الشمولية والسرعة التي اتصفت بها الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم الخميس الماضي، تؤكد أن كل هموم المواطن السعودي حاضرة في ذهن خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، وهو أمر ليس مفاجئاً في حد ذاته، فقد اعتاد المواطن في بلادنا أن تكون رفاهيته وراحته في مقدمة اهتمامات ولاة الأمر دائماً، كما أن ذلك كان معروفاً وشائعاً عن سموه الكريم في كل المواقع القيادية التي تولاها في حياته المديدة -إن شاء الله-.
لقد شملت القرارات إعادة هيكلة شاملة للعديد من الوزارات وأجهزة الدولة، كما شملت تغييرات في مواقع المسؤولية في مراكز إدارية وأمنية وقضائية وتنموية واقتصادية هامة، كما تضمنت تغييرات ملحوظة في الميدان التربوي، مما يدل على أن هذا الميدان يحتل مكانة خاصة في فكره -حفظه الله-، وهي أهمية لا تقل عما يوليه لسائر الجوانب التنموية، التي يراهن عليها لتحقيق الأمن الشامل للوطن والمواطن، استشرافاً من النظرة الثاقبة التي عرف بها سلمان بن عبدالعزيز في القيادة والإدارة منذ توليه إمارة منطقة الرياض، في مرحلة مبكرة من حياته وقبل ما يناهز على نصف قرن من الزمان. أما المكرمات الملكية السامية، التي تناولت الجانب الاقتصادي لحياة المواطن، فهي دليل آخر على تلمس خادم الحرمين الشريفين لحاجات المواطنين في مثل هذه الظروف الاقتصادية، التي يعيشها العالم بأسره، وما يرافقها من ارتفاع أسعار السلع والخدمات مما يرهق ميزانية المواطن، وينعكس على حياته وحياة أفراد عائلته والمجتمع كله، وخاصةً أن تلك الأوامر شملت موظفي القطاع العام الحكومي مدنيين وعسكريين عاملين ومتقاعدين ومعاشات ومكافآت الطلاب داخل المملكة وخارجها وكذلك معاشات المستفيدين من الضمان الاجتماعي، كما شملت دعماً مالياً للجمعيات والجهات الخيرية كافة، مما يعينها على تقديم مزيد من المساعدات والخدمات للفئات المحتاجة، وكذلك تسديد الديون عن المعسرين في حدود نصف مليون ريال، والعفو عن المحكومين في قضايا الحق العام؛ كل هذه الجوانب إذا أضفنا إليها المعونات التي وجهت للأندية الرياضية والأدبية، تؤكد الشمولية التي ذهبنا إليها في مطلع هذا المقال.
إن هذه الأوامر الملكية على سموها وأهميتها، تحمل بشائر ودلالات ليست أقل أهمية من النتائج التنموية والاقتصادية والمعيشية التي تنتظر منها، وهي أن هذا العهد الجديد سوف يحمل -إن شاء الله- المزيد من الخير والمزيد من العطاء والإنجازات الذي يضاف إلى ما أنجز في السنوات الماضية، وأن البناء الوطني والتنموي وورش الإعمار والإنشاء ستزداد سمواً وارتفاعاً، وأن كل التطلعات التي يصبو إليها المواطن والمسؤول في هذا الوطن سيتم -بإذن الله- تحقيقها، وأن الاستقرار الذي نعيشه هو أول ركيزة أساسية لاستمرار النهضة العمرانية والتعليمية والاقتصادية التي يعيشها الوطن. خاصةً وأن هذه المخصصات الكبيرة التي تضمنتها الأوامر الملكية، تثبت أن التقلبات التي تشهدها أسعار النفط العالمية لم تحد أبداً من تلبية تطلعات المواطنين واحتياجاتهم، ففي الوقت التي تلجأ فيه البلاد الأخرى للتقشف وشد الأحزمة على البطون وتأجيل بعض المشروعات، وتقليص الميزانيات وغيرها؛ تواصل المملكة -والحمد لله- توفير أسباب الرخاء لمواطنيها.
إن المؤكد والمأمول -بإذن الله- وكما اعتدنا دائماً، أن تلقى هذه العناية والرعاية والمحبة التي تحملها الرسالة الوجدانية والمعنوية -التي تحملها الأوامر الملكية-، من المواطنين جميعاً الوفاء والامتنان المعهود، وتزيد من تعميق أواصر المحبة بين الشعب والقيادة، التي تثبت مرةً أخرى محبتها وإخلاصها وتلمسها لحاجات المواطنين، وتعمل من أجل تحقيقها.
وفق الله خادم الحرمين الشريفين لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وأخذ بيديه إلى سبيل الرشاد.
* أكاديمي وباحث تربوي واجتماعي