه الأجواء الشعبية الإيجابية التي نعيشها هذه الأيام في خلق حالة «شراكة» جديدة تجمعها «رؤية» واضحة لكل الشركاء.
المجلسان الجديدان اللذان يقف خلفهما رجلان يملكان القوة والنفوذ زرعا بارقة جديدة للأمل في اجتثاث «سرطان البيروقراطية»، والحكومتان المصغرتان مؤهلتان لجعل عجلة الدراجة الحكومية أكثر سرعة، فحالة «التعثر» التي تزور عدداً ليس بالقليل من مشاريعنا تحتاج لمجلس حاسم يتجاوز الأنظمة التي تُشرع البطء وتعطي القانونية للفشل.
الوزراء «الثلاثينيون» الذين أدخلهم الملك للمجلس بادرة رائعة، وتزرع ثقافة جديدة تقول في أول صفحاتها: (على الشاب السعودي أن يكون أكثر مسؤولية)، وهي محاولة مهمة لنقل الشاب السعودي من مربع «المستفيد» من الخدمة إلى مربع «المقدم» لها، وهذا سينقلنا إلى مرحلة جديدة تلغي التقليد القديم الذي يمنح المكان حسب «تراتبية الأقدمية» إلى منحه بناءً على «تراتبية الكفاءة»، ومن هذا المنطلق فنجاح تجربة الأمير محمد بن سلمان مهمة جداً للشباب السعودي، فنجاحها سيقول لباقي السعوديين إننا جاهزون لقيادة البلد بشكل أفضل، وأتمنى من الأمير محمد الذي يقف على رأس الذراع الحكومية للتنمية أن يجعل حالة «المسؤول الشاب» هي حالة عامة وليست استثناء شخصيًا، واستنساخ نسخ كثيرة من «محمد بن سلمان» هو من أهم الإنجازات التي سيقدمها لنا الأمير الذي انتزع ثقة والد السعوديين سلمان بن عبدالعزيز بيمين ذكائه وبساعد كفاءته، وأتمنى أن يصل الأمير الشاب لطموحنا فيه، وأن يكسب رهان أبيه عليه.