«إدارة المرور يجب أن تكون طرفا آخر في تلك الحملة»
العنوان «خلونا نحييها».. تابعت بشغف ولهفة ذلك العنوان الجميل، وكنت أعتقد أنها أرض زراعية أو عقارية أو تجارية يقومون بإحيائها، لكن عندما تابعت الموضوع من خلال التغطية الموجودة بهذه الجريدة، في لقاء جمع كبار كتاب اليوم في ضيافة رئيس التحرير الأستاذ عبدالوهاب الفايز، وكذلك المسؤولون عن تلك الحملة، وفي مقدمتهم رئيس الحملة الشيخ عبدالعزيز التركي؛ اختلف الرأى، فأصبح المقصود هو الإنسان أنا وأنت.
لم أكن أتوقع بأن أقرأ تلك الأرقام المذهلة والمخيفة والإحصائيات التي عرضها رئيس الحملة الشيخ عبدالعزيز التركي، ونشرت في اللقاء حيث إن هناك 14000 مريض بحاجة إلى زراعة كلى، بينما يجرى سنويا 550 حالة زراعة فقط من الحالات الموجودة على قوائم الانتظار، تصوروا ليس هناك مقارنة بين المتبرعين وعدد المنتظرين، حيث يفوق هذا الرقم من الحالات التي تم انقاذها بحوالي 13000 حالة أو يزيد في انتظار النجاة بمن يتبرع لهم.
أيضا حالات مرض الفشل الكبدي 1500 حالة فشل تام بينما تتم زراعة من 50 إلى 120 كبدا سنويا، والرقم يعد ضخما بالنسبة لتلك الحالات المرضية، مقارنة مع حالات الزراعة حيث تفوقها بحوالي 1300 حالة وما يزيد على ذلك.
إن تلك المباردة الرائعة لنشر الوعي فيما بين المجتمع، من الأعمال التي تجد الصدى الكبير في شتى بقاع الوطن، ويقوم بها الكثيرون لما يتحقق عن ذلك من ايجابيات كبيرة في جميع الجوانب، فنجد أن الهدف من مبادرة حملة التبرع بالأعضاء هو إحياء نفس على وشك الهلاك، وذلك من خلال نشر ثقافة التبرع بالأعضاء من الحالات التي قد انتهت حياتها دماغيا، فمن الممكن ان تكون أعضاء تلك الحالات سبب حياة لحالة أخرى تنتظر بصيص أمل مع العلم أن الأولى انتهت لا محال فيها "المتوفين دماغيا".
تعد حملة "خلونا نحييها" من أهم الأضلع الهامة في حياتنا؛ لما لها من أعمال رائعة ذات فائدة كبيرة، فنجد أن ما تنادى به الحملة يحرك مسارات اجتماعية وإنسانية ودينية في الفكر الاجتماعي العام، فهي تنادي بالعمل الخيري وايضا العمل المجتمعي، وأيضا ما تنادي به يكون سببا في حياة جديدة لبعض الناس لمن ابتلوا ببعض الأمراض.
يعتبر مجتمعنا مقارنة بمجتمعات أخرى قليل النسب في الإصابة بالأمراض المتفشية التي تحتاج إلى زراعة الأعضاء واستبدالها، وفي المقابل يوجد شلال وفيات في الحوادث المرورية فقط، فلو كان هناك مقارنة بالنسب والأعداد؛ لوجدنا أن الحوادث المرورية ينجم عنها وفيات أكثر، فلماذا لا نتجه نحو أخذ الأعضاء من ضحايا الحوادث المرورية والمتوفين دماغيا فيها...؟ وهذا أحد أنواع التبرع والعمل الصحيح نحو انقاذ حياة ناس في حاجة ماسة لذلك.
لذا فإدارة المرور يجب أن تكون طرفا آخر في تلك الحملة، وذلك لوجود رصيد ممن يموتون دماغيا في الحوادث المرورية ومن خلال القيام بما هو مستطاع تجاه الامر وتوجيه الجهود نحو غرس فكرة التبرع بالأعضاء، وأيضا التوعية والارشاد بذلك في حين وقوع الحادث.
أيضا على جانب آخر يجب أن يكون هناك وعي شامل طبيا لدى الجميع، من خلال الحملات وتكثيفها؛ للتحفيز على التبرع بالأعضاء من أجل إحياء إنسان على مشارف الهلاك ونجاته.
أخيرا، نثني على دور هذه المؤسسة الصحفية «جريدة اليوم» عندما جمعت كبار كتاب الرأى وبعض المشايخ والفضيلة والمسئولين عن الحملة، في محفل توعية يعد فارقا وهاما، وننتظر منهم المشاركة بالقلم كأقل تقدير؛ لدعم جهود الحملة وإقناع الناس بضرورة التوقيع على التبرع، فهو ذو أهمية كبرى؛ لإنقاذ حياة آخرين ينتظرون الحياة وهم على الأسرة البيضاء.