انتهت قمة الخليج التي جمعت رؤساء وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وتأتي هذه القمة لتؤكد نهج المصالحة بين الأشقاء في دول المجلس، خاصة بعد اختلافات الرأي في ما أفرزته السياسات العربية والعالمية فيما بعد ثورات "الربيع العربي"، وسقوط حكم الإخوان في مصر.
الذي يبدو أن الأمور تسير إلى توازنات مهمة في صالح الخليج ودول المنطقة، خاصة بعد التصريح الواضح في ختام القمة على دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهذا مؤشر على اتفاق كامل فيما يخص عدم ترك الخليجيين المنظومة العربية المصرية، ولكن الذي يقلق في الأمر أن الملف السوري ما زال عالقاً في حرب ضروس، متفرقة بين نظام الأسد، والمعارضة، وداعش، والتحالف الدولي ضدها، وتغلغل السياسة الإيرانية في سياسات العراق وسوريا واليمن. إن حل المشكلة السورية لن يكون إيجابياً لصالح السوريين فقط، بل إنه سيعود بالاستقرار لكافة المنظومة الخليجية والعربية والعالمية، لا سيما أن تفريخ الإرهاب والجماعات الإرهابية في سوريا هو في صالح نظام الأسد، وليس مستبعداً أن هذا النظام هو من يدعم تلك الجماعات الإرهابية وذلك من أجل تخفيف ضغط المعارضة عليه، بل إن نجاح الإرهاب وداعش هو استمرار لبقاء نظام الأسد، وزوال الإرهاب وداعش هو زوال لنظام الأسد، ولذلك فقد أكدت قمة الخليج بما لا يدع مجالاً للشك على أهمية حل الأزمة السورية، وذلك لضمان عودة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعالم.
إن هذه الرؤية في هذه القمة مهمة أيضاً في دعم مشروع التحالف الدولي ضد الإرهاب، وضد داعش تحديداً، وكون المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات كانتا في مقدمة التأسيس للتحالف مع أمريكا ودول أوربية ضد داعش، فهذا يوضح أن الرؤية الخليجية رؤية مستقلة بذاتها، وتحمل اعتباراتها ومصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبخصوص إصرار البعض على سحب الخليج سياسياً واجتماعياً لتبني سياسات إخوانية أو أردوغانية ما هو إلا سيطرة وتسلط وإسقاط للمنظومة الخليجية المستقلة، وبحكم مراقبتي المستمرة طوال العامين السابقين، فإن تحليلات السياسة والثقافة التي لم تخل من أيديولوجيا ظاهرة ضد المملكة ودول الخليج، كانت قمة في اللا وعي، وربما حملت حماقات صبيانية من بعض المحللين والمؤدلجين المتعاطفين مع سياسات الإخوان في المنطقة، وهي افراز لذلك التعاطف القديم مع كافة تنظيمات الإسلام السياسي المتطرف! تلك التنظيمات - مع الأسف - تلبس على الشعوب وفئة الشباب العربي، وتتلاعب بعواطفه الدينية في صالح أجندتها ومصالحها في الوصول البراجماتي لعرش السلطة السياسية، والهيمنة باسم الدين، وفي ظل استمرار النزاع بين الأنظمة العربية، وأنظمة صعود الإسلام السياسي فلا تسل عن أي تنمية أو نهضة حضارية للشعوب العربية لا على مستوى التعليم أو اقتصادات مستوى المعيشة، والسبب أن هذه المزايدات ستخلق جبهتين متطرفتين؛ مع وضد، وستظل الشعوب العربية تواصل الصعود نحو قمة الهلاك والانحدار.
إن وضوح الرؤية الخليجية هو صمام أمان - بإذن الله - من العبث المحيط ضد المنطقة، وهو مؤشر إيجابي لحل كثير من النزاعات نحو صالح الإنسان ونهضته وليس لصالح الأيديولوجيا وعبثها، ونأمل أن تكون هذه الخطوة هي الأهم في تسريع مشروع الاتحاد الخليجي المرتقب.
* باحث في الدراسات الثقافية