بكل الأسى والحزن فجع العالم بخبر وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، صاحب الحكمة والرأي السديد في قيادة المملكة، والنهوض بها؛ لتصل إلى مصاف الدول المتقدمة، ولعل دخولها نادي الدول العشرين الكبرى يؤكد ذلك.
وبحكم انتسابي للحرس الوطني، فقد أتيحت لي الفرصة للعمل مع بداية النهضة الحقيقية في عهده رحمه الله، عندما كان مبنى رئاسة الحرس الوطني في حي المربع، وقد كان مبنى صغيرا يمثل إمكانيات الحرس التي كانت وحدات عسكرية بإمكانيات بسيطة من التسليح والمعدات والمباني، ومستوصف وحيد في حي الشميسي.
إلا أن رؤية الملك عبدالله، في ذلك الوقت، تهدف إلى أن يجعل من الحرس الوطني مؤسسة عسكرية ثقافية متقدمة، وقد كان له ذلك بعد مشيئة الله.
فقد كانت بداية الخطوات الاستثمارية في الإنسان، في مجال التعليم والتدريب من خلال التعاقد مع خبرات عالمية، تحتوي مهمة تطوير الحرس. حيث كانت بداية التطوير عام 1394هـ، شملت جميع الإدارات العسكرية والمدنية، وتم تحويل الوحدات العسكرية إلى آلية مطورة تدريبيا مع كافة التجهيزات والثكنات العسكرية.
كما اهتم كثيرا ببناء المدن السكنية، حيث تحتوي آلاف الوحدات لمنسوبي الحرس، كما اهتم كثيرا بالتعليم من المراحل الابتدائية وحتى الكليات والمعاهد المتخصصة، أما في مجال الشؤون الصحية فقد أنشئ أحدث المستشفيات، تخدمها كلية طب وأخرى طب أسنان.
لقد كان رحمه الله محبا لمنسوبي الحرس الوطني، فكان كثيرا ما يشاركهم من خلال زياراته المستمرة للوحدات العسكرية، وتفقد أحوالهم، والاطلاع على احتياجاتهم، والعمل على تذليل أي معوقات تعترض عملهم.
لقد كان يمثل القائد الحازم، حيث كانت الأفضلية لديه للمخلصين في أداء واجبهم، آخذاً بيد المحتاج ومكافئاً المجتهد، فبالرغم من هيبته الفطرية، فقد كان الجانب الإنساني لديه رحمه الله ثريا جدا، حيث كان لا يقبل الظلم ويحقق العدل بين مرؤوسيه، مما أكسبه حب أبناء الحرس الوطني.
وما إن انتقل إلى قيادة البلاد، حتى بدأ رحمه الله بناء دولة حديثة، قائمة على رؤية ثاقبة لمقوماتها الحديثة، بحيث اعتمد على التنظيم المؤسسي لجميع شؤون الدولة، مما أكسب المملكة مكانة عالمية مرموقة، مستفيدا من موقعها الديني والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي، واضعاً بصمات واضحة في بناء الوطن.
وقد أكمل كل ذلك بمتابعة ولي عهده سلمان، الذي لا يقل عنه رحمه الله تحمساً للنهوض بالبلاد، لتولي دفة السفينة بكل جدارة واقتدار، رحم الله الملك عبدالله، وأمد في حياة الملك سلمان؛ لإكمال المسيرة المباركة.
نائب رئيس تحرير مجلة الحرس الوطني سابقا