بدأت الثمار تجنى من دعوة خادم الحرمين الشريفين لاتفاق المصالحة الخليجية، إذ أعلن الأمين العام لمجلس التعاون أن المجلس الوزاري الخليجي سوف يعقد اجتماعًا في الدوحة غدًا؛ للتحضير للقمة الـ 35 في قطر.
وهكذا بدأت قاطرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تسير في طريقها الصحيح، وأن نجعل الخلافات الماضية خلف ظهورنا، وأن نتطلع إلى أمل خليجي جديد وتتفرغ دول مجلس التعاون لمواجهة التحديات التي تستهدفها جميعاً، بيد واحدة وجبهة واحدة وروح وطنية واحدة.
النيران تشتعل على مقربة من حدود الخليج، ومثيرو الفتن يرسمون خططهم لإشعال المنطقة، ويستمرون في أعمالهم غير المباركة، ويخترعون كل يوم ما يبثون به الفتن في ربوع الخليج؛ لإشغال الدول والقادة وحتى مواطني دول مجلس التعاون بالمؤامرات والدسائس.
ويوم أمس حاولوا تخريب الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين، وحشدوا كل قواهم وقنواتهم الإعلامية ووسائلهم الدعائية وشركاءهم في الفتنة، ليبثوا الوهن في مواطني البحرين وقادتها، ولكنهم فشلوا وأقبل البحرينيون، بكل مكوناتهم، على صناديق الاقتراع بكثافة؛ ليشاركوا في بناء مستقبل بلدهم، ورفضوا أن يكونوا أدوات لترديد الصدى وتوابع للذين يودون المتاجرة بالبحرين وتحويلها إلى ملعب للمؤامرات.
ويواجه الخليجيون أيضاً، قوة الحوثيين في اليمن، وقوى أخرى تتلبس برداء الإسلام وهو بريء منها، ومؤامرات الدول الكبرى وهندساتها، كل ذلك يحتم على المجلس الوزاري الخليجي أن يضع النقاط فوق الحروف، وأن يعد جدولا محكما وعمليا للزعماء؛ لوضع استراتيجية خليجية جديدة تجمع القدرات الخليجية الدبلوماسية والمالية والعسكرية والأمنية والاستخبارية؛ لتجعل منها وحدة عمل تواجه كافة التحديات، بما فيها سياسات الدول الكبرى التي أشيع أنها تحاول تأسيس استراتيجية سياسات جديدة في الشرق الأوسط، تجعل الأمن الخليجي والقوة والصداقة الخليجية في المرتبة الثانية من اهتماماتها.
ويجب أن يرد الخليج بحزم وبقوة على أي اتفاق بين الغرب وإيران، يعطي للنظام الإيراني الذي يناصب الدول الخليجية العداء الصريح، أي نفوذ أو كلمة في منطقة الخليج والعالم العربي. ولدى الخليج قوة اقتصادية ضاربة وموقع استراتيجي يمكنها أن تفرض خياراتها على أي اتفاق في الشرق الأوسط، يمس الأمن الخليجي أو المصالح الخليجية. ويجب أن تقف دول الخليج بنفس الشجاعة التي تحلى بها خادم الحرمين الشريفين حينما دعم الخيار المصري وجيشها الباسل في 30 يوليو 2013؛ لمنع مصر من أن تكون جسراً للتمدد الإيراني والتدخل في الدول العربية، وأن تبقى أرض الكنانة حصناً عربياً هوية وأداء وموقفاً. وأن تنتهج الدول الخليجية موقفاً موحداً قوياً بشأن الأوضاع في اليمن، يمنع البلد الجار من أن يكون مستعمرة إيرانية أو مركزاً لدسائس طهران ضد الخليج، ويمنعه من أن يكون مصدراً للفوضى. ومهم أيضاً أن تبدأ البلدان الخليجية مرحلة جديدة من الدعم للثورة السورية، من شأنها إرغام جيوش الاحتلال الإيراني على مغادرة بلاد الشام، وأن ينصاع نظام بشار الأسد للحلول السلمية، وتشكيل حكومة وطنية تخرج سوريا من هذه المحرقة التي أشعلتها طهران ولا تودها أن تنطفئ.