ضج الوطن من أقصاه إلى أقصاه بعد حادثة الدالوة؛ كان الجميع يستنكر الفعل الإجرامي الذي استهدف أجساد الأبرياء جسد الوطن عموماً ودق إسفين العداوة بين لحمته الفريدة التي يتنفسها الناس هنا خيراً وأمناً ونماء منذ بزوغ فجر الوطن وتوحيده. كانت صور اللحمة ومظاهرها الحقيقية والواسعة تُفسد على الحدث الأرعن أهدافه، وتصب على الوطن برداً وسلاماً في رسالة إلى كل من به شطط أو زيف في الضمير، فيضمر لوطنه وإخوانه العداء وتمزيق وحدتهم وتحويل أمنهم خوفاً، هذه الرسالة للجميع لا تستثني أحدا دون أحد ولا مذهبا دون مذهب، فالإرهاب ملة واحدة في صنوف عدوانه ونتائجها التي تستبيح الدماء وتتغذى على سيلانها، باعتبار أن تواصل الأحداث وافتعالها هو المحرك لديمومة المنفذين للإعلان عن وجودهم دائماً أو ربما لرضا محركيهم، فالمواطن الحق لا يضر أمن وطنه ولا يستهدف حماة أمنه وحماة عرضه، ولا يستهدف الأبرياء طالما استشعر أمانة الوطن ومكتسباته المادية والمعنوية، ولكن هو التغرير وزيف الرؤية تجاه الوطن والأحلام المفبركة من الخارج لتأكيد هشاشة الكيان؛ لذلك يتكرر العدوان على رجال الأمن في العوامية وهو أولاً عدوان لا يمكن تعميمه أو إلحاقه بفئة أو طائفة، سوى أنه عدوان يستهدف الدماء وإيصال مجموعة رسائل للداخل والخارج وهو ما لا يجب السكوت عليه أكثر ومن كل الأطراف. وفي حديث سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمشايخ والعلماء في شهر شوال الماضي، نعت - حفظه الله - الجميع بالكسل في النقد والتوجيه والتصدي لمثل هذه الأعمال والتوجهات الغريبة والمغلوطة، وهي رسالة غاضبة منه تستشعر الخطر وجه مضمونها للجميع من كل الفئات للقيام بدورهم وأمانتهم تجاه دينهم ووطنهم، فسيل الدماء البريئة ليس من دين أحد وهو ما نسترجعه الآن في حوادث العوامية، بمناشدة علماء ومشايخ وعقلاء القطيف للقيام بدورهم بشكل عملي للتصدي لهذا العبث الذي يخل بأمنهم ويروع أطفالهم، أيضاً كان خادم الحرمين بفطنته ينبه العالم أجمع إلى خطورة الإرهاب وتمدده الأعمى، فقد حذر العالم من خلال سفراء العديد من الدول الذين اجتمع بهم من وصول الإرهاب إلى بلدانهم، في حال التمادي والغفلة عن هذا الخطر الداهم؛ وها هي راية داعش تُرفع قبل أيام في أقاصى العالم، حيث حادثة المطعم المجنونة في العاصمة الاسترالية "سدني" مما يؤكد تمدد الخطر والغلو، أعود إلى العوامية حيث استشهاد الجندي عبدالعزيز عسيري في استهداف من مجهول حتى الآن، وأسترجع هنا أيضاً حديث صاحب السمو أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف في مجلس العزاء، محذراً من غضب الحليم تجاه هذا التمادي المتطرف والعابث والذي لا يخيف رجال الأمن بالطبع ولا قيادة البلاد بل سيكون الخاسر من تعمد العبث وأذكى جذوته، نتمنى أن تكون حادثة العوامية هي الأخيرة وان يرتبط اسم هذه البلدة العزيزة بجوانب أجمل لا أن يكون مصدراً للفتنة.