في هذا الوقت والزمان، يقوم الإعلام المناهض للإسلام بإتباع طرق كثيرة؛ لتشويه صورة الإسلام والمسلمين. ولكن رغم الآلة الإعلامية التي يستخدمها من يريد المساس بالإسلام، إلا أنهم دائما يفشلون في ذلك. وكان آخرها ما قام به السياسي الهولندي المتطرف (خيرت غيلدر) عندما أنتج وأشرف على فيلم مسيء للإسلام والمسلمين بعنوان (فتنة). ومع ذلك لم يستطع أن يمس من سمعة الإسلام بشيء، بل إن المواطن الهولندي هو أول من رد عليه واستهجنه.
ولكن في الأسبوع الماضي، كانت وسائل الإعلام حول العالم تقوم بتغطية حدثين عالميين. فالأول: كان -وللأسف الشديد- خبر قيام منظمة إرهابية سمت نفسها الدولة الإسلامية (داعش) بقتل الرهينة الأمريكية (عبدالرحمن كاسيج)، والذي كان قد أعلن إسلامه، ويعمل متطوعا لخدمة كل محتاج في أرض مزقتها القلاقل، رغم مناشدة الجميع من مسلمين وغيرهم لداعش للحفاظ على حياته.
ولم تقف منظمة (داعش) عند هذا الحد، بل رأينا مقاطع مقززة وقبيحة متمثلة بقيام مجموعة من منسوبي هذه المنظمة الإرهابية باقتياد مجموعة مقيدة بالسلاسل، وتقوم بذبحها وبدم بارد. ولم تكن تلك المناظر البشعة تكفي هذه المنظمة. بل أعلنت بعدها -وعلى مسمع من العالم أجمع- تهديدها لأرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، التي خدمت الإسلام والمسلمين عبر بناء المساجد وغيرها، ومساعدة كل مسلم حول العالم. لتكون (داعش) قد خدمت أعداء الإسلام عبر وحشية شوهت صورة الإسلام السمح، في وقت كان العدو قد فشل بالقيام بنفس العمل. ومملكتنا وتراب وطننا له رب يحميه، ثم سواعد ابنائه، ولن تستطيع أيادي داعش الجبانة المساس بتراب هذا الوطن.
والحدث الثاني الذي قامت وسائل الإعلام بمتابعته، هو نقيض ما قامت به (داعش). فالخبر الآخر هو خدمة للإنسانية عبر التجارب العلمية. فقد استطاعت وكالة الفضاء الأوروبية التحقق من نجاح مشروع بدأ قبل عشر سنوات، عندما قاموا في 3 مارس 2004م بإطلاق مسبار فضائي قاموا بتسميته (روزيتا)، وهم في الحقيقة يقصدون به كلمة (الرشيد) العربية، والذي كان انعكاسا لما كان عليه المسلمون من تقدم وحضارة. وبعد أن قطع المسبار أكثر من بليون كيلومتر من الدوران لملاحقة المذنب (تشوري)، انطلقت مركبة أصغر باسم (فيله) ليلتصق بالمذنب في تجربة علمية غير مسبوقة؛ لأن المذنب يبعد عن الأرض أكثر من (500) مليون كليومتر.
وبعد سماع العالم بهذين الحدثين، بدأ الكثير من المسلمين وخاصة ممن يعيشون في الغرب في حيرة من أمرهم، فهم يحاولون جاهدين لتوضيح ما عليه الإسلام من تسامح، وما كان عليه المسلمون من تطور ورقي في الماضي، ليخرج علينا تنظيم (داعش) بعملية ليست من الإسلام بشيء. وليقول لنا من يتربص بالإسلام هذا هو داعش، وهذا هو الغرب الذي تريدون محاربته.
وفي هذا الوقت، هناك ضرورة للمسلمين لتوحيد كلمتهم، والانخراط في مسار التقدم العلمي بدلا من الانخراط في عمليات تفتيت الدول ومحاربة المسلمين بأياد مسلمة. فالغرب أو الإنسان غير المسلم يعلم ما عليه الإسلام من سماحة وحث على العلم، ولكن عندما يرون تصرفات مجموعات تتحدث باسم الإسلام فسيكون الانطباع لديهم هو ما يقوم به المسلم وليس ما عليه الإسلام.