قبل فترة استضاف برنامج الثامنة مع الأستاذ القدير داوود الشريان على محطة (إم بي سي) وهي من الأكثر مشاهدة في مملكتنا مواطنا سعوديا اسمه (مروان) كإحدى العينات التي أراد منها البرنامج طرح معاناة السجين السعودي في العراق. وقد ذكر مروان أن عمره كان (19) عاما حين قبض عليه ولهذا تم الحكم عليه بالسجن (10) أعوام بسبب صغر سنه. وتحدث مروان والذي اصبح عمره قريبا من (30) عاما عن معاناته في السجن العراقي ولكنه أردف قائلا إنه تم الإفراج عنه بعد أن قضى سبع سنوات ونصف لحسن سيرته وسلوكه وليعود بعدها للمملكة. وهنا نتوقف للحظة ونتحدث ماذا يمكن أن يستنتجه كل محلل في شؤون السجناء والأسرى والمعتقلين خارج بلدانهم.
ذكر (مروان) أنه ذهب للعراق وعمره لم يتعد العشرين. فماذا يفعل مراهق في بلد لا يعرف أحد ماذا يجري فيه. وذكر أنه قال إنه تعرض للتعذيب ولكن إطلق سراحه مبكرا بسبب حسن سيرته وسلوكه. فهل السجون والمعتقلات التي تمارس التعذيب يتم فيها مراقبة من هو حسن السيرة والسلوك, لأن السجين لن يكون من السهولة معرفة حسن سلوكه إذا كان تحت التعذيب. وأثناء المقابلة حصل على تعاطف الكثير ولهذا الكل تفاجأ بورود اسمه من ضمن المقبوض عليهم في أحداث جريمة الدالوة. ولكن ألا يعتقد مروان بأنه قد قلل من تعاطف المواطن السعودي مع أي سجين سعودي خارج البلاد. ثم ألم يضع في باله ما قامت به دولته المملكة العربية السعودية والتي هي أرض الحرمين من جهود لإخراجه من السجون العراقية؟. وكذلك ألم ير في العراق كيف أن عدم وجود الأمن والأمان ترك البلاد مفتوحة لأمثاله ولغيره ليعيثوا فيها ويخربوا؟. فهل هذا ما يريده أن تكون عليه بلادنا؟, وهو أن تكون مفتوحة للايادي الغادرة التي ستقتل دون تفرقة.
والغريب في الأمر هو ان الكل شاهد مروان يتحدث على التلفزيون عن التعذيب بكل ثقة ولكن لا توجد عليه أي نوع من أنواع ردود الفعل التي يراها المحللون لسجناء وأسرى خارج حدودهم من كوابيس. ولعلم القارئ وهو أنه أثناء حياتي العملية عملت مع احد أسرى الحرب الأمريكان ممن تم أسرهم في فيتنام. وقبل عملي معه تم إبلاغي بأنه أسير سابق في فيتنام ولذلك طلب مني أن لا أتحدث عن فيتنام وكذلك أن لا أغلق الستائر في المكتب ولكن لا بد من ترك الضوء الخارجي يضيء المكتب لكي لا يتذكر العتمة والظلام أيام اسره في فيتنام مع العلم بأنني عملت معه بعد خروجه من الأسر في فيتنام بأكثر من خمسة عشر عاما. ومع ذلك كان يعاني. ولهذا فكون المواطن السعودي مروان قد قضى سبع سنوات في السجون العراقية ومن ثم أراد بعد الخروج ان يتسبب في فتنة طائفية فواضح أنه لم يجدر به ان يخرج ليحارب في بلد خارج حدوده لأنه في واقع الأمر لم يكن يعلم ما يجري في بلاده. لأنه لو علم ما يجري في بلاده لعرف أن اللحمة الوطنية وحب المواطن لولاة أمره أكبر من أن يقوم بالتشكيك فيها هجوم جبان على قرية هادئة عرف عنها جمال نخيلها وحب مواطنيها لتراب هذا الوطن. ألم يجدر بمروان أن يستظل بالنخلة الأحسائية بعد أن خرج من السجون العراقية؟