DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

التسرب النفطي يزيد ظاهرة موت الشعاب المرجانية

التلوث يبدد الثروة البحرية خلال 100 عام

التسرب النفطي يزيد ظاهرة موت الشعاب المرجانية
التسرب النفطي يزيد ظاهرة موت الشعاب المرجانية
أخبار متعلقة
 
رفع أكاديمي بيئي أقصى درجات التحذير من التغيرات التي تطال البيئة البحرية من تلوث واختلال في الطبيعة، مشددا على أن ذلك قد يقضي خلال 100 عام على الكائنات البحرية التي عاشت منذ ملايين السنين. وتأتي هذه التحذيرات من الدكتور محمد زيادة أستاذ البيئة، استشاري الطاقة الخليجية للاستشارات والقياسات البيئية، ضمن ملف «اليوم» الشهري السادس «تلوث البيئة البحرية .. ثروتنا تهدد حياتنا». مؤكدا أنه قد يموت بسبب التغيرات البيئية عشرات الأنواع من الكائنات البحرية الصغيرة بخلاف الأسماك، وقد ينفق بعض الأنواع الكبيرة من الزواحف المائية كالسلحفاة البحرية أو بعض الثدييات كالدرافيل والحيتان وعروس البحر. وقرع المهتم بشؤون البيئة البحرية جرس الإنذار، قائلا : "إن هذه الكائنات مهددة بالانقراض بسبب التغيرات البيئية والتلوث والأنشطة المتزايدة بالبيئة البحرية التي تؤثر سلبا على هذه الحيوانات الحساسة وتتأثر كثيرا فيما حولها". ولفت الدكتور زيادة إلى أنه تم إجراء بحث علمي ممول من جامعة الدمام في 2012، حول تقييم التلوث والتراكم الحيوي في أسماك وقشريات الدمام والقطيف، من سبعة مواقع، وتبين أن تركيز العناصر الثقيلة "النحاس، الزنك، الرصاص، الكادميوم، الخارصين" مرتفعة في الرسوبيات عن تركيزها في المياه، مشيرا إلى أنه تم تسجيل تركيز العناصر الثقيلة زيادة واضحة بكل من شرق وجنوب تاروت عن المواقع الأخرى، بينما أقل تركيز بمواقع الدمام. وأشارت النتائج - حسب الدكتور زيادة - إلى أن تركيز العناصر الثقيلة في عضلات أسماك الكاركفان والميد والروبيان كانت مرتفعة، كما لوحظ زيادة ملحوظة في العناصر الثقيلة خاصة الخارصين في الروبيان لا سيما بمواقع القطيف وجنوب وشرق تاروت. ما دور البحوث العلمية الحديثة حول البيئة البحرية في الخليج العربي، وما التوصيات العلمية للمحافظة على البيئة البحرية من التلوث؟ تشير الأبحاث العلمية إلى أن شكل قاع الخليج معظمه رملي أو رملي به طبقات كلسية متراكمة فوق بعضها مع الوقت مع توافر عوامل الترسيب بسبب الحرارة والملوحة والعمق البسيط. حيث يتصف بارتفاع درجة الحرارة والرطوبة وارتفاع معدل الملوحة عن المعدل العالمي للبحار، بسبب افتقاده المياه العذبة المتدفقة إليه، حيث تصب أنهار دجلة والفرات وكارون بالجزء الشمالي والشمال الغربي فقط، ويصل تدفق هذه الأنهار لذروته في الربيع وأوائل الصيف بعد ذوبان الثلوج في الجبال، التي تتدفق في منطقة شط العرب ومنطقة بوشهر، ما ينتج عنه طبقة طمي وطبقة شبه خضراء بالجزء الشمالي، إضافة لقلة الأمطار بالجزء الجنوبي والغربي. أما الجزء الجنوبي الغربي فإنه مغطى برمال ذات لون أبيض أو رمادي أو غروية التي تعتمد على نسبة الكربونات وعوامل الترسيب بها، بجانب كميات ضخمة من الغبار والرمال بسبب الرياح الشمالية الغربية السائدة في المناطق الصحراوية المحيطة بالمنطقة الشرقية بالسعودية التي تترسب في مياه الخليج. وترتفع معدلات التبخر نتيجة لدرجات الحرارة العالية، حيث تبلغ درجة حرارة المياه السطحية ما بين 24 و32 درجة مئوية، بينما تصل إلى مدى ما بين 16 و32 درجة مئوية في أقصى الشمال الغربي، يتراوح معدل الملوحة بين 37 و38 جزءا في الألف في مدخل الخليج، وما بين 38 و41 جزءا في الألف في أقصى الشمال الغربي. يختلف معدل المد والجزر بين نحو 1,2 و1,5 متر في المنطقة المحيطة بشبه جزيرة قطر، ويرتفع المعدل بين 2,7 و3,4 متر في الشمال الغربي إلى أقصى الجنوب الشرقي. عندما تكون الرياح قوية على الشاطئ، لا سيما في جنوب الخليج، وقد ترتفع إلى مستوى 2.4 متر، ما يتسبب في فيضانات واسعة ضمن السبخات المنخفضة. وتيارات المد والجزر قوية عند مدخل الخليج، بسرعة قد تصل إلى 8 كم / ساعة. وباستثناء المناطق بين الجزر أو في مصبات الأنهار والمداخل الشاطئية في بعض الأوقات، حيث قد تؤثر الرياح على التيارات المحلية ما يؤدي إلى عكس اتجاهها. ونادرا ما يتجاوز ارتفاع الموج 3 أمتار كأقصى ارتفاع في جنوب الخليج أو عند مدخل الخليج بسبب ارتفاع الأمواج بالمحيط الهندي. حركة التيارات للتيارات البحرية دور مهم في الحفاظ على البيئة البحرية فهي لا تسمح للملوثات بالتراكم وبالتالي تحدث عملية التخفيف لبعض الملوثات. وتتصف حركة التيارات البحرية في الخليج العربي بأنها عكس اتجاه عقارب الساعة نتيجة تأثرها بتيارات المحيط الهندي، نظرا لضحالة المياه بالخليج وتراكم الملوثات فيه خلال عدة عقود. يتم نقل التيارات لهذه الملوثات من منطقة لأخرى بنظام اتجاه عكس عقارب الساعة (أي من الغرب للشرق باتجاه الشمال، أو من الشمال للجنوب باتجاه الشرق ) ما يؤثر على الساحل الشرقي أو ساحل المنطقة الشرقية. يظهر التلوث المائي الطبيعي في تغير درجة حرارة الماء عن النسبة المسموح بها، أو زيادة ملوحة المياه بمعدل ملحوظ عن المعدل الطبيعي، أو زيادة المواد العالقة بالمياه بسبب العواصف الرملية لينتج عنه زيادة معدل العكارة. والنوع الآخر هو التلوث الكيميائي، كالتلوث بمياه الصرف الصحي أو التلوث بالصرف الزراعي أو التلوث بالصرف الصناعي (وغالبا ما يكون صرفا مختلطا صحيا بصرف زراعي) أو التسرب النفطي وما ينتج عنه تلوث بترولي والتلوث الإشعاعي وغيره من ملوثات كيميائية قد استحدثت من خلال النهضة الصناعية المتنامية. ويؤدي التلوث البحري بأنواعه إلى حدوث خلل في النظام البيئي وبمكوناته المتداخلة معا، كما يقلل قدرته على أداء دوره الطبيعي في المنظومة البيئية، بالتالي سوف يتأثر به كل من يعيش في الماء من أحياء دقيقة جدا إلى أحياء كبيرة كالأسماك والطيور والثدييات البحرية التي تتربع على قمة السلسلة الغذائية أو ما يسمي بالهرم الغذائي. أبحاث علمية وتم إجراء العديد من الأبحاث العلمية والمشاريع حول البيئة البحرية والتلوث وتأثيرها على الأسماك والربيان والقبقب، خاصة من قبل الجامعات الموجودة بالمنطقة الشرقية (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك فيصل وجامعة الدمام) وتم إجراء بحث علمي ممول من جامعة الملك فيصل حول التلوث بشاطئ المنطقة الشرقية من سلوي حتى الجبيل ودراسة تأثير ذلك على الأسماك البحرية. حيث تم تجميع عينات لمدة عام من عشرة مواقع خلال الفترة ما بين أكتوبر 2010 وأبريل 2011، وتم إجراء قياسات للعوامل الفيزيائية والكيميائية للمياه ولرسوبيات القاع بمنطقة الدراسة وقياس بعض العناصر الثقيلة مثل النحاس، الزنك، الرصاص، الكادميوم، الخارصين. وقياس العناصر الثقيلة في خمسة أنواع من الأسماك ( الميد والكنعد والكاركفان والسيجان والشعري ) التي كانت سائدة ومتوافرة في المواقع العشرة. وقد سجلت العوامل الفيزيوكيميائية زيادة ملحوظة بمناطق العزيزية والدمام والقطيف، وكان تركيز العناصر الثقيلة مرتفعة في الرسوبيات عن تركيزها في المياه. وقد أشارت النتائج إلى أن تركيز العناصر الثقيلة في عضلات أسماك الكاركفان) والميد) كانت مرتفعة عن الأسماك الأخري، بينما كان تركيز العناصر الثقيلة في سمكة الكنعد أقل من الأسماك الخمسة بمنطقة الدراسة. وتتلخص الدراسة في أنه رغم وجود زيادة ملحوظة للعناصر الثقيلة بعضلات الأسماك إلا أن التركيزات لهذه العناصر مازالت في الحدود المسموح بها، ما لا يؤثر سلبا على الصحة العامة للمستهلك. كما تم إجراء بحث علمي ممول من جامعة الدمام خلال العام 2012/2013 حول تقييم التلوث والتراكم الحيوي في أسماك وقشريات الدمام والقطيف، من سبعة مواقع بشواطئ الدمام والقطيف وجزيرة تاروت خلال عام 2012. وتم إجراء قياسات للعوامل الكيميائية للمياه والرسوبيات، حيث سجلت هذه العوامل زيادة ملحوظة بكل من القطيف وجنوب وشرق تاروت عن المواقع الأخرى. تبين أن تركيز العناصر الثقيلة (النحاس، الزنك، الرصاص، الكادميوم، الخارصين) مرتفعة في الرسوبيات عن تركيزها في المياه، كما سجل تركيز العناصر الثقيلة زيادة واضحة بكل من شرق وجنوب تاروت عن المواقع الأخري، بينما أقل تركيز بمواقع الدمام. وقد أشارت النتائج إلى أن تركيز العناصر الثقيلة في عضلات أسماك الكاركفان والميد والروبيان كانت مرتفعة، كما لوحظ زيادة ملحوظة في العناصر الثقيلة وخاصة الخارصين في الربيان خاصة بمواقع القطيف وجنوب وشرق تاروت. ورغم أن معظم التركيزات لهذه العناصر في الأسماك والروبيان مازالت في الحدود المسموح بها، إلا أن هذه النتائج تشير إلى ضرورة معالجة مياه الصرف خاصة الصرف الصحي بمنطقة تاروت، حيث يوجد وحدة معالجة صرف صحي ربما تكون معالجة ثنائية، ما يتطلب تطوير مثل هذه المحطات بعمل المعالجة الثلاثية لمياه الصرف وتحويلها لمياه ري واستخدامه في الزراعة. كما أن هذه المياه التي يتم صرفها بالبحر تعتبر ثروة مائية عذبة تم دفع تكلفتها مرتين في تحليتها، ثم معالجتها ثم رميها بالبحر، وإذا تمت معالجتها ثلاثيا فسيتم استخدامها في كثير من الأنشطة كالري والزراعة، وتخليص البيئة البحرية من التلوث. ويوصى بزيادة المشاريع البحثية في مجال التلوث البحري والنظام البيئي والتنوع البيولجي بمنطقة الخليج العربي، ووضع برنامج متابعة ورصد بيئي، ورسم خريطة إيكولوجية للمنطقة. حيث إن الظروف البيئة تتغير من موسم لموسم ومن عام لآخر، وكل هذه العوامل لها آثارها السلبية خاصة التراكم الحيوي للعناصر الثقيلة والهيدروكربونات بالكائنات البحرية. التلوث البترولي يؤثر التلوث البترولي سلبيا على الكائنات البحرية، وعلى العوالق والهائمات النباتية والحيوانية والطحالب والأعشاب البحرية وأشجار المانجروف (القرم) واللافقاريات كالشعاب المرجانية الرخوة والصلبة والمحار والروبيان وأم الروبيان والقبقب (الكابوريا) والأسماك بأنواعها العظمية والغضروفية وبعض البرمائيات والزواحف البحرية كالسلحفاة البحرية (الترسة) والمهددة والطيور البحرية والثدييات كالدرافيل والحيتان (المهددة أيضا). كما تتراكم المواد الهيدروكربونية والملوثات العضوية في الأنسجة الدهنية وكبد وبنكرياس وجلد وكلية وبطارخ (مناسل) الأسماك، التي تضر جميع مكونات السلسلة الغذائية، التي تؤثر بدورها سلبيا الإنسان عندما يأكل هذه الأسماك أو الروبيان أو القبقب. ويؤثر التلوث البترولي سلبيا على المنتجعات والقري السياحية الشاطئية الذي يكدر صفو السياحة البحرية من تراكمات بترولية على الشاطئ أيا كان شاطئا رمليا أو شاطئا صخريا أو حتى رياضة الغوص أو الصيد. وتقوم جامعة الملك فهد للبترول للمعادن بدورها الرائد بالتعاون مع أرامكو في إجراء الأبحاث العلمية خاصة التلوث البترولي والهيدروكربونات بأنواعها، نظرا لما تقوم به أرامكو من أنشطة كبيرة في الاستكشاف والتنقيب واستخراج وتكرير البترول، وما ينتج عنه من ملوثات أثناء عمليات الاستكشاف وتأثيره على الكائنات البحرية بأنواعها. هل توجد تأثيرات للتلوث البحري والتغيرات المناخية على الكائنات الحية مثل الشعاب المرجانية بالخليج؟ يؤثر التلوث على الشعاب المرجانية بجانب ظروف التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة وزيادة معدل العكارة ووجود مواد عالقة بالعمود المائي للخليج العربي. كل هذا أدى إلى مشاكل باستمرارية البوليبات وانتاجها وتكاثرها، حيث إن الشعاب المرجانية لها ظروف معيشية حساسة لأن المرجانيات عبارة عن حيوانات دقيقة جدا تتكون وتعيش داخل البوليبات ومعها كائنات أخرى متعايشة زوزانتلي Zooxanthellae لإعطاء الشعاب المرجانية هذا اللون الجميل البراق. حيث البوليب له ملامس تحيط بفوهة الفم ومنها للمعي وهو حيواني بسيط من اللافقاريات (الجوفمعويات اي المعدة في الأمعاء) غير المتطورة في التغذية والحركة والإخراج والتنفس والتكاثر، وهي كائنات حساسة للتغيرات البيئية المحيطة بها، التي تأثرت سلبا بعوامل الحرارة والعكارة. ويساهم التلوث بنسبة في تركيز عناصر ومكونات البيئة، ويزيد تفاقم ظاهرة موت الشعاب، حيث إن الجزيئات العالقة الصغيرة تؤثر سلبا على نمو الشعاب المرجانية، وهي تنمو في مياه صافية ونقية. هذه العوامل أدت إلى موت أكثر من %90 من الشعاب المرجانية بظاهرة تسمى بتبييض الشعاب في بحر الكويت، شاملة شعاب جزيرة أم المرادم والخيران ورأس الزور وجزيرة قاروه، والنسبة أقل نسبيا في جزر أبو على وجانا وجزر عديدة ومناطق بالشاطئ السعودي بها الشعاب المرجانية. وتشير الأبحاث والمسوحات البحرية الى أنها ظاهرة عالمية، حيث تأثر الحاجز المرجاني العظيم على طول ساحل أستراليا بمشكلة أو مرض تبيض الشعاب المرجانية في أعوام 1992 ، 1994 ، 2006، وزادت هذه الظاهرة في صيف عامي 1998 و2002 في الخليج بسبب ارتفاع الحرارة والملوحة والعكارة والتلوث. وقد يموت عشرات الأنواع من هذه الكائنات الصغيرة لكننا لا نلاحظ غير الأسماك فقط، أو قد ينفق بعض الأنواع الكبيرة من الزواحف المائية كالسلحفاة البحرية أو بعض الثدييات كالدرافيل والحيتان وعروسة البحر، وهذه الكائنات قد تكون مهددة بالانقراض بسبب التغيرات البيئية والتلوث والأنشطة المتزايدة بالبيئة البحرية التي تؤثر سلبا على هذه الحيوانات الحساسة، التي تتواجد بهذه البيئة البحرية منذ ملايين السنين، وللأسف قد نقضي عليها خلال مائة عام. كل ذلك ما هو إلا جرس إنذار لجميع المهتمين لحماية هذه الشعاب وعمل خطة رصد بيئي لها كأحد السلاسل الهامة بمكونات البيئة البحرية. الإخلال بالطبيعة تزداد عملية ردم سواحل الخليج العربي بشكل كبير، وينتج عن ذلك زيادة العكارة، فهل يؤدي ذلك إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي للبيئة البحرية ؟ يتميز الخليج العربي بوجود بيئة بحرية ومصايد (أسماك وربيان) منتشرة بعدة مدن، بجانب عشرات الجزر للشعاب المرجانية، التي تتطلب إدارتها من خلال تنمية بيئية مستدامة، من أجل صون البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، خاصة إذا كان هناك بيئات حساسة أو هشة كالشعاب المرجانية أو المانجروف أو مصايد سمكية أو أعشاش تفريخ لها. لذلك يجب ألا يتم أي عمليات ردم بمثل هذه المناطق الحساسة إلا من خلال منظومة بيئية متكاملة، متبعة جميع المعايير والاشتراطات البيئية، مع مراعاة عدم تعارض عوامل التنمية الاقتصادية مع العوامل البيئية، بل يجب أن يكمل كل منهما الآخر. وبالرجوع للوراء قليلاً بشأن عمليات التجريف والردم بشواطئ الخليج بالمنطقة الشرقية قبل عدة عقود، يتبين أن عمليات ردم واسعة تمت حول منطقة شارع الكورنيش الدمام والمزروعية ومنطقة غرب وشرق الميناء ومنطقة جامعة الدمام ناحية الخبر ناحية الدمام ورأس تنورة مرورا بسيهات وعنك وجزيرة تاروت، التي كانت شواطئ بحرية مطلة على الخليج، وكان بها أفضل مصايد أسماك وروبيان وكابوريا واسفنج، ومئات أشجار المانجروف التي هي أساس للبيئة البحرية بالمنطقة، بل تسمى النظام البيئي للمانجروف. وهذه الشواطئ لن تعوض إلا بعد فترة طويلة، لأن النظام البيئي كي يتكون ويصير نظاما قويا أو متماسكا يستغرق وقتا طويلا جدا، وتم إجراء تجارب على مستوى عدد من دول العالم المتقدم لعمل نظم بيئية بحرية صناعية ورغم الرعاية والاهتمام وصرف مئات ملايين الدولارات لكن لم ينجح مثل هذا النظام البيئي الطبيعي، والردم والتجريف يخل بجودة المياه ويزيد معدل العكارة التي يتم قياسها من خلال المادة الكلية العالقة ( Total Suspended solids ). وهذه العكارة وما تحويها من جزيئات دقيقة غير معروف مصدرها أو بها ملوثات أو عناصر مختلفة عن مكونات تربة القاع ما يؤثر على الكائنات الحية الصغيرة، ومن ثم يؤثر أيضا على الكبيرة لأنها عبارة عن سلسلة غذائية متصلة، ووجود جزيئات وأتربة دقيقة قد تؤثر على البلانكتون والهائمات البحرية النباتية والحيوانية بالمنطقة القريبة لمنطقة الردم أو التجريف. كما قد يكون بها عناصر تزيد نمو الطحالب ويخل بتوازن بعض الكائنات على حساب الأخرى، ويحدث خلل بيئي، ولكي يستعيد النظام البيئي عافيته يتطلب وقتا ليحدث ما يسمى الاتزان البيئي، وفي النهاية كل ذلك يؤثرعلى مصايد الاسماك والروبيان وأشجار المانجروف، ما يوصي بوقف عمليات الردم أو منعها وإجراء دراسة للتتبع المواد العالقة بمنطقة الشاطئ وتأثيرها على الكائنات البحرية، ووضع حلول مناسبة لتخفيف هذه الآثار السلبية. ما التأثيرات السلبية الناتجة عن عمليات الردم بمنطقة الدمام عامة وخليج تاروت خاصة؟ تتمثل رسوبيات الخليج في الصدف الكلسي والهياكل العظمية للكائنات البحرية، بجانب بقايا حراشف وهياكل للشعاب المرجانية والمحاريات التي تصل إلى 47% تقريبا من إجمالي رسوبيات بقاع الخليج. إضافة إلى رسوبيات كلسية على شكل حبيبات دقيقة، تتكون عن طريق ما يسمى الترسب البيوكيماوي أو الكيميائي الحيوي لكربونات الكالسيوم بمياه الخليج، وتمثل كربونات الكالسيوم نسبة 80% تقريبا من إجمالي وزن الرسوبيات. كما تحمل الرياح والعواصف كمية من الرمال والرسوبيات بفعل التيارات البحرية والرياح والأمواج، كما يسهم تبخر ماء البحر بنسبة ترسبات وتكوين كلوريد الصوديوم وإن كانت قليلة، كل هذه عوامل طبيعية لها دور في تغيرات القاع ومكوناته ولها تأثير على الكائنات الحية ومنها الأسماك. التربة المنقولة ويتم من خلال عمليات الردم نقل واستخدام تربة غير متجانسة غالبا مع تربة قاع البحر، حيث إنها منقولة من الصحراء أو من سبخات ملحية أو ملوثة أو أن عناصرها الكيميائية تختلف عن عناصر رسوبيات القاع، لذلك يجب الالتزام بعدم إجراء عمليات ردم إلا بعد عمل تحاليل لنوعية التربة المستخدمة في الردم وأن تكون شبه متجانسة مع تربة الشاطئ، وإلا فسينتج عنها تغيرات في التركيبة الكيميائية للقاع الملاصق لمنطقة الردم، وتتسرب جزيئات دقيقة منها مع المد والجزر تؤدي إلى زيادة العكارة بهذه المنطقة التي تؤثر على الكائنات الدقيقة خاصة الهوائم النباتية والحيوانية والطحالب والحشائش البحرية التي يتراكم بها الملوثات عشرات أضعاف تركيزها في المياه من خلال التراكم الحيوي، وما يليها من سلسلة غذائية طويلة ومتتالية، كما تؤثر على الشعاب المرجانية وعلى معدل نموها. يوصى بعمل تحاليل للتربة المنقولة في عمليات الردم قبل ردمها كي تتجانس ونوعية قاع منطقة الشاطئ، كي لا تضر بالكائنات الحية الشاطئية. هل يوجد حقائق علمية وراء نفوق الأسماك وغيرها من كائنات بسواحل المنطقة الشرقية؟ وما الحلول؟ يرتبط نفوق الأسماك بعوامل كثيرة ومتداخلة معا، بل قد تكون هذه العوامل شبه معقدة، حيث إن النفوق مرتبط بموسم دون الآخر، وبمنطقة معينة لها ظروفها البيئية المحيطة، ما يتطلب التعرف على جودة المياه بهذه المناطق أو نوعية التلوث بها. وكذلك نوعية الرسوبيات وتحليلها والتعرف على العوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية التي قد تؤثر على الكائنات الحية، وهذه العوامل لا تتم دراستها أو التعرف عليها خلال نفوق الأسماك، لكن يجب تتبعها مسبقا من خلال خطة رصد بيئي لهذه المنطقة وما حولها كي يتم تحديد المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لتفادي تكرارها ثانيا، ما يتطلب تجميع عينات دورية للمياه والرسوبيات والأسماك (خاصة منطقة نفوق الأسماك) والتعرف على نوعية غذائها (آكلة أعشاب أو تتغذي على الهائمات أو تتغذى على نوعية من الأسماك)، وبالتالي يتم تحديد سبب ظاهرة نفوق الأسماك. نفوق الأسماك مشكلة نفوق الأسماك ليست وليدة اللحظة، لكنها موجودة، لكن النفوق كان بكمية قليلة، حيث حدث نفوق في شاطئ الهافمون منذ ثماني سنوات تقريبا، وظهرت أيضا بالكويت منذ فترة، كما شهدت سواحل الخليج العربي ظاهرة نفوق الحيتان. وقال بعض المختصين : إن ذلك بسبب ظاهرة التلوث البيئي، وحدث نفوق لبعض الكائنات الثديية البحرية في السواحل الشرقية سواء للحيتان أو الأسماك، فقبل أعوام شهدت سواحل محافظة رأس تنورة نفوق حوت، كما حدث نفوق لكائنات بحرية في الخبر والجبيل. ففي عام 2012 حدث حالة نفوق على السواحل الشرقية لعدد 11 من الكائنات الثديية البحرية لحيتان ودرافيل، كما شملت السلاحف البحرية. وظهر النفوق بالدمام والقطيف منذ اكثر من عشر سنوات، ثم تكررت ظاهرة النفوق عدة مرات وفي نفس الوقت من العام وبنفس المواقع تقريبا، وكل التحاليل والقياسات تركزت على جودة المياه، ودراسة عوامل بيئية تعطي إجابة وقتية لتبرير المشكلة، لكن يجب البحث عن المشكلة بتأن وتركيز علمي بحثي وكيفية حلها، أو البحث عن الأسباب التي أدت لهذه الظاهرة للوصول لحلول مناسبة لتجنبها في المستقبل القريب، أو اقتراح خطة للمستقبل البعيد، حيث يجب إجراء تحاليل لرسوبيات قاع الموقع، حيث إن المياه تتحرك وتتغير بسرعة. أما الرسوبيات فحركتها بطيئة جدا والتلوث يتراكم بها، ويمكن التعرف على كمية التلوث والعناصر الموجودة ونوعيتها خلال عدة سنوات مضت من خلال قطاع عمودي للرسوبيات أو ما يسمى بالإنجليزية بالكور بنفس الموقع وإجراء التحاليل لها. كما أن تحاليل التربة الشاطئية القريبة من منطقة نفوق الأسماك فلها أهمية كبيرة، وتتأثر بمنطقة المد والجزر القريبة من عمليات الردم أو التجريف، التي تؤثر على الكائنات الحية. ويؤثر العمود المائي وارتفاعه في حرارة المياه التي قد تصل إلى 35 درجة مئوية التي قد تسبب نقص الأكسجين في عمود المياه بين الصيف والشتاء، فإذا كان العمود المائي أو العمق كبيرا فإن المشكلة ستكون قليلة، حيث تهاجر الأسماك هجرة رأسية من السطح للقاع. أما إذا كان العمق قليلا فسيكون النفوق غالبا كبيرا، وبفعل الأنشطة البيولوجية تنمو بعض الهائمات النباتية phytoplanktons أو بعض أنواع الطحالب بسبب التلوث، التي تستنزف الأكسجين خاصة ليلا (عند أقل من 3 ملجم / لتر) وبالتالي تموت الأسماك وغيرها من بداية العشاء وبالليل وخلال ساعات الصباح الباكر، حيث تتنفس جميع النباتات والحيوانات البحرية ليلا وتستهلك الأكسجين. أما بالنهار فتنج النباتات الأكسجين بفعل البناء الضوئي، كما أن الامونيا وكبريتيد الهيدروجين وتفاعلات كيميائية بالقاع لها تأثيرها السلبي، كما أن النفوق يتم غالبا خلال موسم الصيف وبداية موسم الخريف ما بين يونيو حتى أكتوبر وغالبا في أغسطس وسبتمبر ، وهو وقت حرارة وتبخر وملوحة عالية أيضا. كما أن كمية معدل الصرف الصحي بالخليج كبيرة عن المواسم الأخرى، وحركة المياه ضعيفة، كما أن معدل ارتفاع الأمواج والمد والجزر يكون منخفضا بارتباطه بأقل نسبة في العام وهو ما يسبب المد البحري المنخفض Neap Tide، وهي كلها تأثيرات عوامل متداخلة بجانب الردم والتجريف، وتضييق بعض الممرات البحرية ناحية الميناء وعمل جسور ناحية القطيف وتاروت التي لها تأثير سلبي على حركة مياه بعمود مائي بسيط، بالإضافة إلى تأثير مياه صنبور المراكب الملاحية بمنطقة الميناء والمراسي الخاصة بها. يوصى بإجراء أبحاث علمية ومشاريع كبيرة متكاملة ومستمرة لمدة سنتين على الأقل، يمكن تمويلها من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لما لها من سبق في تبني مثل هذه المشاريع البحثية الكبيرة، والتعرف على تأثيره على التنوع البيولوجي وأثره على الأسماك الاقتصادية. هل توجد تأثيرات سلبية للردم على أشجار المانجروف بالمنطقة الشرقية؟ وما التأثيرات العكسية على البيئة البحرية؟ يجب عند القيام بعمليات ردم في بيئة ساحلية أو بحرية أخذ العوامل البيئية في عين الاعتبار كي يتم التعرف على المنطقة وما بها من كائنات حية وتحديد المكونات البيئية والبيولوجية ومدى تأثرها بعملية الردم وهل بها مجتمعات بيولوجية حساسة مثل مجتمعات المانجروف أو النظام البيئي للمانجروف أو بها مجتمعات شعاب مرجانية تتمثل في أنها بيئات سريعة التأثر وبطيئة النمو وهشة، ولا يمكن تعويضها وإعادتها ثانيا كما كانت مهما صرفت عليها ماديا أو بذلت فيها جهود بحثية وعلمية، لماذا؟ لأن هذه البيئات ليست سهلة التقليد أو المحاكاة، لأن منظومة المانجروف تعتبر فريدة، وقد يتم استزراعها، وفعلاً تم استزراعها لكن نجاح نموها بطيء. فمحاكاة زراعة المانجروف بالجبيل منذ عقدين تقريبا، واختيار موقع لزراعة المانجروف، له صفاته الفيزيائية للتربة التي تختلف عن التربة الطبيعية التي اختارها النبات لنموه وانتشاره منذ آلاف السنين. ومن ملاحظة ودراسة المانجروف من الناحية الإيكولوجية، يتضح أنه قد ينتشر بمنطقة لا تتجاوز 2 كم وبعدها مسافة 30 كم ليس بها شجرة، ثم بمنطقة لمسافة مئات الأمتار ثم ينقطع، وهذا الاختيار الطبيعي للموقع من قبل النبات بقدرة الله، وفي ذلك تفسيرات علمية عديدة وتباينات لا يتسع لها الحديث. وبالنظر لأشجار المانجروف فيوجد بالشاطئ الخليجي نوع واحد وهو شوري ابن سينا، وهي شجيرات صغيرة غالبا ما تنمو في مستنقعات وشواطئ البحار بمناطق استوائية وتحت الاستوائية. وتنمو هذه النباتات في تربة رملية طينية أو رغوية مفككة، ويصل متوسط ارتفاع هذه الأشجار الى بين 2-4 أمتار تقريبا، وتتكيف الأوراق بوجود بلورات ملحية، كما تتكيف الجذور أو تتحور بخروج جذور هوائية وكأنها سيقان فوق سطح الماء، وهذه الجذور الأرضية بغرض تزويدها بالأكسجين بتربة شديدة الملوحة منخفضة الأكسجين. كما تنبت البذور قبل سقوطها من النبات، ويؤثر ردم غابات المانجروف على التنوع البيولوجي المصاحب لها، حيث تشير الأبحاث الى أن ببيئة المانجروف تحوي 35 نوعاً من اللافقاريات والجمبرى والقبقب والرخويات والجلدشوكيات والأسماك، التي لبعضها أهمية حيوية، حيث تغذي مصايد للأسماك والروبيان والقبقب، لذلك فإن ردمها يضر اقتصاديا بمناطق الصيد. هل الغوص العشوائي وبعض أنواع الصيد وسياحة القوارب تؤثر على الشعاب المرجانية ؟ تعد السياحة نوعاً مهما من أنواع الأنشطة التجارية والاستثمارية، سياحة الصيد للحيوانات البرية والطيور والأسماك، وسياحة الغوص تحت الماء والألعاب المائية ومشاهدة الشعب المرجانية والتنزه على الشواطئ، والرحلات الشراعية البحرية، سياحة المحميات الطبيعية التي يطلق عليها السياحة الفطرية، سياحة الصحاري. حيث الهدوء والسكينة ومراقبة الطيور والحشرات والزواحف والتزلج على الرمال وسباقات الصحراء، سياحة السفاري والرحلات، تسلق الجبال، السياحة العلاجية في المناطق الخالية من التلوث في الجبال والصحاري والشواطئ، وبالقرب من الينابيع الحارة التي يرتادها السياح والزوار للاستشفاء من بعض الأمراض الجلدية وأمراض المفاصل، العلاج الطبيعي بالرمال والأعشاب الطبية والكهوف والمغارات. وتوجد أماكن للنزهة البحرية بمناطق متنوعة بشواطئ المنطقة الشرقية، مثل شاطئ نصف القمر والعزيزية وشواطئ الدمام والخبر والقطيف ورأس تنورة والجبيل والخفجي، بجانب الجزر الداخلية بالخليج التي هي أكثر متعة ولا يتوجه لها إلا الهواة للغوص والصيد. توجد الشعاب المرجانية على طول الخليج العربي جنوبا بطول الساحل السعودي إلى رأس تنورة والسواحل الشرقية للبحرين وقطر وساحل الإمارات، وجزر مثل جانا وجريد وكاران وقرين وجانا وجريد وجزر أخرى في عرض البحر، وهذه الجزر المرجانية لها فوائد اقتصادية وسياحية وعلمية. وهذه الجزر المرجانية أقل في التنوع البيولوجي من مثيلاتها الصخرية، إلا أنها ذات نظام بيئي غني بالطحالب واللافقاريات والأسماك والطيور والسلاحف البحرية (الترسة) وغيرها من مكونات نظامها البيئي. الغوص الجائر ويتم الغوص باستخدام الأجهزة وآلات التصوير تحت الماء في الأماكن التي تنفرد بأنواع الشعاب المرجانية والأحياء المائية المختلفة في الجزر، ومشاهدة الأسماك البحرية، أو يتم صيد الأسماك تحت الماء بنظام القنص بالبندقية المائية، أو عمليات الصيد الجائر للاسماك خاصة الساكنة في الشعاب المرجانية. حيث يقوم عدد من الصيادين بنصب شباكهم وتكسير الشعاب بآلة حديدية لإجبار الأسماك على الدخول في شباك الصيد، أو الصيد باستخدام شباك صيد مخالفة وبفتحات ضعيفة لصيد أكبر كمية من الأسماك الساكنة في الشعاب المرجانية بنصب الشباك عليها، أو قيام أصحاب مراكب الصيد بربط أو إلقاء خطافات (الأنكور) مراكبهم على الشعاب المرجانية ما يؤدي إلى خلعها وتدميرها في الحال. ويشير بعض الدراسات الى أن خفض نسبة الغطاء المرجاني في بعض الأماكن بنسبة30% - 61% من الشعاب، أو مهددة بالتدمير بسبب كثرة عدد الغواصين عن الطاقة الاستيعابية لهذه المناطق. كما قد تلقي اللنشات السياحية الفضلات والأكياس البلاستيكية في البحر التي قد ترسو في القاع وتغطي الشعاب فيتوقف نموها بسبب العزل بين الشعاب والطحالب التي تتغذى عليها وعدم اتمام عملية التمثيل الضوئي وينتج عنه اختفاء أسماك معينة كانت تتغذى على يرقات حيوان نجم البحر الشوكي والمعروف بشراهته في التهام كميات كبيرة من الشعاب المرجانية. الغوص العشوائي من المؤثرات على البيئة الطبيعيةالتسرب النفطي أكبر المخاطر التي قد تعجل بالقضاء على الثروة البحرية الطبيعيةعندما يختل التوازن البيئي لن تجد الطيور تتغذى على النباتات البحريةاختلال العمود المائي وارتفاعه في حرارة المياه يؤدي لهجرة الأسماك من السطح للقاع الدكتور محمد زيادة خلال حديثه لـ «اليوم»