يعتبر المفكر عبدالله القصيمي غفر الله له والمولود في مدينة بريدة عام 1907م أكثر شخصية عربية مثيرة للجدل. ولا تمر فترة من الزمن إلا ويبرز اسمه على المشهد العربي المعاصر رغم وفاته في العام 1996م. ورغم أن ما يثيره من جدل له علاقة بالفكر، إلا أن ما يمكن إثارته هذه الأيام عن عبدالله القصيمي سيكون من صميم السياسة لأعقد مشكلة مرت على العالم الحديث. ألا وهي القضية الفلسطينية.
ففي هذا الأسبوع تم تقديم مشروع القرار الفلسطيني إلى مجلس الأمن. والذي من شأنه لو تمت موافقة جميع الأطراف عليه، فانه سيضع حدا للاحتلال الإسرائيلي لجزء من الأراضي الفلسطينية بحلول عام 2017م. وإضافة لذلك إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين بما يمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مع وضع القدس عاصمة مشتركة لإسرائيل وفلسطين. ولاحظوا جملة القدس ستكون عاصمة مشتركة وجملة إنهاء الاحتلال وحل مشكلة اللاجئين. أي أن العالم العربي لم يستطع تحرير كل الأرض مع العلم أن هذا كان الهدف المعلن من العام 1948م. وبهذا فإن ما يطلبونه الآن هو أقل بكثير مما حصلوا عليه عام 1948م. ولكن ما علاقة المفكر المثير للجدل عبدالله القصيمي بالقضية الفلسطينية؟
في البداية، فبمجرد اعتراف الأمم المتحدة بقيام دولة إسرائيل فقد أصبحت إسرائيل واقعا مريرا بغض النظر عن عدم عدالته. وما أن تحركت الجيوش العربية لتحرير فلسطين بعد أن قام الكثير من الفلسطينيين بالرحيل أو الترحيل من ديارهم لتبدأ معها أكثر الصراعات تعقيدا وتصبح القضية الفلسطينية هي القضية الأولى لكل عربي من المحيط إلى الخليج. ودارت حروب وتوسعت إسرائيل بدلا من أن تتقلص. وفي تلك الفترة كان عبدالله القصيمي صوتا مسموعا وما يقوله تتم متابعته رغم بدائية وسائل الاتصالات في ذلك الوقت. وذكر أن العرب غير جاهزين لدخول حرب تحرير. فحرب تحرير دولة تختلف عن الدخول في حرب بين بلدين. وعندها قال عبدالله القصيمي إن بإمكان العرب هزيمة إسرائيل فقط بتطوير التعليم ودفع عجلة التنمية. والدخول مع إسرائيل في سباق نهضة علمية واجتماعية وسباق في الزيادة السكانية. وأهمية كلام عبدالله القصيمي تكمن في أن الكثير من اليهود القاطنين في الدول العربية لم يكن بنيتهم الهجرة لإسرائيل. وبهجرتهم زاد سكان إسرائيل والذي كان أقل من مليون نسمة. ولم تكن إسرائيل في ذلك الوقت لديها جيش نظامي. وأكثر من ذلك أن القدس كانت تحت سيطرة العرب إلى العام 1967م. وفي ذلك الوقت لم تكن دول كثيرة ومنها أمريكا تعتبر دولا حليفة لإسرائيل. ولكن في الوقت الحالي فقد أعلنت أمريكا قبل عدة أيام أنها ستستعمل حق الفيتو (بأثر رجعي) ضد المشروع الجديد في الوقت الذي كانت في عام 1948م موافقة على إعطاء الجزء الأكبر من فلسطين للفلسطينيين. وبعد تقديم مشروع إنهاء الاحتلال قبل عدة أيام قام الكثير بفتح ملفات قديمة حول ما كان بإمكان الفلسطينيين الحصول عليه وما كانت عليه إسرائيل. ليتضح أن إسرائيل كان من الممكن ان تختفي أو تكون من أضعف دول المنطقة لو كان ميدان المعركة هو مجال التعليم والتنمية. وإضافة لذلك كان من الممكن أن يكون السكان اليهود هم الأقلية حتى في حدود مناطقهم. وفي نهاية المطاف نسي العرب تطوير التعليم وأهملوا التنمية ولم تتحرر فلسطين.