كنا بذمتك يا ملكنا خادم البيتين وحنا ودموع الحرمين تبكيك
كان في عطفك ميزة بشيئين على الفطرة ودمعة بين خديك
انتقل إلى رحمة الله -تعالى- مليكنا وقائدنا ملك الإنسانية والتواضع، حكيم العرب، حبيب الشعب، فغابت شمسه.. شمس الدفء والعطاء، وغاب ظله.. ظل العطف والحنان، الذي غطى به دول العالم.
عزاؤنا لأنفسنا بفقدان قائد كان رجلاً قل مثله في هذا الزمان. كان همه شعبه وكلمته راسخة في أذهاننا "دام أنتم بخير أنا بخير وسلامه"، ولم يطلب سوى الدعاء بقوله "لا تنسونا من دعائكم". كان يشدو بصوت العدل والحوار بين المذاهب، والتلاحم بين الأديان، والبعد عن التطرف، لكي لا يجعل لأصحاب القلوب الضعيفة منفذاً لبث سمومهم وتفريق أبناء شعوبهم وتفتيت أمتهم العربية. قام رحمه الله بزيارات عديدة لكثير من دول العالم؛ لتوحيد ودعم علاقة المملكة العربية السعودية مع جميع الدول الصديقة، وقام بزيارة للفاتيكان بروما؛ لدعم الحوار الإسلامي - المسيحي، وحضر العديد من المؤتمرات الخليجية والعربية، الدولية والإقليمية ومنها ترأسه مؤتمر حوار الأديان في أسبانيا، وإطلاقه لمبادرة السلام في الشرق الأوسط.
قضى الملك عبدالله عشر سنوات في حكم البلاد وإدارة الأمة العربية والإسلامية، فكان له عطاءات بلا حدود، ومواقف يشهد عليها التاريخ، وآخرها زيارته الشخصية لجمهورية مصر العربية، رغم تعبه، رسم من خلالها لوحة فنية إنسانية تلاحمية تؤكد ترابط الشعبين وتكاتفهما.
كم تمنينا يا مليكنا الراحل أن تجني ثمار ما زرعته، وترى الابتسامة بعينيك الرحومتين تعلو وجنتي المبتعثين بتخرجهم، والمحتاجين باسكانهم، والعاطلين بتوظيفهم في مدنك الاقتصادية، التي أمرت بها بعد الانتهاء منها وافتتاحها، وترى الأمن والأمان يعم الأمة العربية والإسلامية والمصالحة الخليجية.. كم.. وكم.. وكم.. سعيت واجتهدت لتسعد القلوب وتهدئ النفوس. كنت رجلاً عظيماً ورحلت رجلاً بسيطاً لم تأخذ معك سوى محبة الشعوب والسيرة العطرة والحسنة والدعاء لك بالمغفرة والرحمة.
وبمشاعر مختلطة ما بين الحزن بفقدان قائد الأمة العربية والإسلامية الملك عبدالله الراحل، والأمل بالعهد الجديد للملك سلمان القادم؛ ندعو الله بالرحمة والمغفرة للأول، وبالتوفيق والسداد للثاني، وهذه حال الدنيا، «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».
أستاذ التنمية الاقتصادية بجامعة الدمام