كل أعمال وأنشطة أجهزة ومؤسسات الدولة تستهدف المجتمع وتطوير وعيه وأدواته، ولذلك فإنها تكتسب أبعادا تفاعلية من صميم المشاركة في كل نشاط أو عمل، فهذه الأجهزة إنما هي منظومات تعمل على تنظيم الحياة وجعلها أكثر أمنا وسهولة، وحين نحترم جميعنا الأنظمة ونتعامل معها بجدية فإن ذلك يوفر قدرا كبيرا من السلاسة في عمل الجميع، ولا يمكن لأي جهاز أو مؤسسة أن يقوم بأدواره دون دعم أو تكامل من المجتمع.
اطلعت أخيرا على مقال للواء عبدالرحمن الشنبري عن الشراكة المجتمعية لرفع الوعي المروري يستهدف به كيفية الوصول الى تحقيق أفضل معدلات السلامة المرورية مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك من خلال الكثير من الجهود التوعوية والأمنية التى تقوم بها الجهات المعنية حكومية أو شبه حكومية للرفع من مفهوم السلامة المرورية.
وفي سياق استعراضه لنموذج مهم في تلك الشراكة تناول اللواء الشنبري انطلاق فعاليات متنوعة للسلامة المرورية في هذا العام متزامنة مع انطلاقة العام الدراسى، وذلك أمر يعني شريحة واسعة من المجتمع تشمل الطلاب وأولياء أمورهم، ولأن الوعي يبدأ من المدرسة فإن الانتقال بمثل هذه المنظومات التوعوية الى المدرسة حيث الأساس التعليمي فإنه يصبح أكثر جدوى في غرس مفاهيم مهمة عن طبيعة السلامة المرورية لدى الأجيال.
واتفق تماما مع اللواء الشنبري في أن منظومة السلامة المرورية فى النقل المدرسي تمتد أبعادها إلى المركبة والسائق والمنزل والمدرسة، لذا فإن لكل جزء من هذه المنظومة دوره لاكتمال الصورة الكلية للوعي والتوعية بالأمن والأمان المروري تحقيقا لمبدأ السلامة العامة في الطرقات والشوارع، ونظرا لأنه لا يمكن لإدارة المرور أن تعمل منفردة في ذلك فإن الدور المجتمعي مهم للغاية لأنه كما ذكرت يتكامل مع أي برامج تثقيفية أو توعوية تستهدف تطوير الحياة بشكل عام.
تغيير السلوك الاجتماعي للأفضل في أي مجال يتطلب عملية تفاعلية بين المؤسسات وأفراد المجتمع باعتبارهم موضوع أي نظام أو تنظيم، وذلك لا يتحقق دون مقاربات فكرية تشرح وتفسر وتغرس السلوكيات والتصرفات الضامنة لتطور الوعي الاجتماعي، وبالتالي فإننا بحاجة الى عملية شاملة يتضامن فيها الأفراد مع المؤسسات المدنية والرسمية على السواء من أجل اكتساب التطورات المنهجية والعلمية التي تواكب تطور العصر ومقتضياته.
ولعل إدارة مرور المنطقة الشرقية وهي تؤسس لمنظومة مرورية تواكب النمو السكاني والحضري والتنموي تبذل جهدا كبيرا لنشر الثقافة المرورية وصولا الى مواطن ومقيم لديه كل الأفكار التوعوية في الشارع العام، وذلك هو المطلوب لتحقيق الوعي المروري السليم، واتجاه إدارة المرور الى المدارس أسلوب علمي جدير بالإشادة لأنه يؤسس لوعي مبكر ويحمي الصغار ويمنحهم الجرعة الضرورية لأمانهم في الطرقات والشوارع والتعامل مع الحركة المرورية ما يهيئهم مستقبلا لقيادة آمنة تتوفر بها كل أساسيات الأمن المروري، وينبغي لكي يتكامل أداء الإدارة في نشر التوعية المرورية أن تخترق الأندية الثقافية والأدبية والرياضية والاجتماعية والشبابية لتقديم المحاضرات وتنظيم المعارض بصورة دورية منهجية تغطي كافة الشرائح المجتمعية وأن تستعين بالجهات الاستشارية في هذا المجال وبالمتطوعين لأعمالها حتى نحقق أهداف التوعية المرورية على النحو الأكمل.