قرأت مقال الأستاذ الدكتور/ صالح الرشيد في جريدة "اليوم" بتاريخ 13 محرم 1436هــ الموافق 6 نوفمبر 2014م العدد رقم 15119 وعنوان (أختي الموظفة.. عذراً.. هنا مكتب للعمل.. وليس مجلسا للحش..!!) ولا أخفي صدمتي مما هو مكتوب ومن هو الكاتب!!! ومع أني لست كاتبة أو صاحبة عمود ولست ممن ينفعل فيطلق لسانه أو قلمه على العباد قبل أن يُحكّم عقله، ولكن واجبي ومسؤوليتي دفعاني إلى أن أمسك بالقلم لأرد بالكلمة على الكلمة.
فكاتبنا قد عبّر عن رأيه وأطلق حكمه على النساء العاملات عامةً، وبدأ بوصفهن وهو خلف الجدران، بدايةً من المظهر إلى ما يدور في المكاتب، إلى شخصياتهن السطحية الهزلية، مما يدل على أنه استخدم آذانه والتي بلا شك تعمل بقوة ليطلق قلمه بحال لسانه، والذي يعمل كما هو واضح بطاقة عدة أحصنة، ولذلك أستاذنا دعني أصف لك حال النساء العاملات من داخل الجدران:
• منهن ضعيفات الحال، واللاتي يعملن في المواقع الدنيا وبرواتب قليلة لتساعدهن وأسرهّن على متطلبات الحياة.. يعملن بجد للبقاء على وظيفتهن، وأملاً في أن يرتفعن بعملهن إلى أماكن أفضل. لقد رأيت بنظارتك السحرية الموظفة المتزينة التي تبحث عن زوج، ولكنك لم ترَ الموظفة التي تعمل لتعيل رجلاً تكاسل عن العمل أو لم يجد فرصة وظيفية. ولم ترَ وجه من تعاني من المواصلات لتأتي لعملها، ولم ترَ من هي دوامها عصراً ولكنها تأتي من الساعة السابعة صباحاً مع زوجها؛ لأنها تسكن بعيداً وليس لديها مواصلات.
• منهن الموظفات الشابات اللاتي ترى منهن حُسن الخُلق والعمل الدؤوب والإبداع، ولا تملك إلا أن تقف أمامهن ويملأ قلبك وإحساسك الفخر والإعزاز بإنجازاتهن والرغبة في أن ترفعهن على الأعناق، لتقول للعالم أجمع: هؤلاء هنّ الجيل الصاعد من فتياتنا المبدعات.
• منهن الموظفات اللاتي لديهن الخبرة الطويلة في العمل والإدارة، ولا يبخلن بها على مؤسساتهن، بل يقضين الساعات دارسات، باحثات، مخططات لتطوير، عاملات على إنجاز ما وكّل لهن من مسؤوليات، أجساد مجهدة وعقول مشغولة لا تكاد تشعر بكراسي المكاتب المريحة التي وصفها الكاتب في مقاله.
ليس بين هؤلاء من هي سعيدة لغياب الأزواج والأبناء والآباء، ولكنهن جميعاً يعملن وهن يحملن المسؤولية تجاه هؤلاء، والخوف من التقصير في حقهم، فيضاعفن الجهود ليعطين كل ذي حق حقه قدر المستطاع.
أتمنى أن يقف دكتورنا وقفة صدق ليذكر كم من إنجاز للمؤسسات وقفت خلفه النساء اللاتي يأخذن طواعية وبقلوب راضية خطوة للخلف ليتصدر الرجال المشهد.. مؤمنات أن نجاح المؤسسة هو نجاح لهن.
نعم أخي.. المرأة هي المرأة، كائن معطاء، مجتهد، حنون، متفهم، عميق التفكير والفضول، تعشق الاهتمام بمظهرها كما تعشق تنقية جوهرها. أما علمها وعملها فجاء ليقطف ثماره مجتمعها، ولتكون لبنة في مستقبل الوطن، شاء من شاء، ورضي من رضي، وأبى من أبى.
نحترمك ونحترم رأيك وقلمك أستاذنا، كما تعودنا عليه داعماً للمرأة باثاً للطاقة الإيجابية، مبتعداً كل البعد عن العنصرية وبث الطاقة السلبية.