يحق للمواطن وهو يرى اهتمام القيادة الرشيدة بالمشاريع التنموّية والتطويرية في كافة أرجاء الوطن، ويسمع حجم المبالغ الضخمة المعتمدة لتلك المشاريع، أن يسأل ويتساءل باستمرار؟! لماذا يبدأ المشروع عندنا ولا ينتهي؟! لماذا المشاريع عندنا يتأخر تنفيذها، وتأخذ وقتاً طويلاً وتتعاقب عليها أجيال وأجيال، ولا يرى النور؟ وإن رآه فيرى مشروعاً معاقاً أو لم يكتمل نموه، لماذا البدء أصلاً بمشروع يُعرف سلفاً ومن خلال مواصفاته الفنية محدودية الاستفادة منه، إلاّ إذا كان القصد هو تعداد كم مشروع أنجز لهذه الجهة، وكم أنجز لأخرى لغرض الدعاية والإعلان على حساب مصلحة الوطن والمواطن، والوطن وأبناؤه يستحقون أكثر من مجرد أعداد، وأرقام مشاريع لا تلبث أن تبدأ بالتصدع في أول اختبار طبيعي حقيقي لما يسمى مواصفات هندسية وفنية...
شوارع وطرقات رئيسية وهامة تقفل وتحوّل مساراتها واتجاهاتها لأشهر بل أحياناً سنوات، وتضيّق الخناق على عباد الله من مواطنين ومقيمين، ويصبر الناس على مضض أملاً في الاستفادة من مشروع ما، وفي النهاية إن كانت هناك نهاية للمشروع، يأتي الإنجاز متواضعاً ودون المستوى يجعلك تتعجب بل وتتساءل مما تشاهد من تواضع الأداء وعندها تتمنى لو تُرك الطريق أو خلافه على حالته الأولى، لكان ذلك أرحم على خلق الله من المعاناة التي تكبدوها وأخذت المبالغ من خزينة الدولة وصرفت على مشروع فاشل، أقل ما يقال عنه تخطيط أو شغل سنة أولى هندسة.
ألم نتعلم؟! ألم ندرس في الداخل والخارج ؟! ألم نسافر؟! ألم نشاهد؟! ألم نعقد الندوات والمؤتمرات؟! ألم نحضر دورات داخليّة وخارجية؟! والأسئلة كثيرة والمواطن يسأل أين ذهب كل ذلك؟!..
المواطن يسأل؟! إذا كانت تضاريس المملكة عموماً مريحة، ولا عوائق طبيعية تؤخر التنفيذ، والدعم والاعتماد المالي موجود، فلماذا؟! ولماذا يأخذ المشروع وقتاً طويلاً؟! وفي البلدان الأخرى تنتهي مشاريعهم في زمن قياسي، وعلى أعلى المقاييس والمواصفات العالمية، وإذا كان الأمر في إنجاز مشروع ما، وبدون عوائق طبيعية يأخذ حيناً من الدهر، فما الحال لو كانت بلادنا بها أنهار وقنوات وبحيرات وتضاريس وعرة لما شاهدنا أي مشروع نهائياً ألبتة. غاب التخطيط أو غُيّب، وظهرت المشاريع ذات المواصفات الفنية البالية، أو الضعيفة، وأُقرت في اجتماع واحد أو اثنين أو ثلاثة وفي غياب كامل لدور مكاتب الاستشارات المتخصصة، ولم يعط المشروع أهميته المستحقة من حيث دقة التنفيذ وقوة المواصفات، والأسوأ من ذلك إرساء المشروع على مقدم العطاء الأقل سعراً لتبدأ المعاناة.
والمشروع الذي يجب أن يكون إنجازه في سنة على سبيل المثال يأخذ ست سنوات وبعد ذلك يُنعى المشروع ويحمل إلى مثواه الأخير في مقبرة الإهمال، ويستمر المواطن في السؤال، والمواطن يسأل وإلى متى يسأل المواطن عن حال المشاريع وتعثرها؟، وإقفال الطرقات وتحويل المسارات والمواطنين شاخصة أبصارهم يحلمون ويتفاءلون بمشروع يُريحهم من إزعاج تمدد واتساع رقعة المدن، وما ينتج عنه من ازدحام للطرقات وغيرها من المنغصات، وبعد انتظار طويل، وتحمّل مؤلم يظهر مشروع متواضع لا يتماشى مع التوقعات، وتهدر الأموال، ولا مصلحة للوطن أو المواطن ،، ويبقى المواطن يسأل؟!.