قال الله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».
وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها).
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا همٍ ولا حزن ولا أذىً ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطايا عبده».
إذا أراد الله سبحانه وتعالى لأمر أمره قال له كن فيكون. والحياة والموت أمرهما بيد الله جل في علاه ولا راد لقدره والمؤمن الحقيقي من يتقبل فاجعة الموت بقلب مليء بالإيمان بالله ومواجهته بالصبر والدعاء (انا لله وانا اليه راجعون).
والحياة أوجدها الله لتكون لنا اختبارا لمواجهة كافة آلامها ومصائبها بل وحتى سعادتها بسلوك إسلامي حقيقي ونسلّم بأن الحياة عابرة وان الموت حقّ علينا لا مفّر ولا هروب منه وأننا عباده سوف نقابل بعده ربّا رحيما أرْحَم بنا من عباده. وانه يجب علينا كمسلمين ان نواجه القدر بايمان صادق وعمل صالح يليق بعظمته جل في علاه.
في هذه اللحظة التي يشهد الله اننا لا زلنا نعيش فجيعتها التي هزت كل ركن من اركان الوطن بفقدان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك الانسانية ملكٌ مَلَك قلوب شعبه وكان حكيم العرب قاد شعوبه لبرّ الأمان حتى آخر لحظة من حياته رحمه الله وهبها لخدمة دينه ووطنه وشعبه ومن أهمّ وقفته الجريئة والشجاعة مع مصر العروبة وشعبها لتقف ضد الارهاب وزعزعة الأمن فيها حتى قامت واستقامت وتحقق الأمن والاستقرار على أرضها وشعبها. وبالرغم من آلامه وما تعانيه الأمة العربية من شقاق وشتات لم يرتح الا بعد ان جمع اخوانه قادة مجلس التعاون وأعاد دولة قطر للحضن الخليجي ورأب الصدع بينها وبين مصر. كان رحمه الله يعيش وطنه وشعبه ويرى ان وحدة الصف العربي رفعة وقوة لوطنه وشعبه المخلص الذي يرى في قيادته بعد الله الأمان والاستقرار من خلال حرب شرسة كان يقودها ويحذّر منها ألا وهي محاربة الارهاب حتى قبل وفاته بأشهر قليلة عندما خاطب بصوته زعماء العالم محذرا من الارهاب وانه خلال شهور ناويكم وجايكم وفعلاً كان غفر الله له وبنظرته وحنكته حصل ما حصل في فرنسا وغيرها من دول أوروبا والتى لم تستمع لحكيم العرب وتحذيره من إيواء واحتواء قيادات وأعوان الارهاب دمرهم الله.
هذا على الصعيد الخارجي فكيف بما أحدث رحمه الله من نقلة تاريخية لتطوير الوطن والمواطن السعودي في كافة المجالات ولعلّ أهمّ مشاريعه عمارة وتوسعة الحرمين الشريفين ليستوعبا أضعاف المساحات من اجل راحة ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين ومساندتها بمشروع زمزم الوقفي ومظلات وغيرها مما لا يتّسع المجال لذكره في عهده رحمه الله وخلال فترة حكمه القصيرة من عمر الزمن وحسب الاحصائيات انشأ ٢٨ جامعة وأكثر من ٢٠٠ الف طالب مبتعث و٦ مدن طبية و١١ مستشفى تخصصيا و٣٢ مستشفى عاما و١١ مدينة رياضية. ناهيك عن شبكات الطرق البرية والحديدية والوقفات الخيرية مع الفقراء وأصحاب الاحتياجات الخاصة والمرضى من كل أنحاء العالم العربي والاسلامي وعمليات فصل التوائم العالمية والتى بفضل الله تسجّل له رحمه الله وغفر له.
واليوم تشهد بلادنا نقلة ومحطةً جديدة بتولّي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم ومواصلة مسيرة إخوانه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله وغفر لهم أجمعين وذلك منذ عهد مؤسس الكيان الملك عبدالعزيز رحمه الله والمملكة بفضل الله ودستورها كتاب الله على نهج كتاب الله وسنة رسوله ورافعة راية التوحيد الخفاّقة تعيش بأمن واستقرار ورخاء تنظر قياداتها واحداً بعد الآخر للمستقبل الذي به تُحقّق الأمن والعيش الرغيد بالرغم من الظروف الاقتصادية التى مرّت وعصفت بها الا انها قفزت عليها بثبات وعزيمة أثبتت من خلالها الارادة المستمرة بإذن الله.
اليوم بعد ان مررنا بمرحلة حزن وألم وفراق وهذا قدر الله سبحانه وتعالى علينا ان ننظر كقيادتنا للمستقبل بعيداً عن الإشاعات والأقاويل وان تظل ثقتنا بالله كبيرة وكبيرة بحكّامنا وقيادتنا التى يعجز القلم والبيان عن الحديث عن ولي أمرنا الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله الذى قال عنه الكثير ممّن كتبوا تاريخ الأسرة انه الملك عبدالعزيز رحمه الله في حنكته وشخصيته وحزمه وعزمه كان الأمير الاستثنائى في الأسرة الجامع في كل مجامع العلم والاعلام والتاريخ يعرف بقراءته المتعددّة كل شبر وانسان وقبائل مملكته الواسعة الشاسعة الأطراف ربطته علاقات مودة بكل اعلامي العالم العربي وكتّابه ومثقفيه عايش وعاش كل الظروف الاقليمية والعربية وعاش دول الخليج وتربطه بهم علاقات أخوية وأسرية. ملكنا القائد سلمان بن عبدالعزيز منذ ان كان أميراً للرياض كان ولا يزال قريبا من مواطنه وحتى المقيم به وأجزم انه لم يكن أميراً للرياض وحدها بل أميراً لكل قطعة من الوطن حيث كان الملجأ بعد الله لكل مواطن عادي أو اعلامي او كاتب.. باختصار كان سلمان بدون اللقب الأب والأخ لكل مواطن ومواطنة كان وكما قلت استثنائياً في تنظيم وقته يداوم أحياناً قبل موظفيه التزم بهذا حفظه الله حتى بعد ان ولاه الله ولاية العهد الوقت عنده كالسيف.
الحديث عن قائدنا ووالدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز يحتاج لمجلدات ولن نوفيه حقّه مهما كتبنا وكتبنا انه التاريخ فمن يكتب عنه!
كلنا أبناء شعبك ندعو الله جلّت قدرته أن يوفقك ويعينك ويمدّك بصحته وعنايته ورعايته وأن يجعل من سمو ولي عهدك الأمين وسمو ولي ولي عهدك الخير والبركة وان يكونا بعد الله عوناً لك.. ان الحمل ثقيل والمسئولية عظيمة ولكن الرجاء والأمل قويّان بالله ثم بك يا سلمان الخير شعبك منك ولك وينتظر مزيداً من قربك ورعايتك واهتمامك كما تعوّدوا منك ومن قياداتهم الحكيمة الرؤومة الحنونة بهم فهم العتاد والزناد وهم حزامك كما انت لهم بعد الله قائد ملهم لوطن يتشرّف ويعتزّ ويفتخر بكم حكامه وقادته.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وحفظ لنا وأمدّ لنا في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ونعاهدكم على كتاب الله وسنة رسوله على السمع والطاعة.
اللّهم احفظ وطننا وأمنه واستقراره وكل أوطان المسلمين.