(لا تسأل ماذا يمكن أن يقدمه بلدك لك, وإنما اسأل ماذا يمكنك تقديمه لبلدك!؟) هذه أشهر مقولة لجون كينيدي أصغر رؤساء أمريكا وأكثرهم جاذبية وشعبية وصاحب أضخم إنجازات حققت إبان رئاسته, مقولته برأيي أقوى حنكة دبلوماسية بين الرئيس وشعبه وذات معنى بليغ لا نجد لها أهمية قصوى كيومنا هذا مع تأكيدنا على أن احتياجات الشعب كثيرة لعيش حياة كريمة يتوجب تلبيتها على الوجه المطلوب غير أنه وللأسف الشديد بيننا مواطنون قيدوا انتماءهم لوطنهم عبر تحقيق مطالبهم بسرعة الريح والتي لا حصر لها, كتوفير مدارس وجامعات عالمية خيالية ووظائف تسير وتطير وتسبح, ورواتب فلكية للعامل وللعاطل, ومساكن ومنح مجانية في الأرض وربما بكواكب أخرى لاحقاً, ورفاهية (صاروخية) في جميع نواحي الحياة, ولم يتبق سوى مطالبة الدولة بتجصيص قبورنا بالذهب الخالص وعمل صروح ممردة من قوارير يجري البترول من تحتها كجريان الماء من تحت قصور سليمان عليه السلام, نؤكد على أن للمواطنين حقوقاً لم يستوفوها بعد ولكن لنتفكر بمقولة الرئيس الأمريكي المتقدمة ونخفف قليلاً من ضغوط مطالبنا على بلدنا ونقف مع خوالجنا متسائلين بماذا قدمنا أو نستطيع تقديمه لوطننا الذي له فضائل كبيرة علينا نسيناها بفعل زخارف حياتنا العصرية أبرزها الأمن المعدوم من أغلب دول اليوم, والاستقرار المفقود بأكثر البلدان منذ عقود, وأداء شعائر دين قويم لا شعائر منحرفة وحرية فكر سقيم, وشرف الانتماء له وسط الأهل باليوم الذي ضاعت هوية الملايين بين لاجئين ونازحين ومشردين ومفقودين وأيتام وأرامل ومساكين, لنتمعن بتسارع وتيرة بنائه وتنمياته المستمرة لمطالبنا بينما دول أخرى تدك المباني على رؤوس شعوبها بآلات عسكرية مدمرة, لننظر إلى تهيئته للقمة الحلال لمواطنيه بالوقت الذي أصبح رجل المرور والشرطة بعدة بلدان (يتربص) بابن بلده لقبض رشوة منه. إننا نعيش اليوم بزمن لا يحتمل التركيز المطلق على المصالح الشخصية فقط, إننا نعيش بزمن حروب وقلاقل وفتن ومخططات وتحديات كبرى تستدعي منا النفير جميعاً لتعزيز مفهوم (الأمن القومي) وتفعيله لصون هذا الكيان العظيم ومواصلة بنائه والدفاع عنه مذكراً بوصية الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله (نحن مستهدفون في عقيدتنا ومستهدفون بوطننا, دافعوا عن وطنكم دافعوا عن أبنائكم دافعوا عن الأجيال القادمة..), نعم للشعب حقوق ولكن للوطن أيضاً حقوق, ومن لم تسعفه مصالحه الخاصة وأنانيته المحضة للتفكير بما يقدمه لوطنه فليكرمه بصمته أو عبر إخلاصه بعمله سواءً أكان أميراً أو مأموراً, رئيساً كان أو مرؤوساً, أو بتقيده بأنظمة بلاده لا مخالفتها والالتفاف عليها ونشر التسخط منها, أو بالحفاظ على الممتلكات والمنافع العامة, أقلها حفظ سمعة الوطن بحسن السلوك داخلياً وخارجياً كونك تمثله بهويتك وجنسيتك قبل اسمك, ربنا اجعلنا من الشاكرين لنعمك الراضين بقضائك..