منصور البطي أمين عام ملتقى شبابي اتخذ من "لقاء الخميس" اسماً له، وفكرته تقوم على دعوة الناجحين من الشباب ليسردوا قصصهم كي تكون منبر إلهام للعدد الكبير من الشبان الذين يحضرون هذا اللقاء دورياً، وفكرة هذا اللقاء بمسماها انتشرت في أكثر من مدينة سعودية، فهذه الفعالية تقام في الدمام والرياض وجدة وغيرها، واستطاع أن يتجاوز الحدود لتقام هذه الفعالية في البحرين كأول محطة خارجية للفكرة، وشاهدي هنا ليس فكرة المشروع أو إيجابيته وانتشاره، بل بتلك الليلة التي تلت الاجتماع الأول للقاء الخميس في البحرين، حيث كان الأمين العام منصور البطي بجوار زوجته في الرياض، وبقي صاحياً ولم يخلد إلى النوم كعادته، وكان يقول لزوجته أم عبدالرحمن: (لا أريد أن أنام، أنا فرح وسأواصل السهر)، لقد كان منصور في قمة النشوة والفرح بإنجازه، وكان يعبر ويحتفل بالسهر، ويطرد النوم من قاعة الاحتفال المنزلية، وهذه اللحظة نقشت نفسها بعمق في ذاكرة منصور البطي.
وقبل شهر تقريباً شاركت الدكتور الجميل عبدالله المغلوث في ندوة عن الإعلام التطوعي في جامعة دار العلوم، وكان يسرد تجربته الناجحة في برنامجه اليوتيوبي "يشبهني"، وبحكم عملي الطويل في الإنتاج التلفزيوني لم يكن في الورقة الكثير من الجديد الذي يستوقفني، وهذا عكس السائد بالنسبة لي مع كل ما يطرحه الدكتور عبدالله المغلوث، وفي آخر تجربته عن "يشبهني" تحدث الدكتور عبدالله عن شعوره بعد انتهاء العمل واكتماله، وقال لنا: (لقد بكيت من الفرح)، وهنا كانت هزة قوية لي جعلتني لا أسمع باقي حديثه لأني كنت أسأل نفسي حينها: (هل بكيت من الفرح بعد إنجاز أسعدني)، وكان الجواب الذي لم أفكر بسؤاله من قبل: (لقد فشلت في البكاء من الفرح)، فأنا لم يسبق لي خوض هذه التجربة والإحساس بالشعور المذهل الذي كان يصفه الدكتور عبدالله المغلوث في تجربته، وأتمنى أن أنجح في ذلك ولو مرة واحدة في حياتي، فالدمعة الفرحة سائل مالح يعبر عن لحظة حلوة، وأتمنى ألا أكتفي بقطع الآيسكريم التي أتناولها بعد كل حلقة كعادة اعتدتها دون الشعور الكافي بنكهة الإنجاز.
منصور وعبدالله تعاملا مع نجاحاتهما كما يليق بها، ولم يحجما الشعور النفسي في إطار ضيق عند النجاح، فالإنجاز المهم لنا نبني له مصدات نفسية في داخلنا، والمجتمع يبني سدوداً ترابية تضعف من تدفق أنهار الفرح، ومن يحتفي بتلقائية في لحظات الإنجاز يستمتع بأثرها طويلاً، وأنا أدعوكم هنا للاقتداء بمنصور وعبدالله في حركة النفس المنطلقة عند الفرح، وألا تكتفوا بقطع البوظة المثلجة.