يمكن القول بطمأنينة متناهية: إن المغفور له- بإذن الله تعالى- الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان رجلا خارقا للعادة بمعنى الكلمة. وهو بهذه الصفة الدقيقة كان قريبا من أبناء شعبه إلى درجة الملامسة، حيث كان مهتما بآلام أبناء أمته وأحزانهم وأتراحهم، وقد ترجم تلك الملامسة ترجمة علنية من خلال اعتماده لسلسلة من المشروعات الحيوية الهامة؛ اقتصاديا وصحيا وتعليميا ونحو ذلك، بما يؤدى إلى إحداث نقلة حضارية نوعية من التقدم الملحوظ بالمملكة. ولا يمكن إحصاء تلك المشروعات المعتمدة في أسطر قليلة.
ومن جانب آخر، فثمة قرارات شجاعة اعتمدها- يرحمه الله- أدت هي الأخرى إلى احداث مفصل هام من مفاصل تاريخية، شهدتها المملكة في عهده الزاهر- يرحمه الله-، وقد اهتم بالتعليم اهتماما خاصا وملحوظا، انطلاقا من إيمانه الراسخ بأن تقدم الشعوب وازدهارها وتطورها، إنما يعتمد على العلم أولاً وأخيراً.
من هذا المنطلق، فإن اهتمامه لم ينصبّ على افتتاح مجموعة من الجامعات فحسب، وإنما توّج ذلك بمشروعه الحيوي للابتعاث الخارجي، ليرسم بذلك انطلاقة جديدة من الانطلاقات النهضوية في البلاد، وقد اُعتبرت المملكة- في عهده الميمون- من أولى دول العالم في إعداد مبتعثيها للدراسات العليا، إذا اقترن ذلك بعدد سكان المملكة. وقد اتضح أن تلك البعثات الخاصة ذات أهمية قصوى في المراحل التنموية التي انتهجها- يرحمه الله-. وهذا جزء لا يتجزأ من أعماله الخارقة التي تحولت إلى نقطة هامة من نقاط التحول التنموي بالمملكة، وقد حدث ذلك بالفعل على أرض الواقع.
وثمة خطوات رائدة اتخذها- يرحمه الله- لتفعيل دور المواطن في التنمية، كاهتمامه بتكريس دور المرأة السعودية في التنمية؛ كمشاركتها في مجلس الشورى، وفي المجالس البلدية.
إن حياته- يرحمه الله- كانت سلسلة من الإصلاحات المتوالية التي نقلت المملكة باطمئنان إلى مرحلة هامة من مراحل التقدم التي أخذت تضاهي بها دول العالم المتقدمة.
وثمة قرارات هامة أخرى اعتمدها- يرحمه الله- كان لها أثرها الفاعل والحيوي في دعم التضامن العربي والإسلامي؛ فوساطاته أدت إلى إذابة العديد من الخلافات العربية العويصة، وأدت بالتالي إلى وحدة الصف العربي ودعمه.
لقد كانت حياته- يرحمه الله- حافلة بعطاءات غير منقطعة؛ لدعم مراحل التنمية بالمملكة من جانب، ولدعم الصف العربي والوقوف بشجاعة إلى جانب القضايا الإسلامية العادلة. ولاشك أن شخصيته- يرحمه الله- هي شخصية استثنائية استطاعت أن تؤثر بشكل مباشر في مختلف القضايا العربية والإسلامية والدولية في محاولة لحلحلتها وتسويتها بطرق عقلانية وصائبة.