لا يحتاج القطاع العقاري للدخول في حالة عدم استقرار لدى دول المنطقة إلى أزمة مالية جديدة، ولا يحتاج أيضا إلى دخول سيولة استثمارية أجنبية ساخنة تعمل على إيجاد سقوف سعرية وهمية سرعان ما تعود إلى أصلها مع تسجيل أول خروج من تلك الاستثمارات، وسيكون القطاع العقاري على مقربة من الدخول في حالة من التراجع الحاد وانخفاض وتيرة الاستثمارات والتداولات إذا ما تم الاعتقاد أن كافة شرائح المجتمع هم من طبقة الاثرياء ورجال الاعمال ومن ذوي الدخل المرتفع جدا، وسيكون من المؤكد الدخول في فقاعات عقارية لا حدود لها، إذا ما استمر التركيز والاعلان عن المشاريع العقارية من فئة الفاخرة والمميزة والموجهة إلى طبقة محددة.
ومن الملاحظ أن حالة التركيز تأخذ صفة الامتداد لغالبية الدول التي تستهدف رفع وتيرة النشاط العقاري لديها وجذب الاستثمارات الاجنبية وفي مقدمتها دبي وتركيا ولندن، حيث تسيطر عليها المشاريع الفاخرة.
ومكمن الخطورة في هذا الاتجاه هو إيجاد سقوف سعرية مرتفعة جدا تعمم على كافة المشاريع والمنتجات العقارية الجديدة والقديمة وتصبح هي المقياس لكافة النشاطات والصفقات العقارية، وبالتالي النظر الى كافة شرائح الطلب من منظور واحد، ومن هنا تبدأ فقاعات عقارية بالظهور، تكون قادرة على هدم كافة الانجازات المحققة خلال فترة قصيرة جدا.
ويؤكد تقرير المزايا الأسبوعي على أن تفاوت مستويات العائد على المشاريع العقارية يساهم في الاتجاه نحو زيادة الاستثمار بمشاريع التملك للشقق والفلل الفاخرة، وهي مشاريع كبيرة تستهدف فئات محددة من الطلب على حساب المشاريع التي تلبي احتياجات الطبقات الاخرى في المجتمع، ذلك أن العائد على المشاريع العقارية الفاخرة لا يقل بأي حال من الاحوال عن 20 %، بينما يتراوح العائد على المشاريع العقارية على أساس نظام التأجير بين 8 % و 10 %، في كثير من الاوقات، الامر الذي يقود الاتجاه لزيادة الاستثمار في مشاريع العقارية من فئة الفاخرة، وبالتالي تسجيل المزيد من التباينات على قوى العرض والطلب لدى السوق العقاري.
ويقول تقرير المزايا: إن ارتفاع مستوى العرض من المشاريع العقارية والوحدات السكنية الفاخرة إلى مرحلة الفائض وتراجع العائد الاستثماري لها، سيؤدي إلى التأثير سلبا وبشكل مباشر على القطاع العقاري ككل، ويمتد تأثيرها إلى غالبية القطاعات الاقتصادية كون الاستثمار العقاري يعمل كمحرك رئيسي للدورة الاقتصادية ككل.
ونوّه تقرير المزايا إلى أن إمكانية مواجهة فقاعة عقارية- عند هذا المستوى من الاسعار، وهذا المستوى من التركيز الاستثماري على المنتجات العقارية الفاخرة فقط لدى دول المنطقة- سيكون أمر حتميا خلال الفترة القصيرة القادمة، نظرا لعدم قدرة هذه المشاريع على تلبية كافة أشكال الطلب المحلي.
في المقابل فإن مستوى المنافسة اصبح أكثر حدة بين مختلف عواصم ومدن العالم، الامر الذي يرفع من مخاطر الاستثمار في هذا القطاع، كون الاستثمارات الخارجية هي استثمارات تعتمد على العوائد، وبالتالي ستنتقل رؤوس الاموال بين سوق وآخر تبعا لمستوى العوائد ومستوى الاستقرار، كما أن استمرار تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدنية إلى ما دون 55 دولارا للبرميل، سيعزز من إمكانية انفجار فقاعة القطاع العقاري مرة اخرى، ذلك أن درجة الارتباط والحساسية بين أسعار النفط وتواصل الاستثمار على المشاريع العقارية كبيرة، وأن احتمالية الدخول في حركة تصحيح شديدة ناتجة عن عمليات البيع أمر قابل للتحقق اذا ما استمرت الاتجاهات الحالية للسوق العقاري على حالها.
وأشار تقرير المزايا إلى ضرورة الحد من حالة التزاحم للعقارات الفاخرة التي تسيطر على المشهد العقاري خلال الفترة الحالية، حيث تظهر كافة الأنشطة والفعاليات والمعارض العقارية هذا الاتجاه وبكل وضوح، فيما سيكون لزاما خلال الفترة القادمة البحث عن إجابات واضحة ومحددة لتزايد الاتجاه نحو الاستثمارات العقارية في الخارج، حيث تسيطر كل من تركيا وبريطانيا ودبي على الوجهات الاستثمارية للمستثمرين الخليجيين، مع الاخذ بعين الاعتبار أن الاسعار السائدة على العقارات الخارجية ليست أقل، فيما تعتمد نسب العائد المتوقع على طبيعة القوانين والتشريعات التي تنظم الاستثمار لدى تلك الدول، في حين تبدو الصورة أكثر وضوحا على الاستثمارات العقارية المحلية، والتي يسهل تحديد اتجاهات السوق المحلي وصياغة التوقعات القريبة منه، وبالتالي تخفيض مستوى المخاطر المصاحبة للاستثمار وتحديد مستوى العائد المطلوب.
والمتوقع كون السوق العقاري لدى كافة دول المنطقة تشهد طلبا متواصلا، فيما تتطلب تلبية كافة أشكال الطلب الاعلان عن المزيد من المشاريع العقارية ذات الاستخدامات المتعددة والتي تلبي احتياجات السوق في كافة الأوقات.
